الكوليرا يُهدّد سكان الحسكة ولا حلول لأزمة المياه
الحسكة – نورث برس
ترقد أمل علوش، (30 عاماً)، برفقة طفلتها منذ ثلاثة أيام، في المشفى الوطني، بمدينة الحسكة، جرّاء إصابتهم بإسهال حادّ واستفراغ مُستمر.
وعلى غرار “علوش”، يستقبل المشفى الذي تُديره الإدارة الذاتية، لشمال وشرق سوريا، نحو 30 مريضاً متوسطياً بشكل يومي، يعانون من أمراض معوية وحالات قصور كلوي.
وأرجع أطباء في المشفى؛ السبب إلى استعمالهم لمياه ملوّثة من مصادر غير مُؤمّنة.
وبينما لا تقوى السيدة الثلاثينية، على مفارقة الفراش، تقول نهلة هبو؛ وهي إحدى قريباتها والتي رافقتها للمشفى، إنهم يعتمدون على مياه الصهاريج وغالباً ما تكون مُرّة.
وتُضيف، “لا يوجد لدينا مصدر آخر للحصول على المياه، ومُجبرين على الشراء من الصهاريج”.
وتُعاني الحسكة، من مشكلة المياه منذ حوالي ثلاث سنوات، بعد أن سيطرت تركيا، وفصائل المعارضة الموالية لها، على سري كانيه؛ والتي تضمّ محطة مياه علوك.
وتقطع تركيا والفصائل؛ المياه عن المحطة، ما تسبّب بأزمة مياه في الحسكة، حيث تُعتبر المحطة المُغذّي الرَّئيسي للمدينة وريفها.
وكحلولٍ بديلة، يلجأ السكان لشراء المياه من الصهاريج التي تنقلها من الآبار، دون خضوع معظمها للمراقبة والتعقيم، والتي غالباً ما تكون غير صالحة للشرب، ما تُسبّب إصابة السكان بأمراض.
ووفق تقديرات مديرية المياه بالحسكة، يعمل نحو 600 صهريج ضمن المدينة لإمداد السكان بالمياه.

خطر الكوليرا
وفي غرفة أخرى، ضمن المشفى الوطني، تجلس نيروز علي، بالقرب من شقيقتها المُمدّدة على سريرها؛ بعدما أوصى الأطباء ببقائها تحت المراقبة، بعد أن أصيبت بدورها بالإسهال وظهور عليها أعراض قصور كلوي.
وتقول “علي”، إنه منذ أكثر من شهر، لم تصلهم المياه عبر الشبكة، ما يضطّرهم للشراء من الصهاريج.
ويؤكد فارس حمو، طبيب داخلية وعصبية في الحسكة، أن استخدام المياه من مصادر غير موثوقة تُسبب انتشار الأمراض المعوية وإسهالات وقصور كلوي.
فيما بات خطر مرض الكوليرا يُهدّد السكان، وسط ظهور أعراض على الكثير من المرضى، وعدم وجود بدائل آمنة لمياه الشرب.
والأسبوع الماضي، سجّلت الإدارة الذاتية، إصابات بمرض الكوليرا في الرقة ودير الزور، قالت إنها ناتجة عن تلوّث مياه الشرب.
وتناشد هيئة الصحة، في الإدارة الذاتية، المنظّمات الدولية، وعلى رأسها منظّمة الصحة العالمية؛ لتقديم الدّعم اللازم للحدّ من انتشار الكوليرا.
ووفقاً لمصادر مطّلعة، ذكرت لنورث برس، أن مشفى اللؤلؤة الذي يخضع لسيطرة حكومة دمشق، ضمن المربع الأمني في الحسكة، تمّ فيه التأكيد على كثير من حالات الإصابة بالكوليرا، بعد إرسال تحاليل المرضى إلى دمشق، دون الحصول على معلومات دقيقة لأعداد المصابين.
“مياه مُجرثمة”
ولم تُنكر نوال صبري، الرئيسة المشاركة لمديرية المياه، في الحسكة، التقصير في مراقبة جميع الصهاريج الخاصة التي تمدُّ السكان في المدينة بالمياه، مما يدفع بالكثيرين للحصول على المياه من آبار غير معقّمة وصالحة للاستهلاك البشري.
وتُشير المسؤولة، إلى أنهم يعملون على تأمين المياه للسكان عبر الصهاريج من المناهل التي أجروا لها التحاليل مُسبقاً والتأكُّد من صلاحيتها للشرب.
وتُضيف، “لكن مدّ المدينة بالمياه عن طريق الصهاريج لن يكون حلّ مُستدام، وستبقى هذه المُعضلة في استمرار وخاصة أن منطقة الحسكة، تحوي مليون نسمة وتأمين المياه في هذه الظروف صعب جداً”.
وبحسب مسؤولين في مديرية المياه، إن التّحالف الدولي قدّم مُؤخّراً، 25 صهريجاً؛ لتوزيع مياه الشرب في الحسكة.
ومع تفاقم أزمة المياه في الحسكة، عمد الكثير من السكان إلى حفر الآبار بالقرب من منازلهم بهدف استخدامها للاستعمالات المنزلية، وتخفيف الأعباء المادية الطائلة التي يدفعونها شهرياً؛ بهدف الحصول على المياه من الصهاريج.
إلا أن مراقبين يؤكّدون بأن هذه المياه من الآبار؛ تُؤثّر بشكل كبير على منسوب المياه الجوفية، بالإضافة إلى أن مياه الكثير من الآبار غير صالحة للشرب، نظراً لاختلاطها مع مياه الصرف الصحي.
ويقول عثمان كدو، رئيس مخبر المياه في الحسكة، لـنورث برس، إن مياه الآبار ضمن مدينة الحسكة، هي مُجرثمة، وشوارد النترات والأمونيوم عالية، وإن هذه المواد مُسرطنة، مما يُسبّب أمراض سرطانات و أمراض جلدية خطيرة.
ولم يستبعد “كدو”، بأن استخدام هذه المياه التي تحوي المواد المُسرطنة، يزيد من مرض الكوليرا الشائع حالياً.