دمشق ـ نورث برس
صعّدت إسرائيل في الفترة الأخيرة، من استهدافاتها لمناطق في سوريا، تركّزت على مستودعات للفصائل الإيرانية، ويأتي التصعيد في وقت تسعى فيه دول الاتفاق النووي للتوصُّل إلى صيغة جديدة للاتفاق مع إيران، وسط مخاوف إسرائيلية من تداعياته.
وأمس، وللمرة الثانية خلال أسبوع، استهدفت صواريخ إسرائيلية مطار حلب الدولي، أسفر عن وقوع أضرار مادية بالمطار.
والأسبوع الماضي، تعرَّض محيط مطار حلب الدولي؛ لهجوم صاروخي إسرائيلي، أدى إلى وقوع أضرار مادية بالمطار.
وفي اليوم ذاته، وبعد نحو ساعتين من قصف مطار حلب، تعرّضت مواقع في العاصمة السورية، دمشق وريفها؛ لقصف صاروخي إسرائيلي.
وأمس الأربعاء، قال وزير الخارجية والمغتربين، في الحكومة السورية, فيصل المقداد, إن “الصمت العربي والدولي المُطبق، سمح للعدو بمواصلة اعتداءاته التي لم تلقَ أي إدانة أو اعتراض حتى؛ على استهداف المرافق المدنية للسوريين”.
وأضاف، في تغريدة له على تويتر, أن “سوريا تحتفظ بكامل حقوقها في مساءلة سلطات الاحتلال الإسرائيلي، وتحميلها كل المسؤولية القانونية والأخلاقية والسياسية والمالية، عن استهداف مطاري دمشق وحلب الدوليين بشكل مُتعمّد”.
وفي وقت سابق، قال المقداد، إن “إسرائيل تلعب بالنار، وتُعرّض الأوضاع الأمنية والعسكرية في المنطقة للتفجير”.
وحينها، نقلت صفحة وزارة الخارجية والمغتربين، على “فيس بوك”، عن المقداد، قوله إن “سوريا لن تسكت في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة”.
وهدّد الوزير السوري، بأن “الإسرائيليون سيدفعون الثمن؛ عاجلاً أم آجلاً ”.
وشدّد، على أن سوريا “لن تغيّر من مواقفها”، وأنه على إسرائيل أن “لا تُراهن وتخطئ في الحسابات”.
وحمّل الوزير السوري، الولايات المتحدة، والدول الغربية، مسؤولية كثافة الهجمات الإسرائيلية على سوريا.
وطالب المقداد، مجلس الأمن الدولي، والأمم المتحدة، بإدانة الهجمات الإسرائيلية على الأراضي السورية؛ مما يُهدّد السلم والأمن الإقليمي والدولي.
قصف إسرائيلي
وفي الخامس والعشرين من آب/ أغسطس، الماضي، تعرّضت عدّة مواقع في الريف الغربي، لمحافظة حماة، لغارات جوية إسرائيلية، استهدفت نقاطاً عسكرية.
وبعدها بيومين، قال نائب مدير المركز الروسي للمصالحة، في قاعدة حميميم، في سوريا، اللواء أوليغ يغوروف، في بيان، إن الدفاعات الجوية السورية، “أسقطت صاروخين، و7 قذائف موجّهة من سماء شرق المتوسط، استهدفت مركزاً علمياً سوريا للأبحاث في مدينة مصياف، بريف حماة الغربي”، وذلك بواسطة أنظمة “بانتسير إس 1″، و”إس 75” روسية الصنع.
وقبلها بأسبوع، قُتل ثلاثة عناصر من القوات الحكومية، وأُصيب ثلاثة آخرون، بقصفٍ إسرائيلي، استهدف مواقع عسكرية بمحافظتي ريف دمشق وطرطوس.
وفي الثاني عشر من آب/ أغسطس، الماضي، أُصيب شخصان بجروح، في قصف إسرائيلي، استهدف بلدة شمالي القنيطرة، جنوب غربي سوريا.
والاستهداف الإسرائيلي الأخير؛ الذي ضرب مطار حلب، هو الرابع والعشرون للأراضي السورية خلال العام 2022.
خطوط إمداد إيران
معظم الاستهدافات الإسرائيلية لسوريا، تركّزت على مستودعات إيرانية، كما استهدفت تحرُّكات للأخيرة.
وكثّفت إسرائيل؛ الضربات على مطارات سوريا؛ لتعطيل استخدام إيران المتزايد لخطوط الإمداد الجوي، لتسليم أسلحة لحلفائها في سوريا، ولبنان، بما في ذلك حزب الله، حسبما أفادت مصادر دبلوماسية واستخباراتية لـ”رويترز”.
ولجأت طهران للنقل الجوي؛ كوسيلة أكثر أمناً لتزويد قواتها والفصائل التابعة لها؛ بالعتاد العسكري في سوريا، بعد تعطُّل عمليات النقل البري.
وكان قيادي في تحالفٍ إقليمي تدعمه طهران، أبلغ “رويترز”، أن هجوم الأسبوع الماضي، ألحق أضراراً بمطار حلب، قبل وصول طائرة من إيران.
وفي الثاني، من هذا الشهر، قالت، المتحدثة باسم الخارجية الروسية, ماريا زاخاروفا, في بيان, إن “موسكو تعتبر التحرُّكات غير المسؤولة المماثلة من جانب إسرائيل غير مقبولة على الإطلاق، وتُدينها بشدة، لأنها تُعرِّض المنطقة بأكملها لخطر عواقب وخيمة”.
وحثّت زاخاروفا، إسرائيل، على وقف جيشها المُسلّح؛ لاستفزازاته ضد “الجارة سوريا”.
ونهاية الشهر الماضي، دعا وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إسرائيل لاحترام سيادة الأراضي السورية.
تخوُّفات
وعليه، توقّع إيغور كوستيوكوف، رئيس الإدارة الرئيسية؛ لهيئة الأركان العامة الروسية، أن تتحول سوريا إلى ساحة مواجهة بين إسرائيل وإيران، متّهماً الولايات المتحدة الأميركية، بالوقوف خلف هذا الدفع.
وقال ”كوستيوكوف”، خلال مشاركته في مؤتمر “موسكو للأمن الدولي”، منتصف الشهر الماضي، إن هناك خطراً من أن “تتحوّل سوريا، بدفع من الولايات المتحدة، إلى ساحة مواجهة إسرائيلية إيرانية”.
ونهاية الشهر الماضي، كشفت صحيفة نيويورك تايمز، نقلاً عن مصدر في دمشق، أن الحكومة السورية, طلبت من إيران ووكلائها، عدم شنّ هجمات ضد إسرائيل من أراضيها، تجنُّباً لاندلاع حرب شاملة في البلاد.
وجاء ذلك، خلال اجتماع افتراضي على الإنترنت، منذ حوالي عام, جمع كلاً من إيران، والأحزاب المدعومة منها في سوريا، والعراق، وحزب الله في لبنان، واليمن، وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي.
وقال المصدر: ”بسبب هذا الطلب، استهدف محور المقاومة، بقيادة إيران، القواعد الأميركية في سوريا، أملاً منهم بأن يدفع ذلك الولايات المتحدة إلى الضغط على إسرائيل لوقف ضرباتها”.
بدوره، قال المبعوث البريطاني الخاص لسوريا، جوناثان هارغريفز، إن حملة الضربات الجوية الإسرائيلية ضد أهداف عسكرية إيرانية، “ربما تكون الشيء الوحيد الذي ينجح في سوريا”.
خطورة إيران
وتخشى إسرائيل من الخطورة النووية لإيران، خاصة في ظلّ اللقاءات والمشاورات، للتوقيع على اتفاق جديد بين دول الاتفاق النووي وإيران.
ولكن مسؤولين أميركيون وإسرائيليون، قالوا لموقع أميركي، إن إدارة بايدن، تسعى في الأيام الأخيرة، إلى طمأنة إسرائيل بأنها لم توافق على تنازلات جديدة مع إيران، وأن الاتفاق النووي ليس وشيكاً.
والشهر الماضي، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، يائير لابيد، إن إسرائيل ستواصل القيام بكل شيء من أجل منع إيران من التوصُّل إلى قدرات نووية.
وقبل يومين، أصدر الجيش الإسرائيلي بياناً، بمناسبة مرور 15 عاماً، على قصفِ مفاعل نووي في سوريا، وكشف “لأول مرة” وثيقة استخباراتية تعود إلى عام 2002، تدور حول مشروع نووي “سرّي” مشتبه به في سوريا.
وقال البيان: “في تاريخ السادس من سبتمبر، 2007، دمّرت مقاتلات الجيش الإسرائيلي، المفاعل النووي السوري، في دير الزور”، في إشارة إلى الغارة الجوية التي شنّتها على منشأة الكبر، قرب دير الزور، شرقي سوريا.
وأضاف البيان: “في الذكرى الخامسة عشر، لاستهداف المفاعل، يُكشف النقاب، لأول مرة، عن وثيقة استخباراتية؛ تعود إلى عام 2002، تضمّنت تقديراً استخباراتياً؛ بأن سوريا تحاول دفع مشروع استراتيجي، لم يتمّ التعرُّف على مزاياه بعد، لكنه يثير شكوكاً حول اهتمامٍ في مجال إنتاج تهديدٍ نووي، من الجبهة الشمالية”.