قاطعون حدود دول مختلفة.. رحلة سوريين من تركيا إلى أوروبا
إدلب – نورث برس
ينشغل لؤي حالياً بإجراءات لم الشمل لزوجته وطفليه ليتمكنا من اللحاق به بشكل قانوني إلى محطته النهائية العاصمة النمساوية فيينا.
ثلاثة أشهر قضاها لؤي عباس (32 عاماً) متنقلاً بين غابة وأخرى قاطعاً حدود دول مختلفة، حتى وصل قبل شهرين إلى فيينا باحثاً عن حياة ومستقبل أفضل بعد أن فقد الأمل بذلك في تركيا التي كان لاجئاً فيها منذ نحو سبع سنوات.
رحلة الشاب الثلاثيني الذي ينحدر من مدينة حمص، وسط سوريا، كان لها مثيلات كُثر يقدرها البعض بالمئات خلال الأشهر القليلة الماضية، حيث غادر لاجئون سوريون تركيا باتجاه أوروبا.
ووفقاً لشبان سوريين وصلوا إلى أوروبا خلال الفترة الأخيرة، فإن تردي الأوضاع المعيشية وازدياد “العنصرية” بحقهم في تركيا، إضافة إلى ترحيل سوريين إلى ما تسمى بـ”المنطقة الآمنة” في الشمال السوري، كانت أسباباً دفعتهم للمخاطرة والهجرة إلى أوروبا.
ويتهم سوريون السلطات التركية بـ”التضييق” عليهم، لدفعهم إلى العودة إلى الشمال السوري الخاضع لسيطرة المعارضة السورية.
ويشكون مؤخراً من صعوبة العثور على منزل للإيجار، بسبب إغلاق تركيا عدداً من الأحياء بوجه عموم الأجانب من عرب وغيرهم، لتجنب تشكيل تجمعات عربية من جنسيات محددة في مناطق محددة تتسبب بمشاحنات واحتكاكات مع الأتراك، بحسب لاجئين سوريين.
مخاطر
يقول “عباس” الذي دفع عشرة آلاف يورو حتى وصل إلى وجهته الأخيرة، إن المعيشة وبعد انهيار الليرة التركية باتت صعبة للغاية في تركيا وبالكاد كان يستطيع تأمين قوت عائلته، وخاصة مع ارتفاع أسعار الكهرباء والمياه وإيجارات المنازل.
وقضى الشاب سبع سنوات من حياته في مدينة مرسين التركية، عمل بمهن مختلفة وبأجور “بخسة” مقابل ساعات عمل طويلة، دون أن “أؤمن مستقبل عائلتي”.
ويرى “عباس” كما غيره من الذين وصلوا لأوروبا أن الحياة هناك تختلف كثيراً عما هي عليه في تركيا.
ويشرح ذلك بأنه “في تركيا سوف تنتهي حياتنا ونحن نعمل من أجل قوت أطفالنا، بينما في أوروبا فيمكننا العيش بشكلٍ مبدأي على الرواتب التي تقدمها الدول لللاجئين، ومن ثم إذا أردنا يمكننا العمل دون التعرض للاستغلال كما يحدث في تركيا”.
ودفع قيس الوليد (23 عاماً)، ما يقارب 8250 يورو حتى وصل إلى برلين قادماً من تركيا قبل نحو أربعة أشهر في رحلة استغرقت 27 يوماً.
وتعرض الشاب برفقة 15 شخصاً لكسور مختلفة، قبل أيام من وصولهم إلى برلين، نتيجة حادث مروري تعرضت له السيارة التي كانت تقلهم بالقرب من الحدود بين المجر وصربيا.
لا ينكر “الوليد” وهو لاجئ من ريف حماة الشمالي كان يقيم في مدينة أنطاكيا جنوبي تركيا، أن رحلته كانت محفوفة بالمخاطر، حيث تنقل بين عدة أماكن بينها اليونان وألبانية وكوسوفو وصربيا والمجر والنمسا.
يقول الشاب إنه خاطر بكل هذا للخروج من تركيا التي “عانينا فيها كثيراً طيلة السنوات الخمس الماضية من عنصرية واستغلال وضياع للحقوق”.
محاولات عبور لم تنجح
ولم يحالف الحظ سامح المحمد (38 عاماً)، حتى الآن للخروج من الأراضي التركية التي وصل إليها لاجئاً مطلع العام 2017 وذلك على الرغم من عشرات المحاولات التي حاول فيها اجتياز الحدود التركية واليونانية.
لكن “المحمد” يؤكد أنه سيستمر بالمحاولة إلى أن ينجح بالخروج من تركيا.

يقول هو الآخر إنه خلال فترة إقامته في تركيا على مدار السنوات الماضية واجه مختلف “أنواع الاستغلال والعنصرية” لا سيما وأنه كان يقيم في إحدى أشهر المناطق “عنصرية” للسوريين في مدينة إسطنبول.
وقبل نحو أربعة أشهر رحّلت تركيا “المحمد” ولكنه عاد للدخول إليها مرة أخرى بعد عدة محاولات عن طريق التهريب ودفع 2500 دولار.
يشير إلى أنه لم يعد بإمكانه البقاء في تركيا، لأنه بات أشبه بـ”السجين” كونه لا يستطيع السير في الشوارع ولا حتى العمل بسبب إلغاء بطاقة الحماية المؤقتة “الكيملك” الخاص به بعد ترحيله.
كما أن جميع تحركاته اليوم باتت محصورة ويضطر لدفع المال في كل خطوة يسير بها داخل تركيا، ويسعى اليوم جاهداً لدخول الأراضي اليونانية ومنها إلى أوروبا.
ويضيف: “في الحقيقة في كل محاولة دخول إلى اليونان أتعرض للضرب المبرح من قبل حرس الحدود اليوناني، جسدي بات مهشماً، لكن لا خيار آخر لذي فأنا مضطر للمحاولة حتى أنجح”.