“إلى أين نذهب؟”.. تساؤلات سكان ونازحين في تل تمر من القصف التركي
تل تمر – نورث برس
في بلدة تل تمر شمالي الحسكة، لا تخفي جنار صالح (48 عاماً) مخاوفها من التصعيد التركي الأخير، الذي بات يدق ناقوس الخطر لمناطقهم، معبرة عن خشيتها بأن تتجه الأوضاع نحو الأسوأ.
ومنذ انتهاء اجتماع طهران الثلاثي بين روسيا وإيران وتركيا في الـ20 من الشهر الماضي، صعدت أنقرة من هجماتها على مناطق شمال شرقي سوريا، في تجاهل واضح لاتفاقية وقف إطلاق النار التي أبرمت في تشرين الأول / أكتوبر 2019.
وعلى وقع هذه الهجمات والتهديدات المستمرة لتركيا في المنطقة، يعيش السكان على خطوط التماس شمالي الحسكة، في قلق دائم خشية على مصيرهم.
وتقول السيدة الأربعينية، التي تتردد أصوات القصف إلى منزلها بين الحين والآخر، إنه “ما دامت القوات التركية مستمرة في هجماتها فلن تعيش المنطقة في استقرار”.

وتضيف، وهي تقف في بهو مؤسسة ترعى عائلات الضحايا اللذين فقدوا حياتهم ضد هجمات القوات التركية وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وسط البلدة، “الجميع هنا لا يشعرون بالراحة وهذا أثر على حركة الأسواق والبضائع والأوضاع المعيشية”.
وتقول “صالح” عن غياب الموقف الدولي تجاه الهجمات التركية المتكررة، “تحصل هذه الهجمات أمام مرأى جميع العالم دون أن يحرك ساكناً، تركيا تقول إنها تستهدف الإرهابيين لكن الجميع يشاهد بأم أعينهم أنها تستهدف أطفالاً ونساء”.
والثلاثاء الماضي، قصفت المدفعية التركية قرية قبور القراجنة شمالي تل تمر، واقتصرت الأضرار على المادية فقط.
وجاء ذلك بعد أقل من ساعتين على استهداف القوات التركية لـ5 قرى غربي البلدة، الأمر الذي أدى لنزوح سكان.
“إلى أين نذهب؟”
وتشهد أسواق تل تمر حركة جمود في البيع والشراء مؤخراً عقب تصاعد حدة القصف لريف البلدة، والذي أدى إلى نزوح سكان من منازلهم إلى المخيمات والقرى الجنوبية للبلدة البعيدة عن خطوط التماس التي تتساقط فيها القذائف.
كما أسفر القصف خلال الأسابيع الثلاثة الفائتة على ريف تل تمر، عن فقدان مدنيان لحياتهما وإصابة نحو 20 آخرين بينهم أطفال ومسنون بجروح متفاوتة نقلوا على إثرها لمشافي مدينة الحسكة، بالإضافة إلى أضرار كبيرة في منازل المدنيين والمرافق الحيوية.
وتتحدث إحصائيات مجلس تل تمر أن المنطقة تأوي نحو 30 ألف نازح من منطقة سري كانيه (رأس العين) وسكان ريف البلدة، وذلك عقب سيطرة القوات التركية عليها قبل أكثر من ثلاث سنوات أو الفارين من منازلهم بسبب استمرار القصف على خطوط التماس الواقعة شمال وغربي البلدة.
وأسوة بغيرها، تخشى سناء حمود وهي نازحة من سري كانيه التي تعيش برفقة طفليها في مدرسة تحولت لمركز إيواء بالبلدة، من مصير مجهول في حال أقدمت تركيا على تنفيذ ما تلوح به.
وتقول السيدة الثلاثينية التي فقدت زوجها في الحرب ضد تنظيم “داعش” عام 2019، أثناء مقاتلته ضمن صفوف قوات سوريا الديمقراطية، “الحياة في تل تمر باتت ميؤوسة بسبب القصف العشوائي”.
وتتساءل: “في حال حصول هجوم جديد فإلى أين نذهب؟”.
وقبل أيام، قصفت القوات التركية قرية غيبش القريبة من البلدة في ساعات متأخرة من الليل ما تسبب بذعر وخوف بين السكان.
مصير مجهول
وعلى قارعة الطريق الدولي M4 بالبلدة، ينتظر الشاب علي محمد (33 عاماً) أحد المارة لينقله إلى منزله في قرية الفرحية غرباً بعدما بات من الصعب إيجاد وسيلة نقل تقله، إلا في حال أقله أحد السكان الذين يسكنون في قرية مجاورة على نفس الخط، وهذا يوجب عليه الوقوف ساعات تحت أشعة الشمس.
وينحدر الشاب من قرية الخمسة بريف سري كانيه الجنوبي، ونزح منها أثناء سيطرة تركيا على منطقته قبل نحو ثلاث سنوات، لكن القصف التركي لا يزال يلاحقه في محطته الجديدة نظراً لوقوع القرية بالقرب من خطوط التماس.
ويعبر “محمد” الذي يحمل أكياساً تحوي خضراوات ومستلزمات منزلية، عن قلقه من القصف المستمر، ويقول: “عندما يحصل القصف نخلي منازلنا وعندما تهدأ الأوضاع نعود مرة أخرى للقرية”.
وأثر القصف المتكرر على الوضع المعيشي وضعف في الخدمات في القرى الواقعة على خطوط التماس.
ويخشى هو الآخر من هجوم تركي جديد في المنطقة، “إذا حصل هجوم جديد لا يوجد لنا مأوى آخر نقصده ولا نعلم ماذا سيكون مصيرنا”.
ويضيف بلهجته المحلية، “مو رايحة غير على الشعب وبس”.