تل تمر – نورث برس
في ظل موجة الحرّ التي تجتاح مناطق شمالي سوريا، تتحسر عائلة أحمد إبراهيم (63 عاماً)، النازحة في قرية تل نصري جنوبي بلدة تل تمر بريف الحسكة، للحصول على مياه باردة في ظل انقطاع التيار الكهربائي لتشغيل وسائل التبريد.
ويضطر “إبراهيم” بشكل شبه يومي لشراء قوالب الثلج لتأمين المياه الباردة، بينما ركن مولدته الكهربائية الصغيرة وسط بهو المنزل، حيث يقوم بتشغيلها لساعات قليلة خلال ذروة الحرارة، خاصة بعدما أصيب أحفاده بأمراض جراء ارتفاع درجات الحرارة.
ويقول المسن الستيني وهو يقف تحت أشعة الشمس في بهو المنزل، “ساعات الكهرباء قليلة جداً وبعض الأيام لا تأتي نهائياً، ونعتمد على مولدات البنزين ولها أعطال كثيرة، لكن لا نملك خياراً آخر، فأطفالنا أصابتهم أمراض بسبب الحرارة”. ويصف الوضع بأنه “سيء جداً”.
ويعاني مئات العائلات في ريف تل تمر من مشاكل خدمية عدة جراء التصعيد التركي الأخير ولا سيما مشاكل المياه والكهرباء وغيرها من حاجيات الحياة الضرورية.
وأودى القصف التركي قبل نحو عامين، لتدمير منزل “إبراهيم” في قرية أم الكيف، شمالي تل تمر، لتستقر العائلة المؤلفة من تسعة أشخاص في منزل مؤلف من غرفتين ضمن القرية المسيحية جنوباً التي غادرها سكانها قبل نحو سبع سنوات بسبب هجوم تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”.
“ننتظر فرج الله”
وإلى جانب الكهرباء، يشكو “إبراهيم” من مشكلة تأمين المياه الصالحة للشرب والتي تدفعه كما باقي سكان القرية النازحين إلى شرائها من الصهاريج الجوالة في المنطقة.
ويقول: “نشتري المياه بأربعة آلاف ليرة سورية للخزان الواحد، وسط استهلاك كميات أكثر بسبب ارتفاع درجات الحرارة”. ويضيف متحسراً على ما آل إليه حاله، “ننتظر الفرج من الله”.
وفي الجهة الشمالية من البلدة والتي هي الأكثر عرضة للقذائف التركية بسبب قربها من خطوط التماس، نزحت عائلات من قراها خلال الأسابيع الفائتة، بينما يأبى آخرون ترك ديارهم إلا أنهم يواجهون ظروفاً معيشية صعبة في ظل صعوبات إيصال الخدمات لهم.
وتعاني القرى الشمالية وبعض القرى الشرقية من البلدة من انعدام للتيار الكهربائي بعد أن طال القصف التركي خطوط التوتر، بينما تعزو الجهات المعنية عدم وصولها إلى موقع الضرر لوقوعه على خط التماس، لتغدو عشرات القرى في الظلام.
وما زاد معاناة سكان هذه القرى هو تصعيد القصف التركي الأخير، حيث تفاقمت مؤخراً مشكلة تأمين المياه الصالحة للشرب في ظل صعوبات إرسال بلدية الشعب بتل تمر صهاريج المياه، في ظل مخاوف من استهداف المدفعية والطائرات التركية لهم.
مشاريع لم تنفذ
وتشير روناز يونس، الرئيسة المشاركة لبلدية الشعب في تل تمر وهي تابعة للإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، إلى أنه كان لديهم مخطط لتنفيذ 14 مشروعاً في منطقة تل تمر متعلقة بالمياه والإنارة وصيانة وتعبيد الطرقات خلال الصيف الحالي.
وتلفت النظر إلى أنه ولوقوع تل تمر على خط التماس مع القوات التركية وتعرضها للقصف بين الحين والآخر، “لم ينفذ قسم من تلك المشاريع وخاصة مشروع صيانة وتعبيد الطرق في قريتي المجيبرة والكوزلية، بسبب الاستهداف التركي المتكرر”.
وتضيف: “القرى الشمالية والغربية من البلدة بحاجة إلى مياه لكن نجد صعوبات في إرسال الصهاريج بسبب القصف والاستهداف”.
وأمام هذه الصعوبات الخدمية، يحاول السكان المحليون في القرى، التكيف مع هذه المعاناة اليومية إلا أن ظروف المعيشة الصعبة تفرض عليهم واقعاً مريراً في تلبية حاجياتهم المنزلية.
وفي قرية عين العبد شرقي تل تمر القريبة من خطوط التماس، تقول الأربعينية هاجر عزو إنهم منذ نحو ثلاث سنين والكهرباء مقطوعة لديهم، بالإضافة إلى معاناة من نقص المياه والمازوت.
ويعتمد سكان هذه القرية، أسوة ببعض القرى المجاورة، على مياه الآبار للشرب والمستلزمات المنزلية، إلا أن تشغيل المولدة الكهربائية التي تعمل على الديزل تزيد من أعباء مادية تتجاوز قدرتهم في ظل عدم توفر فرص عمل جيدة.
وتعبر “عزو” عن حزنها بعد أن يبست أشجارها بسبب قلة المياه.
وتضيف: “نعتمد على مياه الآبار بواسطة مولدات تعمل على المازوت، لكن نقوم بتشغيلها وقت الحاجة فقط لكون سعر برميل المازوت بـ 85 ألف ليرة والوضع المادي ضعيف”.