“مقبرة السيارات” بحلب.. أعداد بالآلاف ولا تعويض لمالكيها

حلب- نورث برس

لم يحصل سامر طيبة (40 عاماً)، وهو من سكان حي تشرين بحلب، حتى الآن على تعويض بدل سيارته التي احترقت بفعل سقوط قذائف على المنطقة التي كان يعمل بها.

ويقول الرجل الذي كان موظفاً في فندق الشيراتون بحلب، إنه كان يركن سيارته “نوع كيا ريو 2007”  في باحة الفندق الخارجية وبفعل سقوط قذائف احترقت بالكامل.

وجاء قسم الشرطة المسؤول عن “قطاع بستان كل آب” وفتح محضراً وسجل ساعة وقوع الحادثة والأضرار وأخذ بيانات السيارة منه وسجل الفعل ضمن أقواله “ضد العصابات الإرهابية المسلحة”.

وحصل على صور عن حالة السيارة وأضرارها وصورة عن محضر الشرطة لمتابعة أمور التعويض من شركة التأمين الخاصة بالسيارات.

لكن الأخيرة قالت له حين مراجعتها، إن التأمين لا يضمن ولا يصلح ضد الأعمال “الإرهابية” وأنها مسؤولة عن الحوادث الناتجة عن حالات وفاة وحوادث بفعل القضاء والقدر.

وحملت سيارته إلى كراج الحجز وبعدها تم نقلها إلى حي هنانو شرق مدينة حلب، وإلى الآن عائلة الرجل دون سيارة أو تعويض.

وخلال سنوات الحرب وبفعل الاشتباكات العنيفة والقصف المتبادل بين القوات الحكومية ومسلحي فصائل المعارضة في أحياء حلب، تضررت أعداد كبيرة من السيارات والتي تعود منها لملك خاص للسكان ومنها للمؤسسات الحكومية.

واستخدم مسلحو المعارضة السورية مطلع عام 2012، الكثير من السيارات المتضررة لقطع الطرقات والشوارع الرئيسية لفصل الأحياء التي سيطرت عليها ضمن المدينة.

وكان هؤلاء يستخدمون باصات كبيرة الحجم ويضعون اثنين فوق بعضهما كسواتر لحجب الرؤية وتجنب الإصابات في الاشتباكات التي تدور بينهم، وخاصة عند معبر بستان القصر وقرب طريق عين التل، قرب تخوم حي الشيخ مقصود، بحسب شهادات سكان.

6000 سيارة

وبعد سيطرة القوات الحكومية على كافة أحياء حلب وتحديداً خلال العامين 2017 و 2018، جُمعت السيارات الصغيرة منها والكبيرة وباصات النقل الداخلي من شوارع المدينة ووضعت في هنانو.

وكان هنانو أول الأحياء التي باشرت القوات الحكومية اقتحامها في بداية أيلول /سبتمبر 2016، لتعلن بعدها طرد مسلحي المعارضة السورية من كافة أحياء حلب.

ويعد الحي من أكبر أحياء حلب من حيث الحيز الجغرافي ويتميز بنظام عمراني حديث مختلف عن باقي الأحياء في المدينة.

ويقع في الجزء الشرقي للمدينة ويبعد عن مطار حلب الدولي نحو 5 كيلومترات، ويجاور أحياء الصاخور والحيدرية ويفصله عن حي طريق الباب، طريق عام للمطار.

وتقدر أعداد السيارات المحطمة التي شكلت “مقبرة للسيارات” في الساحات الفارغة ضمن حي هنانو بما يزيد عن 6000 سيارة، في آخر إحصائية صرحت عنها محافظة المدينة نهاية عام 2018.

وإلى تاريخ اليوم، لم تكشف الحكومة السورية مصير تلك السيارات ولا طرق تعويض أصحابها، بينما طالب الكثير منهم الحكومة في فتح باب شراء سيارات مستعملة.

“أصبحت مجرد خردة”

وفي حي المشهد بحلب، خسر أحمد القاسم (35 عاماً)، ثلاث سيارات، واحدة نوع شحن صغيرة (سوزوكي) واثنتان نوع هوندا (عمومي) لنقل الركاب، بقصف الطائرات.

ورغم اشتداد المعارك في حييه، بقي “القاسم” في الحي، وفي آذار/ مارس من عام 2014، تعرض الشارع الذي يسكن فيهللقصف وتضررت سيارات العائلة نتيجة انهيار البناء المواجه له على الشارع.

 وبعد إعادة فتح الشارع وترحيل الأنقاض جراء القصف، قام الرجل بسحب السيارات المدمرة وجمعها في فسحة بين الأبنية كونها أصبحت مجرد خردة لا تنفع لشيء.

وبعد استعادة سيطرت القوات الحكومية على الحي نهاية 2016 ، توجه “القاسم” إلى قسم الشرطة الموجود في حي سيف الدولة لإجراء ضبط بأضرار حادثة السيارات، وطلب منه القسم شهوداً على الحادث وأن السيارات تضررت بفعل قصف مسلحي المعارضة على الحي.

وخرج  حينها دون إجراء الضبط، وفي آب/  أغسطس من عام 2017 جاءت سيارات من فرع المرور والبلدية وحملت حطام السيارات من الشارع دون حتى السؤال لمن تعود هذه السيارات.

إعداد: رافي حسن- تحرير: سوزدار محمد