أسعار مرتفعة وضائقة مادية تلغي المربيات من موائد عائلات في حلب
حلب- نورث برس
لم تعد أم إحسان (60 عاماً) وهي من سكان حي الخالدية مدينة حلب، شمالي سوريا، تمارس طقوسها الصيفية المعتادة في صناعة المربيات.
المرأة الستينية التي اعتادت على تجهيز علب المربى وإرسالها إلى منازل بناتها وأبنائها مع احتفاظها بقسم وافر من إنتاجها لتقديمه لضيوفها، لم تسعفها الأسعار وغلاء المواد الأساسية في تحضير مؤونتها من المربيات.
تقول أم إحسان، التي اكتفت بالتعريف عن نفسها بهذا الاسم، “لن أتمكن هذا العام من إرسال المؤونة لبناتي وأولادي ولن أطعم أحفادي ما اعتادوا عليه حين القدوم لمنزلي”.
وتعد صناعة المربيات جزء أساسياً من المؤونة الشتوية، حيث تبدأ النسوة بتحضيرها بأشكالها وأنواعها المختلفة من بداية فصل الصيف وحتى نهايته.
فمن مربى الورد في أيار/ مايو، إلى معقود المشمش في الشهر الذي يليه، إضافة لمربى الكرز وانتهاءً بمربى التين والقرع الرومي.
فمع كل موسم فاكهة أو خضار، يُصنع نوع معين من المربى، حيث تحضر كل عائلة الكميات التي تحتاجها ويتم تخزينها للاستهلاك في الشتاء وتتنافس النسوة فيما بينهن على جودة ما يصنعنه وشكله وطعمه.

لكن وفي ظل الظروف المعيشية الصعبة التي تزداد سوءاً، عزفت عائلات عن هذا التقليد في ظل ارتفاع أسعار المواد اللازمة لتحضير المربى والتي وصلت لأرقام فاقت قدرة سكان على التحمل.
ويصل سعر الكيلو الغرام من كرز الوشنة إلى 17 ألف ليرة، وكيلوغرام السكر لخمسة آلاف ليرة، وأسطوانة الغاز من السوق الحرة 90 ألف ليرة.
أي أن تكلفة صناعة 10كيلوغرامات من مربى الكرز ستبلغ نحو 170 ألف ليرة ما بين ثمن شراء الكرز و6 كيلوغرام من السكر بـ 30 ألف ليرة، إضافة لتكاليف شراء أسطوانة الغاز، وهذه أرقام يصعب دفعها بالنسبة لكثيرين، في ظل تدني أجور العاملين في المؤسسات الحكومية.
وفي محله الخاص ببيع المواد الغذائية بحي شارع النيل بحلب، يقول يحيى قزاز(52 عاماً)، إنه كان يبيع في مثل هذه الأوقات من كل عام كميات جيدة من السكر، لكن “هذا العام الكميات المباعة ضئيلة للغاية”.
ويشير البائع إلى أن العديد من زبائنه ممن اعتادوا على طلب كميات من السكر تصل أحياناً لكيس سعة (50 كغ)، لم يشتروا هذا العام. ويصل سعر كيس السكر لـ240 ألف ليرة سورية.
وكان محمود عطرجي (33 عاماً) وهو صاحب محل لبيع الخضار في حي الخالدية بحلب، يخصص في مثل هذه الأيام الفواكه والخضار المخصصة لصناعة المربيات وكان هذا الموسم يدر عليه “أرباحاً جيدة” نظراً للكميات التي كان يبيعها.
وخلال المواسم السابقة كانت الأسر تشتري على الأقل 25كيلوغرام مشمش سعر الكيلو أربعة آلاف ليرة، و15 كيلوغرام كرز، هذا عدا عن الإقبال على الفواكه كالدراق والخوخ والفريز والتفاح الأخضر وحتى الخضار كالباذنجان والقرع، بحسب “عطرجي”.
لكن موسم صناعة المربيات هذا العام، يصفه “عطرجي” بأنه “الأسوأ”، فقلة قليلة هي من اشترت بعض الفواكه كالمشمش لصناعة المربى وبكميات لا تتجاوز 5كيلو غرام.