تل تمر – نورث برس
على رصيف الطريق الدولي M4 في بلدة تل تمر شمالي الحسكة، شمال شرقي سوريا، يبيع الشاب عبدالقادر حامشلي البطيخ الأحمر على قارعة الطريق.
ومع حلول الظهيرة لم يتمكن بائع البطيخ العشريني، من أن يبيع الكميات المأمولة، بسبب تراجع حركة العمل جراء التصعيد العسكري التركي مؤخراً على ريف البلدة.
وعاش سكان البلدة الصغيرة خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة، حالة من القلق والخوف عقب نزوح سكان على خطوط التماس شمالي وغربي البلدة عن ديارهم والتوجه إلى المخيمات والقرى الآمنة جنوباً.
وأثر القصف التركي المستمر على محيط البلدة على حركة العمل في مختلف المجالات، وخاصة المشاريع الصغيرة التي تعتمد عليها شريحة من ذوي الدخل المحدود، لتعيش الأسواق المحلية في ركود وتراجع لحركة المتسوقين.
ويؤكد البائع وهو نازح من مدينة حلب، بأن حركة العمل تراجعت كثيراً بسبب القصف.
ويقول “حامشلي” الذي يرتدي بدلة حمراء وهو يراقب المارة لعله يبيع بضاعته، “سابقاً كانت حركة العمل جيدة، كنت أبيع نحو شاحنتين من البطيخ يومياً، بينما الآن بالكاد أبيع طناً واحداً في الأسبوع”.
ويشير إلى أن تراجع حركة العمل أثر بشكل مباشر على وضعه المعيشي، “حالياً نصرف ما بين 50 إلى 60 ألف ليرة يومياً، مقارنة مع دخلنا اليومي الذي يصل لـ 10 آلاف يومياً، وهذا يضعنا أمام تحديات حياتية”.
وتنتشر على الرصيف العام للطريق الدولي عشرات البسطات والأكشاك، تعتبر مصدر كسب عائلات لتأمين قوت معيشتها، وسط ظروف اقتصادية صعبة وعدم توفر فرص عمل أفضل بديلة.
ويشير أصحاب البسطات إلى أن أغلب مبيعاتهم تعتمد على القادمين من الأرياف لكن بعد القصف الأخير تراجعت الحركة كثيراً بسبب المخاوف من الاستهدافات المتكررة ونزوح عائلات من منازلهم.
ووفقاً لإداريين في مجلس تل تمر، فإن العديد من العائلات التي تعرضت قراها للقصف ودمرت منازلها، توجهت صوب المخيمات في الحسكة أو ديرك بإقليم الجزيرة، بينما توجه البعض إلى القرى الجنوبية الآمنة من البلدة.
وتسبب القصف التركي على ريف تل تمر، نهاية تموز / يوليو الفائت، بفقدان مدني حياته وإصابة نحو 20 شخصاً آخرين بجروح متفاوتة بينهم أطفال ومسنون، بينما لحقت أضرار ودمار في منازل السكان والمرافق الحيوية.

وعلى الرصيف الموازي لبسطة “حامشلي”، لا يختلف الحال بالنسبة للبائع الأربعيني خضر الدرويش، الذي يعمل منذ نحو أربعة أعوام في بيع الموالح على بسطته الصغيرة، ويشكو بدوره من قلة العمل وسط خشيته أن تتجه الأوضاع نحو الأسوأ.
ويقول “الدرويش” وهو أب لولدين، “حركة العمل سيئة جداً في الآونة الأخيرة بسبب القصف التركي. الأمور تسير نحو الأسوأ للأسف من ناحية العمل”.
وسابقاً كان عمل الرجل من البسطة يغطي التكاليف المعيشية على عكس الوضع الحالي، وخاصة أنه يعتمد في البيع على سكان القرى الذين بات معظمهم في المخيمات عقب نزوحهم من القصف.
ورغم الجمود الذي أصاب الأسواق، إلا أن الأعمال الصغيرة كالبيع على البسطات، كانت وجهة سكان وخاصة النازحين الذين لجأوا للبلدة بعد سيطرة تركيا على سري كانيه وتل أبيض عام 2019.
ويصف أحمد الطويل الذي ينحدر من قرية الطولان بريف مدينة سري كانيه، حركة العمل بـ “الصفر”.
ووجد “الطويل” الذي نزح إلى ريف تل تمر، في عمل بسطة يبيع عليها الألبسة برفقة زوجته وابنه، فرصة عمل بعدما كان يعمل سابقاً في الزراعة.
ويضيف الرجل وهو يقف تحت ظلال قطعة قماش لبسطته المعروض عليها ألبسة ملونة لمختلف الأعمار، “لا نأمن مصروفنا اليومي”.
ويلفت “الطويل” الذي يعاني من مرض السكري ونقص في درجات الرؤية، إلى أن تركيز السكان بات منصب على الأمور الأساسية مبتعدين عن شراء الألبسة، “وهذا الأمر أثر على وضعي المعيشي بنسبة كبيرة”.