دمشق.. أزمات اقتصادية ومعيشية “غير مسبوقة” وطوابير بشرية تزداد

دمشق – نورث برس

يرغب محمد حدو (53 عاماً)، وهو سائق سرفيس على طريق ضاحية قدسيا- جسر الرئيس بالعاصمة دمشق، بالعمل أكثر

من ست نقلات في اليوم، لكن مخصصاته من المازوت لا تكفيه ذلك.

يقول السائق: “تنتهي مخصصاتي من المازوت وأعود لمنزلي ويسبب ذلك ضغطاً على وسائل النقل وانتظار السكان لوقت طويل للحصول على مقعد في وسائل النقل”.

وفي المناطق التي تسيطر عليها الحكومة السورية، تعد الطوابير البشرية السمة الرئيسية، ففي مواقف السيارات بات مشهد التزاحم الذي يصل لحد الشجار في بعض الأوقات لحجز مقعد في وسيلة نقل عامة، اعتيادياً.

في حين ترى أمام أبواب الأفران المئات من النساء والأطفال والرجال يقفون للحصول على أرغفة من الخبز لا تكفيهم لنهاية اليوم.

أما أزمة الغاز التي لا يغفل عنها أحد، فحدّث ولا حرج، حسب تعبير سكان، حيث تتجاوز رسائلها الـ  100يوم، في ظل التقنين الحاد للكهرباء والذي يلغي معه احتمال استخدام السخانات الكهربائية بغرض الطهي.

وأينما تلتفت تصطدم بواقع مرير، حيث السكان يعيشون أزمات اقتصادية ومعيشية غير مسبوقة.

وفي الوقت الذي تتحدث فيه الحكومة عن نقص المشتقات النفطية في البلاد، يتوفر المازوت وبكميات كافية في السوق السوداء ويباع الليتر الواحد بأربعة آلاف ليرة.

 لكنّ “حدو” يتساءل: “في حال قمنا بشرائه فكم يجب علينا أن نأخذ ثمناً من الركاب؟”، في إشارة منه إلى أن الأجرة التي يتقاضها من الركاب “ما عم توفي معنا”.

وفي هذا الوقت يقاطع حديث السائق، راكب ويقول: “نحن المواطنين عم نعاني من قلة السرافيس”.

“أجور غير منطقية”

ويقوم “حدو”، بست إلى سبع نقلات يومية على طريق ضاحية قدسية، “هذا العمل بات غير مجدٍ، فالأجور المفروضة علينا من قبل الدولة لنقل الركاب غير منطقية وقليلة”.

وتبلغ تعرفة الراكب على خط الضاحية 400 ليرة سورية، “لم يعد هناك شيء يُشترى بـ ٤٠٠ ليرة إلا خدماتنا”، بحسب السائق الذي عبر عن تذمره من قلة الأجرة في ظل ارتفاع أسعار قطع الغيار للسيارة وأجور التصليح وتغيير زيت المحرك.

وتغلق محطات الوقود يومي الجمعة والسبت، أبوابها في وجه وسائل النقل العامة مما يوقفها عن العمل في أيام العطلة.

وتتحدث موظفة في أحد دور الرعاية بدمشق، عن معاناتها في المواصلات وصعوبة الوصول لمكان عملها وتقول: “نحن ليس لدينا أيام عطلة وعند الطلب من الإدارة أن تهتم بموضوع نقل موظفيها يكون الرد دبروا حالكن بالمواصلات”.

تشير السيدة إلى أن راتبها 25 ألف شهرياً، ومنزلها بعيد جداً عن مكان عملها وتحتاج لركوب 3 ميكرو باصات لتصل لمكان قريب من عملها.

وتضيف: “طلب مني سائق التكسي 12 ألف ليرة لإيصالي إلى مكان عملي، أي نصف راتبي الشهري. والحق ليس فقط على الدولة بل على تجار السوق السوداء الذين يتاجرون بالوقود بأسعار عالية”، في إشارة منها إلى بيع أصحاب سرافيس لمخصصاتهم من المازوت في السوق الحرة.

مخصصات لا تكفي

وفي ريف دمشق، يقول هادي أحمد وهو موزع غاز منذ 12 عاماً، إنه “منذ سنةٍ ونصف بدأت مادة الغاز بالتناقص في السوق”.

ويذكرُ أن كل عائلة كانت تستلم أسطوانة الغاز كل ٢٣ يوماً، أما الآن فالمدة وصلت إلى ما بين الـ١٠٠إلى ١٥٠ يوماً.

ويشتكي موزع الغاز من تأثر عمله بسبب تأخر استلامه المادة، وعدم توفر المازوت دائماً في سبيل توزيع الأسطوانات على العائلات، إضافة إلى قلة مربحه من عمله، حيث يتقاضى ما بين 200 إلى 300 ليرة سورية، زيادة عن سعر الأسطوانة الواحدة.

ويقول إن سيارته تحتاج لنحو 30 ليتراً من المازوت للقيام بالتوزيع “وهو غير متوفر أساساً”، فيلجأ للشراء من السوق الحرة.

وأمام فرن “ابن العميد” بمنطقة ركن الدين بدمشق، تعمل سيدة على تبريد أرغفة الخبز، بينما تتحدث عن الصعوبات التي تواجهها وتصف حالتها بـ”المأساة”.

وتقول السيدة وهي أم لأربعة أطفال، إن الأزمة السورية المستمرة أثرت على حياتهم كثيراً، حيث أزمة الغاز والكهرباء والمازوت خلال الشتاء زادت عليهم صعوبات الحياة.

وتضيف، بينما لم تتمكن من منع نفسها من البكاء، “نحن ستة أشخاص في المنزل، مخصصاتي من الخبز تعادل ربطتين في اليوم، تضم كل ربطة سبعة أرغفة وهي لا تكفينا، اليوم صباحاً تناولنا خبزاً يابساً على الفطور”.

وأمام ذلك الفرن، كان يصطف العشرات من السكان في طابور، ينتظرون دورهم في الحصول على مخصصاتهم، بينما تتدخل سيدة تقف في الطابور وتقول: “صوري الكل، صوري البهدلة، كلون بياعة بياخدوا بـ200 وببيعونا بألف”، في إشارة منها إلى وجودة أشخاص داخل الفرن يقومون بشراء الخبز وبيعه في الأسواق.

إعداد: إيليا عيسى- تحرير: سوزدار محمد