“نعيش مكبلي الأيدي”.. جملة اختصرت حياة سكان مدينة سورية ملاصقة للحدود التركية

الحسكة- نورث برس

على الرغم من حاجته لشراء منزل، لا يغامر علي إبراهيم (47), من سكان مدينة الدرباسية، شمالي الحسكة، بالإقدام على هذه الخطوة، إذ يخشى أن تبدأ تركيا عمليتها العسكرية في المنطقة ويخسر المنزل والمال الذي استغرق سنوات لادخاره.

يقول الرجل الأربعيني: “منذ بدء التهديدات التركية على المنطقة ونحن نعيش مكبلي الأيدي, لا نغامر بالقيام بأي مشروع يتعلق بمستقبلنا”.

وتلقي التهديدات التركية المستمرة بشن عملية عسكرية جديدة في الأراضي السورية، بتأثيراتها السلبية على السكان الذين يخشون القيام بأي خطوة مرتبطة بحياتهم المستقبلية ويعيشون يومهم فقط, دون الجرأة على التفكير في المستقبل أو تنفيذ أي مشروع.

وتقع الدرباسية على مقربة من خط التماس الفاصل بين الفصائل الموالية لتركيا في سري كانيه من جهة وبين قوات سوريا الديمقراطية المنتشرة في باقي مناطق الإدارة الذاتية من جهة أخرى, كما أنها من المدن الملاصقة للحدود التركية، وهو ما يزيد مخاوف سكانها أن يكون لها نصيب من العملية العسكرية التركية المحتملة.

ومنذ أن بدأت التهديدات، بات سكان الدرباسية يعانون من ركود في الحياة الاقتصادية والاجتماعية, لتبقى حياتهم رهينة تطورات الأحداث العسكرية.

ويتهم “إبراهيم”، بعض التجار بأنهم يستغلون التهديدات التركية، حيث “يعمدون إلى تخزين بعض أصناف المواد الغذائية وقطعها عن السوق، فيزيد الطلب عليها، ليقوموا بعد ذلك بطرحها في الأسواق ولكن بأسعار مرتفعة”.

ويشرح ذلك بمثال عن مادة السكر التي كانت متوفرة قبل التهديدات وبسعر يتراوح ما بين 2800 و3000 ليرة للكيلوغرام الواحد، ومع بدء التهديدات “فُقدت المادة من الأسواق وبات تأمينها يحتاج أياماً من البحث، وبسعر وصل إلى ستة آلاف ليرة”.

وفي محل عزيز موسى (45 عاماً) الخاص ببيع المواد الغذائية، باتت أصناف المواد تتناقص يوماً بعد آخر، فالبائع يخشى شراء بضاعة بكميات كبيرة وتخزينها لديه، تحسباً لأي عملية تركية.

يقول البائع بينما كان جالساً أمام محله، “إذا اشتريت البضاعة وملأت محلي بها وقامت تركيا بالاجتياح, نكون قد خسرنا شقى عمرنا”.

ولا يتفق مع سابقه حول استغلال التجار للتهديدات لرفع الأسعار، ويضيف أن “القانون الرئيسي في التجارة هو العرض والطلب وهي علاقة متعاكسة, فكلما قل العرض يكثر الطلب, وبالتالي يزداد سعر البضاعة”.

ويرى أن التهديدات وعدم جلب التجار للمواد بكميات تكفي حاجة السوق، “خوفاً من خسارتها”، هي السبب الرئيسي “للارتفاع الفاحش” في أسعار المواد.

حال المزارع علي معو (36 عاماً) لا يختلف عن باقي أصحاب المهن والسكان، فهو الآخر لا ينوي زراعة أرضه التي تبلغ مساحتها 200 دونم خوفاً من تنفيذ تركيا ما تتوعد به.

واعتاد المزارع وعلى مدى سنوات، زراعة أرضه بمختلف أصناف المزروعات، وكان يفكر أن يزرعها بمحصول القمح خلال الموسم القادم، لكن “التهديدات تمنعني من ذلك”.

ويؤكد “معو” الذي سيواجه تحديدات حول كيفية تأمين مصروف عائلته وخاصة أنه يعتمد على أرضه كمصدر رزق في المعيشة، أن مزارعين آخرين في الدرباسية حذوا حذوه وتركوا أراضيهم بوراً.

ويعتمد سكان الدرباسية بشكل رئيسي على الزراعة كمصدر رزق، وترك مزارعين لأراضيهم سيؤثر حتماً على حياتهم المعيشية ويتسبب بمزيد من التدهور في أوضاعهم الاقتصادية وخاصة أن المنطقة شهدت خلال العامين الماضيين جفافاً وانخفض إنتاج المحاصيل.

 إعداد: صلاح أوسكان- تحرير: سوزدار محمد