أزمة المياه في الحسكة قائمة دون حلول منذ ثلاث سنوات
الحسكة – نورث برس
تدفع فاطمة حسين (50 عاماً) وهي من سكان حي الناصرة في مدينة الحسكة، كل يومين ما يقارب 18 ألف ليرة سورية لتأمين المياه من الصهاريج الجوالة، وهذا يشكل عبئاً مادياً على العائلة التي باتت تستهلك كميات أكثر من المياه مع ارتفاع درجات الحرارة.
تقول السيدة الخمسينية بينما كانت جالسة مع جاراتها أمام منزلها، إن حارتها الكبابة تفتقر لبئر منزلي وأقرب بئر يبعد عنهم مسافة طويلة، ما يتعذر عليهم نقل المياه منه.
وتعتمد “حسين” التي تتألف عائلتها من عشرة أشخاص، كلياً على شراء المياه من الصهاريج، إضافة إلى المياه التي تصل عن طريق الشبكة من محطة علوك والتي تكون “ضعيفة وساعات ضخها قليلة”.
ورغم تأكيدها وسكان آخرين أن مياه الصهاريج غير صحية أو صالحة للاستهلاك البشري، إلا أن “حسين” تجد نفسها مجبرة على استخدامها وشربها، في ظل عجزها عن شراء المياه المعدنية.
ولا زالت مشكلة المياه في الحسكة قائمة دون حلول منذ أكثر من ثلاث سنوات، وتتفاقم أكثر مع حلول فصل الصيف كل عام، حيث درجات الحرارة المرتفعة تفرض على السكان استهلاك كميات أكثر من المياه وتكبد مصاريف أكبر في تأمينها.
وكانت المشكلة بدأت بعد سيطرة تركيا وفصائل المعارضة الموالية لها على محطة مياه علوك في سري كانيه (رأس العين) منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2019، حيث تعتبر المغذي الرئيسي للمدينة وعدد من النواحي.

وفي وقت سابق كان دلدار آمد، الرئيس المشارك للجنة البلديات في مقاطعة الحسكة، قد قال لنورث برس، إن تحكم تركيا بمحطة آبار علوك للمياه وعدم تشغيل عدد كافٍ من الآبار يدفعهم إلى اتباع نظام التقنين في ضخ المياه لأحياء الحسكة.
وأشار المسؤول في الإدارة الذاتية إلى أن المضخات تستغرق أحياناً نحو ثلاثة أيام من أجل ملء الخزان الرئيسي في المدينة ليتم الضخ في اليوم التالي على السكان حسب خطة التقنين.
وتقسم مدينة الحسكة وفق نظام التقنين الخاص بتوزيع المياه إلى خمسة أقسام، يحصل كل منها على حصته من الضخ مرة كل عشرة أيام أو أسبوعين في أفضل الحالات.
وتوزع مديرية المياه في الإدارة الذاتية بالحسكة، المياه على القطاعات الخمس من المدينة إلى جانب ناحيتي تل تمر والهول، وبعض المخيمات.
وفي حي تل الحجر بالحسكة، يشتكي صبحي أوسي (69 عاماً) من أعباء شراء المياه وخاصة أن أصحاب الصهاريج لا يلتزمون بالتسعيرة التي حددتها الإدارة الذاتية لهم وهي 4500 ليرة لكل خمسة براميل، بينما يطلبون ما بين سبعة إلى ثمانية آلاف ليرة.
ويقوم الرجل الستيني الذي تتألف عائلته من أربعة أشخاص بتعبئة خزانه ذو سعة خمسة براميل مرتين في الأسبوع بمياه الصهاريج، وخاصة أن منزله الذي يقع في منطقة مرتفعة من الحي لا تصله مياه الشبكة بسبب ضعف الضخ.
ورداً على شكاوي السكان من الأسعار المرتفعة لشراء المياه، يقول أصحاب صهاريج إنهم يعانون من أزمة على منهل الحمة القريب من السد الشرقي غربي الحسكة وارتفاع أسعار تكاليف التصليح، الأمر الذي يوجب عليهم رفع سعر تعبئة برميل الماء.
وأمام هذا الحال، تحاول عائلات قدر الإمكان تقليل كميات المياه المستهلكة، لكن يبدو ذلك غير مجدٍ في الكثير من الأوقات مع تجاوز الحرارة حاجز الـ45 درجة مئوية.
وكحال جميع سكان مدينته، يضطر محمد علي وهو من سكان حي الكلاسة، رغم صعوبة وضعه المعيشي، لشراء المياه من أصحاب الصهاريج، حيث يملك خزانين سعة كل واحد منهما خمسة براميل، ويقوم بتعبئتهما كل يومين بـ 16 ألف ليرة.
ويقول الرجل هو الآخر، إن مياه الصهاريج غير صالحة للشرب، “ولكن شو جبرك على المر غير يلي أمرّ منه”، في إشارة منه إلى عدم توفر بديل آخر.