مع اقتراب فصل الصيف.. أزمة مياه الشرب تعود مجدداً في الحسكة

الحسكة – نورث برس

في حي الكلاسة بمدينة الحسكة، شمال شرقي سوريا، تعتمد بهية علي (48 عاماً)، على مياه الآبار التي حفرها بعض السكان في الأحياء لتدبر أمور منازلها من غسل وتنظيف وغيرها، فيما تلجأ لشراء مياه الشرب من الصهاريج الجوالة.

ويحدث ذلك في كل مرة تفشل السيدة في تعبئة خزانها، نتيجة ضعف ضخ المياه وقلة ساعاته.

وكانت مشكلة المياه في مدينة الحسكة بدأت بعد سيطرة القوات التركية وفصائل المعارضة المسلحة الموالية لها على محطة مياه علوك في منطقة سري كانيه (رأس العين) منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2019، حيث تعتبر المغذي الرئيسي للمدينة وعدد من النواحي.

وتوجّه الإدارة الذاتية ومنظمات حقوقية ومدنية اتهامات مباشرة للفصائل المسلحة وتركيا بالتعمد في تعطيش مليون شخص في مدينة الحسكة ونواحيها.

وتقسم مدينة الحسكة وفق نظام التقنين الخاص بتوزيع المياه إلى خمسة أقسام، يحصل كل منها على حصته من الضخ مرة كل عشرة أيام أو أسبوعين في أفضل الحالات.

وتوزع مديرية المياه في الإدارة الذاتية بالحسكة، المياه على القطاعات الخمس من المدينة إلى جانب ناحيتي تل تمر والهول، وبعض المخيمات.

وفي هذا الصدد، يؤكّد دلدار آمد، الرئيس المشارك للجنة البلديات في مقاطعة الحسكة، لنورث برس، بأن تحكم تركيا بمحطة أبار علوك للمياه وعدم تشغيل عدد كافٍ من الآبار يدفعهم إلى اتباع نظام التقنين.

ويوضح المسؤول في الإدارة الذاتية بأن المضخات تستغرق أحياناً نحو ثلاثة أيام من أجل ملء الخزان الرئيسي في المدينة ليتم الضخ في اليوم التالي على السكان حسب خطة التقنين.

أعباء مادية

ومع اقتراب حلول فصل الصيف، والارتفاع التدريجي في درجات الحرارة يزداد استهلاك السكان للمياه، سواء للشرب أو للاستخدامات المنزلية المتعددة، وهذا يجرُّ معه، أزمة نقص في أحياء المدينة، ونواح أخرى تابعة لها.

وبالعودة إلى حي الكلاسة، تعبر “علي” كما باقي سكان الحسكة عن مخاوفها من تكرار معاناتها في توفير مياه للشرب والاستخدام المنزلي كما العام الماضي.

وعانى سكان المدينة خلال الصيف الفائت من عدم توفر المياه وسط درجات الحرارة المرتفعة وانتشار جائحة كورونا وتسجيل أعداد متزايدة للإصابات في مناطق شمال شرقي سوريا.

وبحسب سكان، فإن مدة الضخ تكون عشرة ساعات في أفضل الأحوال، لكن لضعف الضخ لا يتمكن غالبية السكان من تعبئة خزناتهم.

وأمام هذا الحال، تحاول السيدة الأربعينية التي تتألف عائلتها من ثلاثة أفراد، الاقتصاد في استهلاك المياه قدر الإمكان، وعدم استخدامها إلا للحاجات الضرورية.

ويتراوح سعر كل ألف ليتر (خمسة براميل) من المياه بين ستة إلى عشرة آلاف ليرة، وهذا يشكل عبئاً مادياً على السكان وخاصة ذوي الدخل المحدود. 

وبحسب منظمات مدنية فإن عدد مرات وقف تركيا والفصائل المسلحة ضخ المياه من محطة علوك بلغ 25 مرة، منذ سيطرتها على المحطة.

مصادر غير آمنة

وإزاء النقص الحاد، والانقطاع المتكرر للمياه يضطر السكان للاعتماد على الآبار المنزلية، وهي غالباً ما تكون مالحة أو مرة وغير آمنة صحياً.

وفي مشهد بات اعتيادياً في أحياء الحسكة، يشاهد أطفال ونساء ورجال، يحملون غالونات فارغة ويقومون بتعبئتها من الخزانات المتواجدة في الأحياء والتي وضعتها منظمات إنسانية عاملة في المنطقة.

ويقوم آخرون بنقل المياه من تلك الخزانات إلى منازلهم عبر سياراتهم أو درجات نارية، ولكنها باتت عملية متعبة لبعضهم وغالباً ما تشهد ازدحاماً كبيراً.

ويقول سالم العويد (46 عاماً) وهو من سكان حي المعيشية، بمدينة الحسكة، إن معاناتهم تتفاقم مع كل صيف، دون وجود أي حلول منذ ثلاث سنوات. 

ويشير الرجل الأربعيني، وهو معيل لعائلة من تسعة أفراد، إلى إصابة أطفال بإسهال نتيجة عدم صلاحية مياه الصهاريج والآبار للشرب، “أغلب الأوقات تكون مياه الصهاريج مرَّة وغير صحية”.

وفي ذات الحي، يقول محمد الحسين (34 عاماً)، إن مشكلة المياه تعادل مختلف المشاكل التي واجهتها البلاد منذ سنوات الحرب السورية.

ويشدد “الحسين” الذي تتألف عائلته من خمسة أفراد على ضرورة حل المشكلة من خلال الاعتماد على مصادر أخرى للمياه.

إعداد: جيندار عبدالقادر – تحرير: قيس العبد الله