شحّ المساعدات يُجبر نازحين في الرقة إرسال أطفالهم للعمل وحرمانهم من التعليم

الرقة – نورث برس

لم تستطع فاطمة الناصر (47 عاماً)، نازحة من ريف حمص الشرقي، إرسال أطفالها إلى المدرسة رغم بكائهم استجداءً كي ترسلهم للمدرسة وتنقذهم من الأمية التي يعيشونها في المخيم الذي يأويهم.

وتعيش السيدة الأربعينية، في مخيم “الدهموش” العشوائي في ريف الرقة الجنوبي، حيث يعاني قاطنوه من انقطاع سُبل الحياة ومقوماتها وتردّي الوضع المعيشي، بسبب شحّ المساعدات الإغاثية.

شحّ المساعدات وانقطاعها بشكل تامّ عن بعض المخيمات ومن بينهم “الدهموش”، إضافة لعدم وجود مدرسة، تسبّب بإجبار نازحين على حرمان أطفالهم من التعليم وإرسالهم إلى العمل لمساعدة ذويهم في مشاق الحياة.

وفي مخيم الدهموش، ومخيمات عشوائية أخرى تتوزع في ريف الرقة، يمكن لزائرها التعرُّف على أطفالٍ يبلغون تقريباً الـ 15) عاماً)، لا يعرفون القراءة والكتابة أبداً.

ويخشى نازحون في مخيمات الرقة، من استمرار الحال الذي يعيشه أطفالهم، لفترة طويلة وحرمانهم من المدرسة، وما يرافق ذلك من مخاطر تخلق جيلاً يتّسم بالأمية والجهل.

وتقول “الناصر” لنورث برس، إن أطفالها يبكون يومياً لأنهم غُيّبوا عن مقاعد الدراسة، ولكن هذا ليس حالهم فقط إنما هو حال الآلاف في مخيمات الرقة وريفها.

ويبدو أن موضوع إرسال أطفالها إلى المدرسة “بعيد المنال”، بسبب عدم وجود مدرسة قريبة، وإرسالهم  للعمل لتحصيل القوت اليومي، بحسب الأم.

وتضمُّ أرياف الرقة، 58 مخيماً عشوائياً، يسكن فيها نازحون معظمهم من مناطق سيطرة الحكومة السورية في حماة وحمص وحلب ودير الزور.

ويعيش نحو 90 ألف نازح مُقسّمون على 16165 عائلة في تلك المخيمات، وفقاً لإحصائية رسمية لمكتب شؤون المخيمات والنازحين في مجلس الرقة المدني.

ويشتكي هؤلاء من نقص المساعدات الإنسانية المقدمة لهم، في ظلّ أوضاع إنسانية واجتماعية صعبة يعيشونها في المخيمات.

ويقول منور الماجد، رئيس مكتب شؤون المخيمات والنازحين في مجلس الرقة المدني، إن الأمية واقع يعيشه الأطفال بسبب غياب التعليم عن تلك المخيمات، ووجود مبادرات خجولة من بعض المنظمات المدنية لا تفي بالغرض.

ويُشير إلى أن المبادرات التعليمية تُنفّذ في 12 مخيماً من أصل 58 مخيماً موجود في المنطقة الإدارية التابعة لمجلس الرقة المدني، بينما تغيب المبادرات نهائياً عن باقي المخيمات.

ويزيد إغلاق معبر اليعربية (تل كوجر) منذ أكثر من عامين، من الضغط المعيشي على النازحين في مخيمات الرقة ومخيمات أخرى في شمال شرقي سوريا.

ويعتبر علي شديد (40 عاماً)، نازح من ريف حمص ويقطن في مخيم الدهموش، أن الأطفال ينتظرهم “مستقبلاً مظلماً”، طالما أنهم لا يزالون أميين ويكبرون كل يوم في ظل هذا الوضع.


ولم يرسل “شديد”، هو الآخر أطفاله إلى المدرسة ويقول: “لا حول لنا ولا قوة طالما أنه لا وجود لمدرسة أو نقطة تعليمية، يرافق ذلك حالة من الفقر نعيشها في المخيم”.

إعداد: عمار عبد اللطيف – تحرير: عمار حيدر