شح المساعدات يدفع نازحاً في مخيم بالرقة لإرسال بناته الُقصَّر للعمل
الرقة – نورث برس
بينما تخرج بناته واحدة تلو الأخرى للعمل صباح كل يوم، يراقب محمد الناصر (50 عاماً) هذا المشهد بكثير من الحسرة والألم في نفسه، بعد أن بات عاجزاً عن إعالة أسرته.
يجلس “الناصر” على كرسي من البلاستيك أمام خيمته ليطمئن على حال بناته رغم أنه لا يستطيع رؤيتهن بعد أن يغادرن باتجاه مكان عملهن، لكن ذلك يبقى أفضل بكثير من البقاء في الخيمة، وفقاً لما قاله لنورث برس.

ويعيش الخمسيني برفقة أسرته في خيمة بمخيم الدهموش، 10 كم جنوبي الرقة، بعد أن ترك قريته بريف مدينة حمص في العام 2017، بسبب المعارك التي شهدتها المنطقة آنذاك بين عناصر تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وقوات الحكومة السورية.
وقبل نحو عام ونصف فقد قدرته على العمل بسبب حادث سير تسبب له بكسر في الحوض وتهشم أجزاء من قدمه، ليضطر لاحقاً لإرسال بناته القُصّر للعمل بالحقول الزراعية المجاورة للمخيم.
و”الناصر” أبٌ لثمانية بنات وولد واحد، أكبرهم فتاة تبلغ من العمر (18 عاماً)، تذهب رفقة أربعة من أخواتها صباح كل يوم للعمل في الحقول الزراعية المجاورة للمخيم.
وكان النازح يعمل في الحقول الزراعية وقيادة بعض الآلات الزراعية أو في رعي الأغنام، قبل أن يتعرض لحادث سير أفقده القدرة على القيام بأي عمل من الممكن أن يعيله هو وأفراد أسرته.
وفي مخيم الدهموش العشوائي، حيث أن خيامه صُنعت من بقايا القماش وأكياس الحبوب، يقطن نازحون من ريفي حمص وحماة الذين تسيطر عليهما القوات الحكومية في الوقت الحالي عليها.
يقول الرجل لنورث برس:
إن الألم يترك أثراً عميقاً في نفسي وأنا أرى بناتي في ربيع عمرهن وهن يتوجهن للحقول الزراعية للعمل، بدل أن تكون وجهتهن الصحيحة هي المدرسة.
ويرى أن لا بديل آخر لعمل الفتيات بسبب الوضع المعيشي السيء الذي تعيشه الأسرة في المخيم والذي يتزامن مع انقطاع المساعدات عن المخيم منذ فترة طويلة من الزمن.
ويشتكي نازحون في مخيماتٍ تقع في ريف الرقة، من نقص المساعدات الإنسانية المقدمة لهم في ضوء أوضاعٍ إنسانية واجتماعية صعبة يعيشونها في المخيمات.
وفي أرياف الرقة، 58 مخيماً عشوائياً تتوزع على بلدات وقرى الريف، ويقطن تلك المخيمات نازحون معظمهم من مناطق سيطرة الحكومة السورية في حماة وحمص وحلب ودير الزور.
ويعيش نحو 90 ألف نازح يقسّمون على 16165 عائلة في تلك المخيمات، وفقاً لإحصائية رسمية حصلت عليها نورث برس من مكتب شؤون المخيمات والنازحين في مجلس الرقة المدني.
ويروي “الناصر” كيف تضطر الأسرة للمبيت في كثير من الأيام دون الحصول على وجبة العشاء، في حال لم يكن المبلغ الذي تحصل عليه الفتيات لقاء عملهن كافياً لسد احتياجات العائلة كاملةً.
ويدرك “الناصر” حجم المخاطر الذي تترتب على عمل الفتيات لا سيما أن معظمهن تحت سن الـ 18، مما يعرضهن لمخاطر جسدية ونفسية واجتماعية نتيجة توجهن للعمل في عمر مبكر.
لكنه يضيف: “نحن مجبرون على ذلك في ظل شح المساعدات الإنسانية”.