نازح خمسيني ينجو بـ”أعجوبة” من استهداف قناص تركي في أطراف عين عيسى

الرقة – نورث برس

في خيمة صنعت من القماش لا تقي حر الصيف ولا برد الشتاء، بطول ستة أمتار وعرض ثلاثة فقط نُقش عليها شعار “الأمم المتحدة”، يستلقي رجل في الخمسينات من عمره بعد أن تعرض لإصابة بقناصة تركية.

لم يكن خليل عبد الغني (50 عاماً)، نازح يسكن في مخيم تل السمن شمال الرقة، يعلم أنه سيبحث عمن يسعفه بعد أن أسعف شقيقه إلى مشفى “عمر علوش” في بلدة عين عيسى يوم الثلاثاء الفائت.

ويروي الرجل الخمسيني ما حدث، إذ اضطر لترك شقيقه في المشفى والذهاب إلى ورشة صناعية “مكنسيان” لإصلاح سيارته التي تعطلت بسبب السرعة على الطريق الواصل بين مخيم تل السمن وبلدة عين عيسى خلال إسعافه لشقيقه.

وأثناء وقوفه أمام محل “المكنسيان” شعر بارتدادات قوية تحت قدميه ظناً منه أن لغماً انفجر تحته، ليكتشف بعد ثوان فقط أنه استُهدف برصاص قناص عندما رأى الدماء تجمعت أسفل قدميه.

وتتعرض أرياف مدينة تل أبيض وعين عيسى ومناطق أخرى شمال شرقي سوريا، لقصف مستمر من قبل القوات التركية والفصائل الموالية لها، غالباً ما تسفر عن إصابات بشرية وأضرار في ممتلكات السكان.

وازدادت عمليات القصف التركي خلال الآونة الأخيرة مع حديث مسؤولين أتراك عن قرب عملية عسكرية جديدة تستهدف مناطق في الشمال السوري من بينها مدينة منبج وتل رفعت.

وفي الخامس من الشهر الجاري، أصيب ثلاثة أشخاص بجروح، في قصف للقوات التركية وفصائل المعارضة الموالية لها، استهدف قرية أبو نيتونة غربي عين عيسى.

وقبله بأسبوع، قتل شخص قيل إنه مدني، في قصف للقوات التركية وفصائل معارضة موالية لها، استهدف قرية معلق غربي عين عيسى.

وعلى أطراف عين عيسى وبعد أن كشف”عبد الغني”الخطر المحدق به حاول الهروب بين المحال، ليعاود القناص استهدافه بخمس رصاصات استطاع النجاة منها بأعجوبة، ونُقل بعد ذلك إلى مشفى “عمر علوش” ومن ثم إلى مشفى في الرقة.

يشير الرجل الذي ينحدر من قرية الخريجة بريف مدينة تل أبيض الجنوبي الشرقي بالقرب من صوامع شركراك، والخاضعة حالياً  لسيطرة القوات التركية وفصائل المعارضة الموالية لها، إلى أن إحدى الرصاصات مرت من خلف رأسه مباشرة، “كان قاصداً أن يقتلني”.

وكان معظم سكان قرية الخريجة قد نزحوا نحو ريف عين عيسى ومخيم تل السمن بعد العملية التركية التي خاضتها برفقة فصائل من المعارضة السورية الموالية لها على سري كانيه وتل أبيض في تشرين الأول/ أكتوبر عام 2019.

وحينها خصص مخيم تل السمن، 35 كم شمال مدينة الرقة للنازحين من مدينة تل أبيض وريفها، ويحوي المخيم حالياً 1246 عائلة، بعدد أشخاص يبلغ 6448 شخصاً، معظمهم من النساء والأطفال وكبار السن.

لكن وبسبب تكرار القصف التركي على عين عيسى، تنزح عائلات أخرى إلى المخيم، وسط عجزه عن استيعاب جميع النازحين، بحسب إدارة المخيم.

اقرأ أيضاً:

مسؤول بمخيم تل السمن: لا قدرة للمخيم على استيعاب مزيد من النازحين

أسرّة مشفى تجمع عائلة بعثرت قذيفة تركية أفرادها في عين عيسى


وفي السابع عشر من أيار/ مايو الماضي، تعرضت قرية قرطاج جنوب بلدة عين عيسى للقصف بنيران المدفعية التركية، أصيب خلالها خمسة مدنيين هم أم وأربعة أطفال أكبرهم سناً بعمر (13 عاماً).
وتحدث نازحون من قريتي شركراك والخريجة لنورث برس، أن فصيل “أحرار الشرقية” المسيطر على المنطقة طلب منهم العودة إلى قراهم لكنهم رفضوا خشية وقوعهم “ضحية للانتهاكات” التي يمارسها الفصيل بحق المدنيين.

وقبل نحو عام، جرفت جرافات عسكرية تابعة لفصائل المعارضة والجيش التركي، 65 منزلاً من منازل المنطقة رفض أصحابها العودة إليها ما لم تخرج منها فصائل المعارضة، بحسب شهادات سكان.

وبالعودة إلى خيمته التي تزيد من معاناة إصابته، يحمد “عبد الغني” وهو أب لستة أولاد، الله، أنه نجى من الموت، حيث بات وضعه الآن مستقراً، ولكنه لا يخفي مخاوفه من تعرضه للاستهداف مرة أخرى. 

إعداد: عمار عبد اللطيف – تحرير: عمار حيدر