انتخابات هيئة المفاوضات والائتلاف السوري.. تبادلٌ للأدوار والمناصب يثير غضب سوريين

اسطنبول ـ نورث برس

 

تبادلٌ للأدوار والمناصب هو العنوان الأبرز لانتخابات رئاسة الهيئة العليا للمفاوضات السورية ورئاسة الائتلاف الوطني السوري، كما أراد ناشطون سوريون معارضون توصيفها بهذا الشكل.

 

والسبت، أعلن الائتلاف السوري، عن انتخاب "نصر الحريري"، رئيساً جديداً له خلفاً لـ"أنس العبدة" المنتهية ولايته والذي تم انتخابه رئيساً للهيئة العليا للمفاوضات السورية.

 

وتأتي تلك التغييرات في المناصب قبل أسابيع قليلة من انعقاد اجتماعات اللجنة الدستورية في آب/أغسطس المقبل.

 

وظهرت حالة الانقسام في صفوف الهيئة العليا للمفاوضات خاصة بين المنصات الرئيسة سواء منصة القاهرة أو منصة موسكو وأيضاً هيئة التنسيق، الذين طالبوا بحضور المستقلين الجدد للاجتماعات، مهددين في الوقت ذاته بمقاطعة أي اجتماعات أو انتخابات مالم يتم تنفيذ طلبها، وسط رفض ممثلي الائتلاف والفصائل ذلك معتبرين أن مشاركة المستقلين الجدد يجب أن تؤجل إلى ما بعد الانتخابات الحالية.

 

ورغم كل ذلك تمت الموافقة على اختيار "أنس العبدة" رئيساً للهيئة العليا للمفاوضات، وسط تجاهل واضح لحالة النزاع الدائرة في بيت الهيئة الداخلي، الأمر الذي حذر منه مراقبون ومن تبعاته وانعكاساته خاصة على اجتماعات اللجنة الدستورية القادمة.

 

تبادل للمناصب

 

وفي مؤتمر صحفي افتراضي عن طريق "الأون لاين" عقده رئيس الائتلاف الحالي نصر الحريري، وشارك فيه موفد "نورث برس" في اسطنبول، أكد "الحريري" أن العملية ليست تبادلاً للمناصب بل تم التوافق على اختيار الشخصيات بانتخابات وفرز لأصوات، وأن اختياره كرئيس للائتلاف لم تحدث سوى مرة واحدة في تاريخ الشخصيات التي تعاقبت على رئاسة الائتلاف.

 

كما تحدث "الحريري" عن العملية السياسية، وأكد على دعم عمل هيئة التفاوض السورية واللجنة الدستورية السورية، وشدد على ضرورة الوصول إلى حل سياسي وفق القرار (2254).

 

ويرى مراقبون مهتمون بالملف السوري أن التحدي الحقيقي أمام الائتلاف هو أن "يثبت أنه ممثل حقيقي شرعي لقوى المعارضة والثورة وليس ممثلاً لأعضائه فقط".

 

وأثار موضوع الهيئة العليا للمفاوضات والائتلاف السوري ردود فعل غاضبة بين السوريين المنتظرين لأي حل سياسي ينهي مأساتهم بعد أكثر من /9/ سنوات على انطلاق الأحداث في 2011، واصفين ما يجري بأنه "مسرحية يكتب فصولها الطرف الروسي أو أطراف دولية أخرى ويمثلها هؤلاء الذين لديهم جوع للسلطة وليس للخلاص".

 

النظام الدولي المتحكم

 

وتعليقاً على ذلك قال المحلل السياسي خالد قمر الدين لـ"نورث برس"، إنه "في سوريا يوجد ثورة ضد نظام فاسد معين من الخارج، وكذلك الائتلاف وهيئة التفاوض واللجنة الدستورية معينين من قبل المخابرات الدولية وهم ليسوا إلا ديكور، ولا علاقة لهم بالثورة وليسوا من رحمها، فهم لا يعرفون متى سيجتمعون وينتظرون الأوامر والمكان للاجتماع".

 

وأضاف أن "الغزاة في سوريا هم مدعومين من النظام الدولي القائم ليحافظوا على النظام القائم في سوريا، وبالتالي الحل في سوريا لن يكون إلا من الشعب السوري (ولا أراه قريباً)، ولا يوجد ثورة في التاريخ حُلت سياسياً وهناك من يخلط بين الثورة وحرب التحرير والمعارضة والانتفاضة".

 

وادعى "الحريري" خلال المؤتمر الصحفي أمس، أن "الائتلاف الوطني سوف يعمل على علاقة متوازنة وثابتة مع جميع الدول على المستوى الإقليمي والدولي"، وقال: "نسعى إلى علاقة جيدة مع الأشقاء العرب تعيد العلاقة إلى أصالتها وارتباطها".

 

وأشار إلى أن الائتلاف الوطني، يعمل على مراجعة أدائه وعلى تعزيز علاقة الائتلاف والتواصل مع السوريين في كل مكان، إضافة إلى مراجعة الملفات التي يشرف عليها محلياً ودولياً.

 

تمثيل مصالح دولية

 

وفي هذا الصدد قال الناشط السياسي "أحمد الأحمد" لـ"نورث برس"، إنه "من الظاهر أن الحريري والعبدة من الشخصيات القادرة على تمثيل مصالح الدول الإقليمية بشكل جيد حتى وإن كانت على حساب مصالح الشعب والثورة،  لذلك طالت إقامتهم في مناصبهم".

 

وأضاف "تصور أن غالبية المناطق في سوريا بدءً من حلب الشرقية 2016 حتى سراقب 2020 سقطت في ظل وجود العبدة والحريري كممثلين للشعب السوري، وهذا الأمر لم يكن كفيلاً لأن يعلنوا فشلهم ويقدموا اعتذاراً مع استقالة للشعب الذي تهجر من بيوته، بل بقوا متمسكين في مناصبهم وأصبحت المؤسسات الممثلة للثورة كتلك الممثلة للنظام (فساد ومحسوبيات)".

 

وتابع أن "المطلوب اليوم إقليمياً شخصيات تعمل كشهود زور فقط وتوقع على مخاريج الحل السياسي بغض النظر عن شكله".

 

ولدى سؤاله عن انعكاسات ذلك على اجتماعات اللجنة الدستورية القادمة قال "الأحمد" إنهم "لن يقدموا ولن يؤخروا شيئاً، بل سيذهبون للحضور والتوقيع فقط ومن ثم سوف يعودون أدراجهم ومتابعة تواجدهم في مناصبهم".

 

ومطلع حزيران/ يونيو الماضي، شهد اجتماع هيئة التفاوض الذي استمر مدة /3/ أيام، تأجيلاً لانتخاب رئيسٍ جديدٍ للهيئة في محاولة لإعطاء الفرصة لمشاركة باقي المكونات التي لم تحضر الاجتماع عن طريق "الأون لاين".

 

وفي 17 من الشهر ذاته، أكد المتحدث باسم "الهيئة العليا للمفاوضات السورية" الدكتور يحيى العريضي لـ "نورث برس"، فوز رئيس الائتلاف السوري أنس العبدة بمنصب رئيس "هيئة التفاوض" بديلاً عن نصر الحريري.

 

وفي كانون الأول/ ديسمبر 2019، أعلن في الرياض عن انتخاب /8/ أعضاء من المعارضين السوريين لضمّهم إلى هيئة التفاوض، بعد اجتماع خاص لمجموعة من الشخصيات السورية المعارضة، دعت له وزارة الخارجية السعودية وتم عقده في الرياض دون حضور رئيس هيئة التفاوض السابق نصر الحريري، وأي من أعضاء الهيئة الآخرين، ما دفع الحريري لوصف الاجتماع بأنه "لا يستند إلى أي إجراء قانوني".

 

وتضم هيئة التفاوض، /36/ عضواً، ثمانية من الائتلاف، وسبعة من الفصائل العسكرية، وأربعة من منصة موسكو، وأربعة من منصة القاهرة، وخمسة من هيئة التنسيق الوطنية، إضافة لثمانية مستقلين.