ارتفاع تكاليف الزراعة وضعف التصريف يشكلان عائقاً أمام مزارعين في السويداء
السويداء – نورث برس
لأوّل مرة منذ خمسة أعوام يقف شادي نصر (39 عاماً)، وهو مزارع من سكان السويداء جنوبي سوريا، عاجزاً أمام زراعة أرضه، نتيجة لارتفاع تكاليف الزراعة وسوء الخدمات الحكومية وضعف التصريف.
ويقول الرّجل الثلاثينيّ، الذي يملك أرضاً و بئراً في ريف السويداء الغربي، إنَّ الغلاء طال كلَّ شيء بدءاً من الأسمدة ووصولاً إلى أغطية النبات وشبكات الري “التنقيط” والمبيدات الحشرية بنسبة أربعة أضعاف.
وارتفع سعر كيلو السماد “الأزوتي” النباتيّ، من أربعة آلاف إلى 15 ألف ليرة خلال عام واحد، والسماد العضوي “مخلفات الدجاج” وصل سعر المتر المكعب منه إلى 110 آلاف ليرة بعد أن كان يُباع بــ 40 ألف ليرة نتيجة إغلاق المداجن مؤخراً، بحسب “نصر”.
ويعزو، محمود الغوثاني، (38 عاماً)، وهو صاحب مركز لبيع تجهيزات ومواد زراعية في مدينة السويداء، أسباب غلاء الأسمدة إلى ارتفاع تكاليف الصرف على اعتبار أن المواد يتم دفع ثمنها بالدولار أو ما يقابله بالليرة السورية.

ويقول: “ارتفاع سعر التصريف ينعكس على البضائع فالموردون يسعرون المادة بناءً على سعر صرف الدولار في السوق السوداء”.
بالإضافة إلى “قلة الأسمدة والمبيدات المستوردة، وغياب الثقة بالمادة الوطنيّة وارتفاع تكاليف شحن المواد التي تُضاف للتسعيرة”، يضيف “الغوثاني”.
ويعتمد الكثير من مزارعي المحافظة على الزراعة الموسمية الصيفية المروية كرديف مادي أساسي لهم.
ولكن ارتفاع أسعار الأسمدة والأدوات المساعدة في الزراعة وتردي الكهرباء، أدى لعزوف مزارعين في مناطق مختلفة في السويداء عن الزراعة، ما تسبب بتقلص مساحة الأراضي المروية المزروعة بالخضار الصيفية.
غياب الخدمات
ويعتمد المزارعون خلال هذه الفترة من العام على ري مزروعاتهم الصيفية بالتنقيط أو بالسقاية، وهو ما يدفعهم لضرورة الاعتماد على الكهرباء أو المازوت لجر المياه إلى أراضيهم الزراعية.
ولا يستفيد، فراس مطر (40 عاماً)، وهو مزارع من ريف السويداء الشرقي، من الكهرباء ذات “الفولط الهابط” والتي لا تساعد الغطاس الخاص ببئره على الإقلاع، لجر المياه نحو أرضه نتيجة التقنين الحاد بالكهرباء وضعف استطاعتها في آنٍ واحد فهي لا تصل سوى ساعة ونصف الساعة فقط خلال اليوم.
ويقول لنورث برس: “لا أستطيع تشغيل المولد الكهرباء لسقاية الأرض بسبب غلاء المازوت الذي وصل سعر اللتر الواحد منه إلى خمسة آلاف ليرة وبالتالي سأكون الخاسر الأكبر من زراعة أرضي”.
ويضيف، أنَّ الإرشاديات الزّراعية واتحاد الفلاحين عاجزين عن تأمين المحروقات للمولدات الكهربائية والجرارات وتأمين المبيدات الحشرية وبذور الخضراوات منذ العام الفائت.
ويشير إلى أن سوء الخدمات الحكومية “صعّبَ علينا الواقع وزاده سوءاً فوق سوءه، فأصبحت الزراعة الصيفية مشروعاً مادياً خاسراً بكل ما تعنيه الكلمة من معنى”.
وبدوره يتذرع محمود رياض وهو اسم مستعار لمسؤول إرشادية زراعية في ريف السويداء الغربي، إن “القسم الكم الأكبر من الآبار في أرياف المحافظة، غير مرخصة ولا يشملها الدعم الحكومي وتخفيض الدعم جاء من الوزارة”.
ويضيف: “الحكومة مُلزمة بتقديم الدعم للأراضي والآبار المرخصة والمسجلة في المساحات الحكومية والتي يحمل أصحابها براءة ذمة من القروض والضرائب والغرامات فقط”.
وجرت العادة أن يتم تسويق ما تنتجه الأراضي الزراعية من خضراوات داخل السويداء وخارجها، عبر سيارات النقل، لكن هذا العام فرضت الحواجز الحكومية ضرائب ما أدى لتخوف المزارعين على بضاعتهم.
وتتسبب ضرائب الحواجز، بحسب مزارعين التقت بهم نورث برس، بضعف التصريف الخارجي وتعويم السوق المحلي الذي سوف يؤثر على الأسعار بشكل سلبي ويكون الخاسر الأكبر منها هو المزارع.
ويقول مسؤول الإرشادية الزراعية: “ما يقارب الثلث من المزارعين عزفوا هذا العام عن الزراعة وفق مسح أخير أجريناه في ريفي المحافظة الغربي والشمالي الذي انتهى في الواحد والعشرين من الشهر الماضي”.