حلب – نورث برس
ما تزال مُخلفات الحرب ظاهرة للعيان في حي الفردوس جنوبي حلب، فما بين منازل شبه مُدمرة وأطلالٍ هجرها سُكانها، يزيدُ نقص الخدمات وعدم وجود الإصلاحات فيها الأمر سوءاً.
وأثناء تجاوز دوار جسر الحج في الطّرف الجنوبي من مدينة حلب، وسمي بهذا نسبة إلى أنّ السّكان كانوا يتجمعون بالقرب منه لتوديع الحُجاج، فإنك ستلحظ على مقربة منه حي الفردوس الملاصق لشارع الشّيخ سعيد.
وبمجرد الدّخول إليه ترى الطّرق الضّيقة التي تحتاج لتزفيت بين الحارات التي يغلب عليها الطّابع الشّعبي، ويخترق منتصف الحي من جهة الشَّمال طريق عام واسع قليلاً.
ويحتوي الحي على عدد من الجوامع أبرزها سهل بن سعد، وأبو بكر الصّديق، التي لم تمحو آثار التّخريب والسّرقة، بين عامي 2013 و2016، من عمرانها العراقة والبساطة، إضافة إلى الأبنية المُتراصة
والآن لم يختلف في الحي إلا توقف دوي القذائف، في حين أنّ الخدمات كالكهرباء مفقودة، ولا تُرحل القمامة من بين ممرات الأبنية، كما قال نور الدّين علوش (40 عاماً) وهو أحد سكان الحي.

بلا نور
وفي الحي، عادت المخابز للعمل خمس ساعات يومياً، لتنتج كمية لا تكفي لسد حاجيات السّكان الذين يقدر عددهم بسبع آلاف عائلة بحسب إحصائيات محلية لمختار الحي في 2021.
ووصف “علوش” وهو معيل لأربعة أطفال، الحي عند عودته إليه في منتصف 2017 بـ”حقل دخله سرب جراد، لم يترك شيئاً حياً”.
وقال “علوش”، إنّ إعادة تمديد شبكة الكهرباء في منزله بعد نهبها مع خلاطات وخزان المياه والأبواب، كلفته ثماني مئة ألف ليرة سورية.
وتفتقر أحياء حلب الشرقية مثل الفردوس والسَّكري والمرجة ومساكن هنانو والصَّالحين للكهرباء النَّظامية، رغم انقضاء العام الخامس على سيطرة القوات الحكومية عليها.
وغابت الكهرباء عن الأحياء الشرقية في المدينة، إبان سيطرة المعارضة المسلحة عليها في منتصف العام 2012.
ويعتمد سكان هذه الأحياء على مولدات الكهرباء (الأمبيرات) لإنارة منازلهم ومحالهم التجارية ولساعات محددة، في حين تبقى الشوارع الرئيسة والفرعية بلا إنارة، حسب سكان محليين.
ولم يصل التيار الكهربائي الذي وعدت به الحكومة سوى لبعض الأحياء في حلب التي تشهد تقنيناً حاداً، فيما واصل غيابه عن باقي مناطق حلب الشرقية.
وأما عن وضعه حالياً، يقول “علوش” إنّ عمله في دكانه لبيع الهدايا وتعبئة العطور، الذي رممه بمليون ومئتي ليرة سورية، “جيد”، فالاعتماد العام للسكان هنا على السّوق، “الأسعار تتناسب مع حالتهم المادية”.
لم تعوض
بينما لم تستطع حتى الآن، مروة معاذ (35عاماً)، وزوجها، تعويض ما باعاه من أدوات منزلية وأثاث، في فترة الحصار، إضافة لوجود جزء من جدار منزلهم يحتاج لترميم، كما قالت.
ولأن زوجها نجار موبيليا، افتتح دكاناً وسط الحي، ولكنه أغلقه، فمع بداية أيلول/ سبتمبر 2012، بدأت الاحتجاجات ضد الحكومة السّورية، وانسحبت على إثرها الشّرطة من مخفر الصّالحين، ليستلم المحتجون الأسلحة الموجودة فيه، حسب مروة.
وبعد ما يقارب شهراً من النزوح خوفاً من القصف الحكومي للحي، حينها، عادت مروة هي وزوجها لمنزلهما في الحي، خشية أنّ تنهب ممتلكاته، على حد تعبيرها، لتجد منزل عائلتها وعائلة زوجها خاليين، لأنهم كانوا من بين النازحين.

وفي العشرين من كانون الأول/ ديسمبر 2016، بدأت الجوامع تنادى على السّكان للإخلاء، وحمل ما يلزم للخروج، فالقوات الحكومية ستدخل، وفي حال عدم التنفيذ كان الموت ينتظر من تجده القوات الحكومية، حسب مروة.
وفي منتصف كانون الثّاني/ يناير 2017، عادت مروة وزوجها من منطقة النقرين في الزّاوية الشّرقية للمدينة إلى المنزل، وعملا على إعادة فتح محل النّجارة مع شقيقه، “بلا أدوات أو إمكانيات للعمل”.
ولجأ زوجها لاقتراض المال من أقربائه، وأصبح عمله جيداً، إلا أنّ المحل يحتاج لكهرباء، “الحكومة لم تُخدِّم المنطقة حتى الآن”.