أطفال عفرين في ريف حلب الشمالي بمرمى نيران تركيا حتى في نزوحهم
ريف حلب الشمالي- نورث برس
لا يتمكن الطفل إبراهيم عبدو البالغ من العمر سبعة أعوام، من الذهاب إلى مدرسته واللعب برفقة أصدقائه أو الخروج من المنزل، إذ يتحتم عليه أن يلازم الفراش لشهرين وربما أكثر.
و”عبدو” كان من بين خمسة أطفال من نازحي عفرين، أصيبوا بجروح مختلفة جراء القصف التركي لمدينة تل رفعت في ريف حلب الشمالي في الخامس عشر من الشهر الماضي.
وحينها استهدفت القوات التركية وفصائل معارضة موالية لها، تل رفعت بنحو 20 قذيفة، أدت إلى خسائر مادية في المنازل.
وأصيب “عبدو” بشظية في ساقه اليسرى، أدت إلى كسرها مع انقطاع الوتر، في حين نُقل طفل آخر لمدينة حلب لتلقي العلاج وكانت إصابات البقية طفيفة.
ونجا “عبدو” وأقرانه رغم إصاباتهم من الموت بأعجوبة، وخاصة أن مكان سقوط القذائف لم يكن يبعد عنهم سوى أمتار.

ومنذ نزوح سكان منطقة عفرين إلى ريف حلب الشمالي عام 2018، تتعرض القرى والبلدات التي يتوزع فيها النازحون وخاصة مدينة تل رفعت، إلى قصف متكرر من قبل القوات التركية وفصائل معارضة مسلحة موالية لها، مسببة خسائر بشرية وأضراراً مادية.
لكن أغلب الضحايا الذين يفقدون حياتهم نتيجةً القصف هم من الأطفال الذين يلعبون في الشوارع، فبحسب إحصائيات منظمة حقوق الإنسان في عفرين والعاملة حالياً في ريف حلب الشمالي فإن من بين 19 شخصاً فقدوا حياتهم، 13 طفل.
كما تسبب القصف المتكرر منذ أربع سنوات بإصابة 35 شخصاً بجروح متفاوتة الخطورة، بينهم 15 طفلاً، بحسب ذات المصدر.
وتقول نوروز علي (38 عاماً) وهي والدة “عبدو” وهي تبكي على حال طفلها، “ذهبت قبل أيام إلى مكان سقوط القذيفة، تخيلت لو حصل لنا مكروه ماذا كنا سنفعل؟ حمانا الله”.
وتضيف، بينما كانت تحاول تهدئة طفلها الذي كان يشتكي من آلام الإصابة، “تركنا خلفنا كل ما يتعلق بنا من أملاك وديار فقط لحماية أطفالنا من القصف لكن تركيا لا تدعنا وشأننا حتى في النزوح”.
وفي تموز/ يوليو الماضي، أصيب أربعة أشخاص، بينهم طفل، في هجوم تركي بطائرة مسيرة استهدف مدينة تل رفعت.
وباتت أصوات القذائف تشكل حالة من الرعب بين النازحين وسكان ريف حلب الشمالي، وخاصة أن مشاهد مجزرة تل رفعت لا تزال عالقة في أذهانهم من صغار وكبار.
وفي منتصف نهار الثاني من كانون الأول/ ديسمبر من العام 2019، استهدفت القوات التركية وفصائل المعارضة المسلحة الموالية لها بالقذائف تل رفعت.
وأسفرت القذائف عن مجزرة بحق من فروا قبلها بعام من هول العملية العسكرية التركية في منطقتهم.
عشرة أشخاص بينهم ثماني أطفال، أحدهم كان يبلغ ثلاثة أعوام، فقدوا حياتهم، فيما أصيب 13 آخرون معظمهم أطفال أيضاً.

ويقول محمد عبدو (42 عاماً) وهو والد الطفل المصاب، إن تركيا تتعمد قصف المدنيين في تل رفعت وذلك “بهدف تخويفهم وتهجيرهم إلى مناطق أخرى بعد أن هجرتنا من عفرين”.
ويتساءل الرجل الأربعيني وهو والد خمسة أطفال، “إلى أين نلجأ لنحمي أنفسنا من القصف؟ لم نعد نملك شيئاً بعد أن هجرونا من ديارنا”.
ويؤثر القصف التركي المتكرر على الحالة النفسية للأطفال، حيث يعاني البعض منهم من نوبات ذعر وبكاء بمجرد سماعهم صوتاً قوياً ظناً منهم أنها أصوات قذائف أو طائرات، بحسب عكيد خليل، إداري في لجنة الدعم النفسي في هيئة الشؤون الاجتماعية والعمل التابعة للإدارة الذاتية لإقليم عفرين.
فيما يعاني آخرون من حالات اكتئاب وخاصة الذين يعيشون القصف بشكل مستمر، إضافة للذين فقدوا أجزاء من أجسادهم جراء انفجار ألغام بهم.
ويشير “خليل” إلى أنهم يواجهون صعوبة في إعادة هؤلاء الأطفال إلى وضعهم الطبيعي بسبب استمرار القصف.