اختلاط مياه الشّرب والصّرف الصّحي في قرية بريف حلب يهدد صحة ساكنيها
حلب – نورث برس
تختلط مياه الشّرب بمياه الصّرف الصّحي في قرية الرّيان (تابعة لمنطقة السّفيرة) في الرّيف الشمالي لمدينة حلب، نظراً لأن المياه ترتفع عن الأرض بمسافة مترين، الأمر الذي يجعل ما يقارب ثلاثة آلاف نسمة يعانون من أزمة تلوث المياه.
ويعرب إسماعيل الخميس ( 50 عاماً) من سكان القرية، وهو يقف أمام منزله، عن تذمره من “صعوبة المعيشة”، إذ لا توجد أقنية صرف مغطاة في القرية.
وهذه المُشكلة ليست حديثة العهد، إذ تعود إلى عشرين عاماً، بعد وصول ساقية الرّي للريف، لكنها تفاقمت منذ فترة “بدأت تنتشر الأمراض والأوبئة كاللاشمانيا (حبة حلب) بكثرة ولا سيما عند الأطفال، نظراً لاختلاط المياه”.
وتسبب التّلوث المائي بموت العديد من الأعشاب والمزروعات التي تنمو في القرية، واصفرار الأوراق الخضراء لبعض الأشجار.
وبجملة “ما حدا من المسؤولين فاضي، الكل مشغول بالسرقة ليبني مستقبل ولادوا”، يعبر “الخميس” عن يأسه من تحسين هذا الوضع الذي وصفه بـ “الكارثي”.
وحاول الرّجل وآخرين، الوصول إلى المعنيين عن طريق المُختار ومجلس البلدية، إلا أنّ الجهات التّابعة لوزارة الإدارة المحلية ردت عليهم بـ”لا إمكانية مالية للمعالجة”.
ومنذ فترة توقف السّكان، الذين عادوا للقرية في عشرين شباط/ فبراير 2016، بعد سيطرة الحكومة السّورية عليها، عن شرب المياه بعد ظهور طفح جلدي وإصابة العديد منهم بآلام في المعدة.

ويعاني أبناء رضوان صاطرمش (35عاماً) وهو أيضاً أحد سكان القرية، من مرض الكوليرا، وأحدهم مصاب بالسكري، وزوجته بالتهاب الكبد، بسبب شرب المياه الملوثة، حسب تشخيص الطّبيب.
ويضاف على معاناة الرّجل من التهاب الأمعاء وتساقط الشّعر والطّفح الجلدي، مشكلة توفير مياه الشّرب النقية.
وينقل المياه من منطقة السّفيرة، بتكلفة مرتفعة “الصّهريج بسعة عشرين برميلاً يُكلف ثلاثون ألفاً، ولا تكفينا إلا لمدة عشر أيام”.
ويعتمد سكان القرية في تأمين مصدر رزقهم على الزّراعة والتّجارة وتربية المواشي “الأبقار والأغنام”، وتعتبر الزّراعة حرفتهم الأساسية، بوجود ساقية تُساعدهم على ري المحاصيل.
وحاولت نورث برس التّواصل مع رئيس البلدية، للاستفسار منه حول وجود آلية لحل هذه المُشكلة، إلا أنه رفض أن يدلي بأي تصريح.
ومن جانبه يقول الطّبيب الذي يتردد على القرية كل أسبوعين، وفضل عدم ذكر اسمه لضرورات أمنية، إنّ استهلاك الخضروات المروية بمياه ملوثة وتناول الأسماك أو الحيوانات الأخرى، “يخلف أمراضاً عدة لسكان القرية”.
ومن الأضرار الجسيمة التي ستنعكس على السّكان في حال عدم حل المُشكلة، وبدأت تظهر عند البعض، هي التّغير في وظائف المخ وتضرر الجّهازين المناعي والتّناسلي، واضطرابات الكلى والقلب والأوعية الدّموية والسّرطان، والخلل الهرموني لاسيما بين النّساء، حسب الطّبيب.
ويقول الطّبيب التّابع لإحدى المُنظمات العاملة في المنطقة، إنّ مياه المجرور المكشوفة والمزروعات التي تنمو في القرية، يتوجب أخذ جرعات منها للمخابر وفحصها، والتّأكد من صلاحيتها للاستهلاك.
وعند السّير في القرية يجبر سكانها على القفز من فوق برك المياه وتجاوز الطين المملوء بالأوساخ والحشرات والذّباب.
ومن أمام منزلها في الجّزء الغربي للقرية، تدفع وحيدة الحاج عبد الله (50عاماً) الطّين والأوساخ، وتنظف تجمع مياه المجرور، وتقول: “أحياناً تعلوا الأوساخ المياه عندما لا تمتصها الأرض، ولا سيما في فصل الشّتاء، إذ تدخل إلى البيت”.
ورغم أنّ الخمسينية تغسل منزلها بعد ذلك جيداً وتنظفه، إلا أنّ “الرّوائح الكريهة تبقى لساعات”، على حد تعبيرها.
ولم يقتصر انتشار الأمراض على أحفادها الصّغار ورفاقهم قليلي المناعة، بل امتد ليشمل الأغنام التي تربيها، “نحاول جاهدين منعها شرب المياه من الطّرقات، لكن مجرد عدم الانتباه لثواني يكون كافياً لجعلها مريضة”.
وتأسف المرأة على خسارتها أربعة رؤوس من أغنامها خلال العامين المنصرمين.