اللشمانيا تنتشر في ريف حلب الشمالي والحصار الحكومي يفاقم وضع المرضى
ريف حلب الشمالي – نورث برس
منذ ما يقارب السنة، يتلقى شمو حمشو (71 عاماً) وهو نازح من منطقة عفرين إلى ريف حلب الشمالي حقن عضلية لمعالجة تقرحات اللشمانيا التي انتشرت على يديه وساقه.
ويتكبد النازح الذي ينحدر من قرية براد التابعة لناحية شيراوا جنوب عفرين ويسكن في قرية الوحشية، مبالغ مالية لشراء الحقن العضلية لعدم توفرها في مراكز الهلال الأحمر الكردي.
واضطر “حمشو” الذي أصيب بثمانية حبوب توزعت على يديه وساقه، لشراء 15 حقنة حتى الآن بتكلفة ثلاثين ألف ليرة سورية.
وفي منطقة ريف حلب الشمالي، يعاني المئات من نازحي عفرين وسكان المنطقة الأصليين من داء اللشمانيا، حيث تتركز غالبية الإصابات في الوجه والأطراف وهناك حالات تشوه بسبب عدم تلقي العلاج في الوقت المناسب.
ووفقاً لمنظمة الهلال الأحمر الكردي، فإن 318 شخصاً مصابون بهذا الداء، وتتوزع 35 حالة منهم في مخيم برخدان و13 حالة في مخيم سردم، و82 في قرية أحرص و118 في قرية الأحداث.

فيما يعاني ستة أشخاص من اللشمانيا في مخيم العودة وأربعة في مدينة تل رفعت و50 حالة في قريتي وردية وحاسين بريف حلب الشمالي، إضافة إلى عشر حالات في قرية برج القاص التابعة لناحية شيراوا.
وخلال العام الماضي، سجلت المنظمة 1831 حالة إصابة بمرض اللشمانيا بريف حلب الشمالي.
حصار حكومي
ومنذ سيطرة تركيا على عفرين في الثامن عشر من آذار/ مارس 2018، يتوزع قسم من نازحي المنطقة في مخيمات العودة وعفرين وبرخدان وسردم وشهبا، بينما يتوزع آخرون على 42 قرية وبلدة بريف حلب الشمالي.
وداء اللشمانيا أو ما يعرف محلياً باسم “حبة السنة” أو “حبة حلب”، هو مرض طفيلي ينتقل عن طريق لدغات حشرة تعرف بذبابة الرمل، تتغذى من خلال لدغ الإنسان والحيوانات وتنمو يرقاتها على النباتات المبتلة وجثث الحيوانات، فتترك لدغتها ندوباً حمراء قبل أن تتحول إلى تقيحات تتسع على الجلد سريعاً.
ويرجع العاملون في القطاع الصحي سبب انتشار المرض بكثرة في ريف حلب الشمالي إلى افتقار المنطقة لشبكة صرف صحي وانتشار المجاري والجور المكشوفة وركود المياه في نهر قويق الذي يمر بالمنطقة.
إضافة إلى ما شهدته المنطقة من حروب خلفت دماراً وخراباً وأنقاضاً، أدت إلى تكاثر الذبابة المسببة لانتشار الحبة.
وتقول علياء محمد، الرئيسة المشاركة لمنظمة الهلال الأحمر الكردي، إن الحصار الحكومي على ريف حلب الشمالي يفاقم معاناة المرضى، حيث أدى ذلك إلى فقدان أدوية وخاصة الحقن العضلية التي يحتاجها بعض المصابين باللشمانيا.
وتقدم نقاط الهلال الأحمر الكردي، البالغ عددها سبع نقاط متوزعة في قرى وبلدات، الحقن الموضعية فقط.
أطفال مصابون
وفي ظل المخاوف من ازدياد أعداد الإصابات مع حلول فصل الصيف، تواجه المنظمة صعوبات من ضبط عدد الحالات المصابة، وخاصة أن ريف حلب الشمالي يفتقر لأطباء الأمراض الجلدية وهو ما يؤخر من تشخيص الحالة وتأكيد الإصابة.
وتشير “محمد” إلى أن بعض المصابين يعانون من وجود قرابة 15 حبة على جسدهم.
وفي مخيم برخدان، يعاني الطفل رشيد جامو البالغ من العمر خمسة أعوام والذي يسكن مع عائلته منذ الصيف الماضي، من داء اللشمانيا، حيث تركت الحبة آثراً على وجهه.
وتقول روكان حمو (27 عاماً) وهي والدة الطفل وتنحدر من ناحية ماباتا بريف عفرين، إنها في البداية لم تهتم بالحبة التي ظهرت على وجه طفلها، ولكن بعد مرور قرابة شهرين من ظهورها، ذهبت به إلى مستوصف المخيم ليتم إخبارهم بأنها حبة اللشمانيا.
وتشير الوالدة إلى أنه وبعد إعطائه ثلاثة حقن موضعية، بات طفلها يتخوف من الحقن، ما اضطرهم لوقف العلاج لمدة شهر كامل والاستعانة بمراهم جلدية ولكن “دون جدوى”.
وتشكو “حمو” من انتشار الحشرات وخاصة خلال فصل الصيف نتيجة تجمع المياه وقرب الحمامات من الخيم، وهو ما يوفر بيئة مناسبة لانتشار ذبابة الرمل المسببة لداء اللشمانيا.
وتمتلك “حمو” ناموسية، ولكنها تقول إنها لا تستطيع استخدامها بسبب صغر مساحة الخيمة، حيث تضم مدفأة في وسطها، كما أنها تعد مطبخاً وحماماً وغرفة نوم.