مراقبون: قرار بغداد بخصوص نفط كردستان يعقّد المشهد السياسي العراقي

أربيل- نورث برس

قال خبراء عراقيين لنورث برس إن قرار المحكمة الاتحادية بخصوص نفط إقليم كردستان جاء في توقيت بالغ الحساسية ما يلقي بظلاله على المشهد السياسي ويربك الأطراف السياسية.

والثلاثاء الفائت، أقرت المحكمة الاتحادية بـ “عدم دستورية” قانون النفط والغاز لحكومة إقليم كردستان، مع إلزام حكومة الإقليم بتسليم كامل إنتاج النفط من حقوله إلى الحكومة الاتحادية.

وأثار القرار القضائي العراقي، غضب سلطات إقليم كردستان، واتضح من رد السلطات الكردية أنها لن تخضع له، وهذا ما شددت عليه السلطات الثلاث في إقليم كردستان عبر بيانات رسمية، اعتبرت القرار مجحفاً.

دوافع سياسية

يرى الخبير الاستراتيجي، الدكتور احمد الشريفي، أن توقيت قرار المحكمة “بلا شك يدل إلى رغبة سياسية للإطاحة  بالتحالف الثلاثي (بارزاني – الصدر – الحلبوسي)، وإعادة انتاج أزمة بين حكومتي الاقليم وبغداد وهي بمثابة مناورة سياسية”.

ويعيش العراق أزمة تشكيل الحكومة، في ظل خلافات بين الأطراف الثلاث الرئيسة، وظهر ذلك جلياً في عدم عقد جلسة برلمانية لاختيار رئيس الجمهورية، لعدم اكتمال النصاب القانوني، في ظل مقاطعة اطراف عدة.

وأشار في حديثه لنورث برس، إلى أن السؤال المهم الذي يطرح بالفعل هو لماذا هذا التوقيت الذي بلغت فيه التوافقات  ذروتها استعداداً لتشكيل الحكومة المقبلة؟، مضيفاً “ما يعني أن للقرار “دوافع سياسية”.

وقال الشريفي أن قضية نفط الاقليم لابد أن تخضع لإعادة الحسابات بدقة وفق النظم الفيدرالية والتي تفترض أن تكون “الإدارة غير مركزية والموارد مركزية، حتى تصبح الموارد اتحادية بينما الادارة أمر يعود إلى الحكومات المحلية”.

للإقليم حق الإدارة لا التحكم بالموارد

و بدأ إقليم كردستان منذ مرحلة ظهور تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” والأزمة المالية قبل نحو سبعة سنوات، في بيع نفطه مستقلاً عن الحكومة الاتحادية.

وعليه ظهرت الخلافات مع بغداد التي ردت بإيقاف صرف رواتب موظفي الإقليم، بسبب عدم التزام الاقليم بتسليم النفط إليها.

وبحسب الخبير الاستراتيجي فأن النظم الفيدرالية تسمح إبقاء حرية الانتاج والتصدير مفتوحة، باعتبار أن الجدوى هو “كمّ الواردات”، وبذلك يمكن ان تخلق الاستقلالية الادارية في الملف حالة من التنافس الإيجابي الذي يزيد كمية الموارد ويجب ان يتم تقييمه كإنجاز يصب في مصلحة الاتحادية.

وذكر الخبير مثالاً افتراضياً أنه قد يكون ثمة عرض يقدم الى إقليم كردستان بموارد مالية عالية، معنى ذلك أن الاقليم من شأنه تحقيق انجاز بالموارد للدولة.

لكن يجب ان تكون هذه الاستقلالية الإدارية المحلية للإنتاج والاشراف المركزي على الموارد، بضوابط دستورية من حيث الشفافية. وفقا ً للشريفي.

تأثير على العملية السياسية

ورداً على  ما اذا كان القرار الأخير تشكل عقبة للحكومة قال الشريفي “لا.. الوقت ضيق بالنسبة للحكومة الحالية لكن يمكن ان يكون له تأثير على الحكومة المقبلة”.

وأشار الشريفي إلى هيمنة الأحزاب على القرار السياسي عبر السعي إلى السيطرة على المال الذي يزيد تحكم الاحزاب بالرصيد الانتخابي و المؤثرات الانتخابية،  والبترول بوصفه مصدر مهم للثورة يؤثر بالطبع على العملية السياسية.

وتوقع الشريفي أن تتناول الحكومة المقبلة برنامج ليعالج الأزمات المتراكمة بين الحكومتين.

وجاء القرار  القضائي في الوقت الذي يفشل البرلمان العراقي حتى الآن بعقد جلسة التصويت على رئاسة الجمهورية بسبب الخلافات على المنصب ولاسيما بين الطرفين الكرديين (الديمقراطي والاتحاد).

وقال الخبير في مجال الطاقة العراقية، الدكتور بلال خليفة ، إن القرار أربك المشهد السياسي كثيراً و خصوصاً على صعيد اختيار رئيس الجمهورية.

وبيّن أن تأثير القرار على العملية السياسية يأتي نتيجة أنها البلاد مبني على التوافقات والمحاصصة.

واعتبر خليفة تباين الموقف الكردي سبباً كبيراً في ضعف موقف الاقليم أمام المحكمة الاتحادية.

تنازلات ومساومات

وتحدث خليفة عن السيناريو المقبل بخصوص التحالفات، حيث من المتوقع أن يبحث الاقليم عمن يتنازل له في موضوع تصدير النفط وحصة الاقليم في الموازنة، ومع من يعطيه اكثر ليتحد معه لتشكيل الحكومة المقبلة.

وأضاف: “كذلك الأمر بالنسبة الأطراف الشيعية فهي “محرجة” لأن التحالف مع أربيل وتحديداً مع الحزب الديمقراطي من بعد صدور هذا القرار سيكون مرهون ببعض التنازلات لصالح الحزب الديمقراطي مما يشكل حرج امام جمهوره و ناخبيه.”

وبيّن الخبير أن المواقف الكردية تجاه قرار المحكمة كان متبايناً، إذ أن مواقف السلطات في السليمانية على عكس أربيل كانت أقل حدة، ما يعني زيادة حظوظ الاتحاد الوطني على حساب الديمقراطي.

وقال أن القرار جاء في توقيت “قاتل” وقد يتسبب بتعقيد التحالفات و تأخير عملية تشكيل الحكومة.

ومر على الدعوى القضائية بخصوص دستورية بيع نفط إقليم كردستان بشكل مستقل عن بغداد  ما يقارب الـ 10 سنوات، وخلال هذه الفترة كان الإقليم يتصرف بحقوله النفطية بشكل مستقل، عبر تعاقده مع شركات اجنبية.

 والملفات النفطية بين اقليم كردستان والمركز بغداد لا تقل أهمية عن وضع المناطق المتنازعة عليه بين الحكومتين، فتعتبر من أبرز الملفات التي لم تحسم بالحل النهائي حتى الآن.

إعداد وتحرير: هوزان زبير