عمال يفقدون مصدر رزقهم ومنشآت صناعية تغلق أبوابها في حي البلليرمون بحلب
حلب- نورث برس
يبحث أحمد سعدو(31 عاماً) وهو من سكان مدينة حلب منذ أكثر من ثلاثة أسابيع، عن عمل جديد لكن جهوده في ذلك لم تلفح حتى الآن.
وكان الشاب الثلاثيني يعمل في ورشة لصناعة ألبسة الأطفال في حي البلليرمون الصناعي، لكن مؤخراً أغلق رب العمل الورشة، وغادر البلاد متجهاً إلى مصر بعد تكبده لخسائر.
وتسبب إغلاق الورشة بخسارة أكثر من 60 عاملاً وعاملة كانوا يعملون في الورشة لعملهم.
يقول “سعدو”، وهو معيل أسرة مؤلفة من أربعة أفراد، إنه كان يتقاضى أسبوعياً من عمله 75 ألف ليرة سورية، “بالرغم أنه لم يكن يكفينا لكن بحصة تسند جرة”، في إشارة منه إلى أن المبلغ يبقى أفضل من بقائه بلا عمل.
ويجد الشاب حالياً صعوبة في تأمين احتياجات عائلته، في ظل ارتفاع أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية.
ويستمر أصحاب المنشآت الصناعية في حي البلليرمون بإغلاق منشآتهم والسفر إلى مصر، ما يتسبب بخسارة العشرات من العاملين في تلك المنشآت لعملهم وتفاقم ظروفهم المعيشية وسط عدم توفر فرص عمل بديلة.
ويرجع الصناعيون سبب الإغلاق إلى انخفاض قيمة العملة المحلية، وارتفاع أسعار المواد الأولية، إلى جانب ما أسموه بعراقيل تضعها الحكومة أمام حركتي استيراد وتصدير المنتجات.
بالإضافة إلى عدم توفر التيار الكهربائي بشكل مستمر لتشغيل الآلات واضطرارهم للاعتماد على مولدات الكهرباء وشراء المازوت من السوق السوداء بسعر 2500 ليرة لليتر الواحد وهو ما يرتب عليهم تكاليف إضافية.
كما أن الضرائب “المرتفعة” التي تفرضها الحكومة على المنشآت الصناعية والتي قد تصل إلى مئات الملايين، سببٌ آخر لإغلاق أبواب المصانع والمعامل والورشات في حي البلليرمون، بحسب صناعيين.
20 منشأة فقط
وتشهد جميع المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة دمشق نقصاً في المحروقات، بالتزامن مع تقنين حاد في الكهرباء وارتفاع أسعار المحروقات لأضعاف في السوق السوداء.
ووفقاً لصناعيين فإن أكثر من 30 منشأة صناعية أغلقت منذ نهاية العام الماضي وبداية العام الجاري، وأن العدد في ازدياد، خاصة مع رغبة أصحاب المعامل بإنهاء أعمالهم استعداداً للسفر إلى مصر.
وتعد مصر وجهة الصناعيين الحلبيين المفضلة، نظراً للتسهيلات الكبيرة والمشجعة التي قدمتها الحكومة المصرية لاستقطاب المستثمرين.
وكان “سعدو” يرغب في السفر مع صاحب الورشة إلى مصر، لكنه مطلوب إلى الخدمة العسكرية الاحتياطية.
وهذه المشكلة لا تمنعه من السفر فحسب، بل حتى تحول بينه وبين العمل في ورش خارج المدينة خوفاً من سوقه للخدمة الإلزامية على الحواجز الحكومية المنتشرة على الطرقات الواصلة بين المناطق الصناعية.
وقبل اندلاع الأحداث في سوريا، كان حي البلليرمون بحلب وحده يضم أكثر من 150 منشأة صناعية، منها تدمر وتضرر بفعل المعارك التي دارت بين القوات الحكومية وفصائل المعارضة المسلحة ما بين أعوام 2012 و2020.
وبعد سيطرة القوات الحكومية على منطقة البلليرمون الصناعية عام 2020، عادت تلك المنشآت للعمل تدريجياً وبلغ عددها نحو 50 منشأة.
لكن مع هجرة أصحابها إلى مصر وبلدان أخرى، تقلص عدد المنشآت التي تعمل حالياً إلى نحو 20 منشأة، بحسب صناعيين.
استغناء عن عمال
وكان لمدينة حلب النصيب الأكبر من الدمار في الحرب السورية، وفق أطلس نشره معهد الأمم المتحدة للبحث والتدريب (UNITAR) في آذار/مارس 2019.
وخلال عام 2020، انخفض عدد المنشآت المنتجة في المدن الصناعية السوري بنسبة 16%، بحسب بيانات للحكومة السورية، بينما يقول صناعيون إن النسبة أعلى بكثير.
ولا يختلف حال زياد الغباش (29 عاماً) وهو عامل سابق في معمل نسيج في حي البلليرمون عن سابقه، فهو الآخر خسر عمله بعدما أُغلق المعمل بداية العام الحالي.
ويقول “الغباش” إن إيجاد عمل آخر بات “أشبه بمعجزة” وخاصة مع توقف الكثير من الورش والمعامل عن العمل بشكل كامل أو تخفيضها لساعات الإنتاج، إذ باتت تستغني عن العمال، توفيراً للمصاريف.
ويشير إلى أن أكثر من 100 عامل خسر عمله مع إغلاق المعمل.
ووفقاً لصناعيين، فإن مشكلة إغلاق المنشآت لا تقتصر على البلليرمون فقط، فعدة معمل وورشات أغلقت أيضاً في مناطق الشقيف والشيخ نجار والكلاسة والقاجرطي في حلب.
ويبحث زياد الحسين (38 عاماً) وهوعامل سابق في معمل صباغة أقمشة في حي البلليرمون هو الآخر عن عمل جديد بعدما خسر عمله قبل عدة أشهر جراء إغلاق المعمل.
ويقول إن البحث عن فرصة عمل جديدة في حال وجدها ستكون “أجورها زهيدة ولا تكفي ثمناً للمواصلات”.