تحرير الشام تنتهج إهمال التعليم في منطقة “الدروز” بريف إدلب
إدلب – نورث برس
بسبب عدم توفر مدرسة ثانوية في قريته بمنطقة جبل السماق شمال إدلب، يخرج الطالب فيصل المواس (18 عاماً)، صباح كل يوم سيراً على الأقدام قاصداً مدرسة القرية المجاورة التي تبعد عن مكان سكنه مسافة طويلة.
وتعاني قرى جبل السماق (جبل الدروز) والتي تخضع لسيطرة هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً) واقعاً تعليمياً سيئاً، بسبب غياب الدعم، ما يجبر عشرات الطلاب للتوجه إلى المدارس في المناطق المجاورة.
ويضم جبل السماق قرى “بنابل- قلب لوزة- بشندلنتي- كفر كيلا- كفر مارس- حلله وتلتيتا- كوكو وبشندلايا”، ويبلغ عدد سكانه أكثر من 15 ألف نسمة غالبيتهم من المكون “الدرزي” وتتبع إدارياً لمنطقة حارم شمال إدلب.
واقع تعليمي سيء
ويقول الطالب “المواس” (18 عاماً) من قرية كفر كيلا بجبل السماق، إنه يقصد الثانوية في قرية قلب لوزة المجاورة بسبب عدم وجود مدرسة في قريته وغياب الدعم عن الحلقة الأولى.
ويتحمل “المواس” عناء المسير لمسافة أكثر من عشرة كيلو مترات صباح كل يوم، لرغبته الشديدة في إتمام تعليمه الثانوي.
وتكمن معاناته في فصل الشتاء نتيجة الأمطار والأجواء الباردة، إذ يكون مضطراً للخروج في الصباح الباكر حتى يتمكن من الوصول إلى المدرسة في الوقت المناسب.
وقال “المواس” إنه “لا يتوفر لدي أي خيار آخر، فالذي يريد أن ينجح عليه أن يتحمل على الرغم من أن المستقبل مجهول في منطقة مثل التي نعيش بها”.
كما ويضطر سمير الأشقر (42 عاماً) وهو من سكان قرية بنابل بجبل السماق، إلى نقل أطفاله الثلاثة بواسطة دراجته النارية صباح كل يوم إلى إحدى المدارس في مدينة كفرتخاريم المجاورة شمال إدلب.
ويقول “الأشقر” لنورث برس، إنه “ليس الوحيد الذي يقوم بنقل أطفاله إلى مدينة كفرتخاريم كي يتلقوا التعليم، بل العديد من سكان المنطقة باتوا مجبرين مؤخراً على القيام بذلك بسبب توقف سوء العملية التعليمية في قرى الجبل”.
إهمال متعمد
وقال جمال السعد (41 عاماً) وهو اسم مستعار لمدير مدرسة في جبل السماق، لنورث برس، إن ما تشهده مدارس المنطقة من إهمال هو متعمد من قبل حكومة الإنقاذ الجناح المدني لهيئة تحرير الشام”.
وأضاف “السعد” أن “حكومة الإنقاذ تقوم بفرض ضرائب وإتاوات على المنظمات الإنسانية التي تقدم إلى المنطقة لدعم القطاع التعليمي، الأمر الذي يجعلها تتوجه إلى مناطق أخرى في إدلب أو في ريف حلب”.
وأشار إلى أن قرى الجبل وبشكل عام “تعاني من فقدان كافة الخدمات إلى جانب التعليم على عكس واقع المناطق المجاورة”.
ويبلغ عدد المدارس في جبل السماق “تسعة مدارس خمسة منها في القسم الجنوبي من الجبل وأربعة في القسم الشمالي، معظمها تعمل بشكل تطوعي منذ سنوات ولا تتلقى أي دعم خاصةً مدارس الحلقة الثانية”، بحسب “السعد”.
وأشار إلى أنه و”نتيجة انقطاع الدعم وعمل الكادر التعليمي بشكل تطوعي اضطر الكثير منهم إلى العزوف عن التدريس في عدة مدارس”.
وأضاف “السعد” أنه مع “عدم توفر كادر تدريسي كافي لتغطية حاجة كافة المدارس تم جمع الطلاب في مدرستين فقط في قرى القسم الجنوبي من الجبل، خاصةً وأن العمل تطوعي”.
ويرى “باسل الجبلي” وهو اسم مستعار لمعلم في إحدى المدارس بجبل السماق، أن المعلم بإمكانه أن يعمل بشكل تطوعي لشهر واثنين وربما عام كامل، لكنه لا يمكنه الاستمرار في العمل التطوعي لأنه أيضاً مسؤول عن عائلة ويترتب عليه التزامات كثيرة، وهو ما حصل مع الكثير من المعلمين في مدارس الجبل”.
وأشار “الجبلي” إلى أن الهدف من قيام “حكومة الإنقاذ” من قطع الخدمات بشكلٍ شبه كامل عن قرى الجبل هو إفشاء الفقر والجهل في تلك القرى”.
وأضاف أن هيئة تحرير الشام تسعى إلى دفع السكان للتفكير بالهجرة أو النزوح إلى مناطق سيطرة الحكومة السورية، لتحقيق غاية لها ألا وهي جعل المنطقة من مكون واحد يوافق أفكارها”.