أملاك تباع دون علم مالكيها.. انتشار واسع لظاهرة تزوير الملكيات في إدلب

إدلب – نورث برس

تفاجأ محمد تلجة (45 عاماً) لدى توجهه لجني محصوله من الزيتون، قبل فترة، بوجود أشخاصٍ آخرين يعملون في حقله، مدّعين أنهم مالكي الأرض ولديهم عقود مصدقة ومختومة في إدلب شمال غربي سوريا.

يحمّل الرجل الأربعيني “حكومة الإنقاذ” الذراع المدني لهيئة تحرير الشام مسؤولية ما حصل لأرضه من خلال سعييها لجني أرباح عبر ضرائب وإتاوات تفرضها لإبرام عقود وتثبيتها، دون التأكد من صحة الأوراق.

ويقول إن “أشخاصاً قاموا بتزوير سندات ملكية خولتهم بيع أرضه الزراعية الواقعة في بلدة الفطيرة، والقريبة من خطوط التماس بين قوات الحكومة وفصائل المعارضة السورية”.

ويحضر “تلجة” وهو نازحٌ يقيم حالياً في مدينة الدانا شمالي إدلب، جلسات دعوى قضائية رفعها لاسترجاع أرضه التي بيعت دون علمه منذ أكثر من خمسة أشهر.

وتنتشر في إدلب ظاهرة بيع عقارات وملكيات بسندات مزورة، وذلك من خلال تزوير أوراق العقارات المراد بيعها، دون علم مالكها الأساسي.

ويضيف لنورث برس أن الأوراق التي بيعت أرضه من خلالها هي سندات بيع عقار مع توكيل موثقة من كاتب بالعدل وصادرة عن السجلات العقارية في مناطق سيطرة الحكومة السورية.

وأشار إلى أنه يملك “طابو أخضر” بأرضه وهو سند تمليك يتضمن معلومات العقار وجميع الحقوق المترتبة له وعليه، حيث قدّمه للمحكمة ولم تتخذ بعد أي قرار في القضية التي وصفها بـ”الشائكة”.

وتقدر مساحة الأرض بخمس دونمات مزروعة بأشجار الزيتون، بيعت مقابل 20 ألف دولار، إلا أن ثمنها الأصلي يتجاوز 30 ألف دولار، حيث عمل المزور على بيع الأرض والفرار إلى إحدى الدول الأوروبية وفق كلام “تلجة”.

وتحولت ظاهرة التزوير إلى مهنة تدر على ممتهنيها مبالغ طائلة، في حين ترفع عشرات الدعاوى القضائية في محاكم تابعة لحكومة الإنقاذ، من قبل أصحاب الملكيات الأصليين لاسترداد عقاراتهم.

يقول سليم الأحمد (38 عاماً) وهو اسم مستعارٍ لمحامٍ مقيم في إدلب، إن “العديد من الأشخاص امتهنوا تزوير العقارات بالتعاون مع موظفين وكتاب بالعدل ومحامين في مناطق سيطرة الحكومة السورية”.

ويعمل هؤلاء، وفق كلام المحامي، على نقل الملكية أو استخراج سندات توكيل تخول المزور بيع العقار دون الرجوع إلى المالك الأساسي مقابل مبالغ مالية يتقاضاها الموظفين.

ويشير إلى أن “معظم الأراضي والعقارات المسروقة تكون لأشخاص متوفيين، أو لاجئين أو معتقلين، ما يسهل على المزورين استخراج وثائق التوكيل، وخاصة إذ كان المزور قريب المالك الأساسي”.

ويضيف لنورث برس أن “هذه الأوراق يصعب كشفها كونها خارجة عن دوائر حكومية رسمية، وخاصة أن حكومة الإنقاذ لا تمتلك صحفاً عقارية للعديد من القرى والبلدات ما يصعب التأكد من المالك الحقيقي”.

ووفق المحامي، فإن “عمليات التزوير هذه يقع ضحيتها المالك الأساسي والشاري معاً، حيث تمتد الدعاوى في هذا الشأن لأكثر من سنة ونصف، ليتعهد مالك الأرض بتعويض الشاري بأقل من نصف المبلغ الذي خسره أو العكس”.

كما وتنتشر في إدلب ظواهر تزوير الملكيات والشهادات الجامعية والوثائق العلمية والأوراق الثبوتية كالهويات الشخصية والبيانات العائلية، وقد يلجأ البعض لشرائها بغرض القيام بأفعال غير شرعية وقانونية.

لم يكن مصطفى الأخرس (33 عاماً) وهو اسم مستعار للاجئ مقيم حالياً في تركيا، أفضل حالاً من سابقه حين وجد منزله الكائن في مدينة سرمدا مباعاً لشخصٍ آخر، بعد عودته لقضاء إجازة العيد مع عائلته.

يقول الشاب إن “المزور استغل غيابه، حيث باع منزله الفارغ مقابل 12ألف دولار أميركي، ومن ثم لجأ إلى ألمانيا، ما أجبره لتوكيل محامٍ لرفع دعوى قضائية ضده في محكمة سرمدا”.

ويتساءل “الأخرس” عن كيفية بيع منزله بشكلٍ قانوني وبأختام حكومة الإنقاذ الذراع المدني لهيئة تحرير الشام، مشيراً إلى “أنهم يتخذون أرزاق الناس والأهالي كتجارة إضافية لتسلطهم على كافة مفاصل الحياة“.

إعداد: سمير عوض – تحرير: هوكر العبدو