تحطيب في جبلي الأكراد والتركمان بريف اللاذقية ولـ”تحرير الشام” نسبة
إدلب- نورث برس
يستمر نصر التركماني (37 عاماً)، وهو اسم مستعار لتاجر حطب بريف اللاذقية الشمالي، في قص أشجار الصنوبر وغيرها من الأشجار الحراجية في منطقة سيطرة المعارضة بجبلي الأكراد والتركمان رغم انخفاض درجات الحرارة هذه الأيام.
وسيعمل التاجر، كعادته منذ أكثر من ثلاثة أعوام، على نقل ما احتطبه إلى أسواق إدلب المجاورة بعد إعطاء نسبة من الأرباح لهيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً).
وبعد استعادة القوات الحكومية خلال عمليات عسكرية عام 2016 مواقع سيطرت عليها المعارضة، لم يبق منها بريف اللاذقية سوى منطقة جبل الأكراد وجبل التركمان.
وتعتبر آخر هذه المواقع اليوم امتداداً لمنطقة سيطرة هيئة تحرير الشام، لكنها كانت خلال فترات سابقة معقلاً لجماعات مسلحة أخرى أبرزها الحزب الإسلامي التركستاني.
ولم تكتفِ هيئة تحرير الشام في إدلب باحتكار القطاعات الاقتصادية الرئيسة كالمحروقات والصناعة والإنترنت والكهرباء، بل تجاوزتها لتحطيب الأشجار وبيعها، من خلال فرض دفع التجار نسبة من الأرباح لها.
يقول نصر التركماني، الذي كان في السابق موظفاً لدى الحكومة، لنورث برس، إن سوء الأوضاع المعيشية وفقدانه دخله قبل خمسة أعوام دفعاه لهذا العمل، وإنه يحصل على دخل “أسبوعي جيد” حين يبيعها في سوق مدينة جسر الشغور غرب إدلب.
ويضيف أن قليلاً ممن يعملون في التحطيب هنا هم من السكان المحليين الذين يكتفون غالباً بحاجة منازلهم، لا سيما بعد أن أصبحت بعض المساحات شبه خالية من الشجر.
نسبة أرباح
ويشير “التركماني” إلى أن هيئة تحرير الشام تجبر التجار الصغار على بيع حطبهم لآخرين منحتهم أذونات عمل في التحطيب مقابل نسبة من الأرباح، وذلك بذريعة منع إدخال الحطب الأخضر.
ويقول سومر الكامل (31 عاماً)، وهو اسم مستعار لتاجر حطب من مدينة جسر الشغور بريف إدلب، إن هيئة تحرير الشام فرضت مؤخراً دفع مبلغ (قد يصل إلى 15 دولاراً أميركياً) عن كل سيارة تدخل منطقة إدلب.
ويضيف أن ذلك تسبب بتراجع أرباحه إلى ما دون النصف، وإن أردنا بيع الحطب لمراكز وتجار الهيئة فلن يشتروه بسعر مناسب.
ووفقاً لـ “الكامل” فإن تحرير الشام وبعد طرد جماعتي “مسلم الشيشاني” و”أبو فاطمة التركي” باتت تتفرد بالسيطرة على أي عمليات نقل للبضائع.
لكنه عاد وأشار إلى أن “الحزب الإسلامي التركستاني” يفرض هو الآخر أحياناً إتاوات على التجار بحجة قطع الحطب دون التنسيق مع قيادته.
مساحات جرداء
و يتخوف سكان في قرى المنطقة من تحول جبال التركمان و الأكراد إلى صخور جرداء بسبب التحطيب العشوائي، خاصةً في ظل غياب الرقابة والشروط على عمل تجار الحطب.
ورغم أن بعض السكان كانوا يعتمدون منذ القديم على قطع الأشجار للتدفئة أو للحصول على دخل منها، إلا أن الأمر لم يكن بهذه العشوائية، فالمزارعون المحليون يعرفون حجم الكارثة إذا ما خلت المنطقة من الأشجار.
ويرى أحمد الساحلي، وهو اسم مستعار لناشط إعلامي من سكان المنطقة، أن قيام “تحرير الشام” بالسماح لمئات الأشخاص و التجار من المناطق المجاورة كريفي حماة وإدلب بالقدوم إلى المنطقة وقطع مئات الأشجار يومياً، جعل كثيراً من المساحات جرداء.
يقول لنورث برس إن غابات المنطقة كانت تضم كميات حطب تكفي السكان المحليين لأكثر من 25 عاماً قادماً، “إلا أن الوضع اختلف خلال العامين الماضيين، فعشرات الأطنان تخرج بشكل يومي نحو ريف إدلب”.
وأشار إلى توجه بعض الأشخاص لقطع ما تبقى من أشجار في المناطق القريبة من مواقع سيطرة القوات الحكومية.