مخلفات الحرب تهدد حياة سكان في درعا والحكومة لا تكترث بإزالتها

درعا- نورث برس

ما تزال الألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة في محافظة درعا، جنوب سوريا، تهدد حياة السكان إذ يتسبب عدم إزالتها بإصابات دائمة بينما تكلف آخرين حياتهم.

وقبل نحو شهرين، فقد محمد أبو نقطة (40 عاماً) وهو اسم مستعار لأحد سكان حي طريق السد في مدينة درعا طفله البالغ من العمر11 عاماً إثر انفجار صاروخ غير متفجر به.

وقال الوالد إن طفله عثر على هيكل صاروخ أثناء عودته رفقة أصدقائه من المدرسة ليتسبب العبث به بانفجاره.

وتسبب ذلك بوفاة الطفل بعد أسبوع من بقائه في العناية المركزة إثر إصابته بجروح خطيرة في معظم أنحاء جسده، بينما كانت إصابات أصدقائه خفيفة.

وتتنوع المخلفات التي تتسبب بحوادث في درعا وريفها بين ألغام وقذائف مدفعية أو هاون وأخرى عنقودية وصواريخ لم تنفجر بعد استخدامها في المعارك.

يصف الوالد لحظة فقدان طفله بأنها كانت “شديدة الصعوبة” على جميع أفراد العائلة، ويحمّل القوات الحكومية مسؤولية ذلك، “فهي لم ترسل أي فرق مختصة لإزالة مخلفات الحرب وتنظيف المناطق المأهولة بالسكان منها”.

وأثناء المعارك والاشتباكات بين فصائل المعارضة المسلحة خلال السنوات الأولى من الحرب السورية، بالإضافة إلى الحملة العسكرية الحكومية الأخيرة على أحياء درعا البلد وطريق السد والمخيم، تم زرع ألغام أرضية وترك ذخائر غير متفجرة بين الأحياء السكنية.

وخلال الشهور الأخيرة من العام الماضي، تعرضت أحياء درعا البلد وطريق السد والمخيم لحصار وقصف من جانب القوات الحكومية والفصائل الموالية لإيران، قبل أن يتم التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار والبدء بعملية التسوية.

القوات الحكومية تتعمد

وفي الثلاثين من تشرين الأول/ أكتوبر العام الماضي، فقد ثلاثة أطفال حياتهم  في بلدة خربة غزالة بريف درعا الشرقي في انفجار قنبلة من مخلفات الحرب.

وفي العاشر من الشهر ذاته، فقد عمار العاسمي (55 عاماً)، وهو من سكان مدينة داعل بريف درعا، حياته في انفجار لغم أرضي أثناء حراثة أرضه في السهول الزراعية المحيطة في موقع تل السمن العسكري غرب داعل.

وقال عاصم الرحمة (50 عاماً)، وهو اسم مستعار لأحد وجهاء مدينة درعا، إنهم طالبوا ضباطاً حكوميين اجتمعوا بهم في أكثر من مناسبة بإرسال فرق هندسية مختصة لإزالة مخلفات الحرب.

“لكنهم أخبرونا أنه ليس لديهم عناصر مختصون بإزالة مخلفات الحرب”.

وأشار إلى أنهم كانوا يسمعون وبشكل شبه يومي أصوات انفجارات في مناطق محيطة بمدينة درعا تتواجد فيها نقاط وحواجز القوات الحكومية، كانت ناتجة عن قيام فرق هندسية مختصة بتنظيف تلك المناطق دون غيرها من مخلفات الحرب.

وأضاف أن القوات الحكومية ما تزال تنظر إلى درعا على أنها “الحاضنة الرئيسة للمعارضة، لذا تتعمد عدم إرسال فرقها الهندسية لإزالة الألغام وغيرها من الذخائر غير المتفجرة”.

ووفقاً لمصادر محلية، فإنه وبعد سيطرة القوات الحكومية على كامل درعا قبل أكثر من ثلاثة أعوام، اشترط عناصر تابعون لفرع الأمن العسكري على السكان دفع عشرة آلاف ليرة لتنظيف كل دونم واحد من الأراضي الزراعية من مخلفات الحرب.

وفي التاسع والعشرين من آب/ أغسطس العام الماضي، فقد طفلان شقيقان حياتهما وأُصيبت والدتهما وشقيقتهما بجروح، في انفجار قنبلة بجانب منزلهم شمال بلدة قرفا بريف درعا.

وبعدها بيوم، فقد محمد صايل (11 عاماً)، وهو من سكان بلدة صور بمنطقة اللجاة شرق درعا، حياته وبتر قدم طفل آخر في انفجار قنبلة شرق البلدة.

توعية في المدارس

وخصصت نور المساعيد (36 عاماً)، وهو اسم مستعار لمعلمة في مدرسة ابتدائية بمدينة درعا، حصة أسبوعية لتوعية التلاميذ بمخاطر الأجسام الغريبة والمعرضة للانفجار في حال العبث بها.

وقالت المعلمة إنه وبعد فقدان أطفال لحياتهم جراء انفجار مخلفات الحرب بالقرب من منازلهم، قررت أن تتحمل مسؤولية توعية التلاميذ في المدرسة التي تعمل بها.

وأشارت المعلمة إلى أن خبرتها في هذا المجال كانت شبه معدومة، فاستعانت بمقاطع فيديو على الإنترنت تشرح عن كيفية التعامل مع مخلفات الحرب وما يتوجب على الطفل فعله في حال العثور عليها.

وعملت “المساعيد” على تحميل صور من الإنترنت لأشكال مخلفات الحرب ومنها القنابل العنقودية والصواريخ والقذائف والألغام الأرضية، وعرضت الصور على التلاميذ بهدف حفظ تلك الأشكال وعدم الاقتراب منها في حال العثور عليها أثناء عودتهم من المدرسة أو اللعب بالقرب من منازلهم.

وفي الثاني عشر من آذار/ مارس العام الماضي، قضى طفل وأصيب آخر بجروح، جراء انفجار لغم أرضي بهما خلال تواجدهما في أرض زراعية جنوب مدينة طفس بريف درعا الغربي.

وقبله بعدة أيام، أصيب طفل جرّاء انفجار قذيفة دبابة في بلدة النعيمة في ريف درعا الشرقي.

وذكرت المعلمة أن فكرة توعية التلاميذ لاقت استحسان ذويهم، ومدرسين ومديري مدارس في المنطقة.

وتخطط “المساعيد” حالياً لتطبيق فكرتها في مدارس المدينة بما فيها الإعدادية والثانوية أيضاً “في ظل الغياب الواضح للمنظمات المعنية بنشر التوعية بين السكان”.

 إعداد: مؤيد الأشقر- تحرير: سوزدار محمد