السويداء –NPA
يصيح بائع في سوق الخضار والفواكه في مدينة السويداء (جنوب سوريا)، “أرخص من البصل يا تفاح…أرخص من البطاطا يا تفاح”.
تشهد السويداء انخفاضا ملحوظا في سعر التفاح(احد المنتجات الرئيسية التي يعتمد عليها أبناء المدينة)، فقد أصبح الكيلوغرام الواحد بما لا يزيد عن سعر نصف كيلو من البصل أو البطاطا.
يقول أبو عبد الله الحلبي، أحد مالكي بساتين التفاح في منطقة ظهر الجبل القريبة من مدينة السويداء، في حديث مع وكالة “نورث بريس”: “في كل موسم آمل أن يكون الوضع أفضل من الموسم السابق، إلّا أنه يكون أسوأ، فالأسمدة والمبيدات الحشرية واليد العاملة ترتفع أسعارها، بعكس سعر التفاح تماما”.
يضيف أبو عبدالله: “ما زلت أنتظر أن أتسلم ثمن الموسم الماضي من التاجر، وخاصة أن موسم الفلاحة والتقليم بدأ، ومع أزمة المازوت زادت التكلفة، والتاجر يشكو حاله”، لافتاً “إنني أفكر في أن أقطع شجر التفاح وأزرع الأرض بالبطاطا والبندورة، فهي ذات مردود مادي أكبر، ولا تحتاج للتعب الذي نتكبده على شجر التفاح”.
وليس الفلاحون وحدهم من يعانون من أزمة رخص أسعار التفاح هذا الموسم، فنسبة كبيرة من التجار من خارج السويداء أيضا يشتكون من المعاناة ذاتها، فهؤلاء معروفون في المنطقة بـ”ضامني التفاح”، ويقومون بشراء المحصول قبل نضوجه، ويأتون بورش عمال لقطفه، ويحجزون له برادات خاصة، بانتظار موسم الشتاء ليبيعوا ما لديهم، الأمر الذي يحملهم أعباء مالية إضافية.
وعانى التجار هذا الموسم من عدم قدرتهم على تصريف المحصول خارج البلد، الأمر الذي تسبب في هبوط سعره داخليا، وخاصة مع قرب نهاية الموسم حيث تُفرغ البرادات من المحصول خلال الشهر الجاري استعداداً للموسم الجديد.
ويعتقد كثير منهم أن الحكومة تركتهم مع المزارعين يواجهون خسائرهم، معتبرين أن ما استجرّته مؤسسة التجارة الداخلية يكاد لا يذكر من حجم المحصول، كما لم تعمل على إيجاد أسواق خارجية له.
وبين أحد التجار (ممتنعا عن ذكر اسمه)، أن “تجار التفاح علّقوا آمالاً كبيرة على فتح معبر نصيب الحدودي بين سوريا والأردن، وخاصة بعد أن عانوا لعدة سنوات من تكاليف ومصاعب تصدير المحصول إلى مصر عبر البحر، إلّا أن الأمر كان عكس ذلك، فقد قامت السلطات الأردنية بإرجاع الكثير من برادات التفاح، ومع كل براد يعود يتحمل التاجر عشرات ألاف الليرات من الخسائر”.
و يلفت التاجر إلى تلف نسبة كبيرة من المحصول، حيث يقوم البراد السوري على إفراغ الحمولة لتخضع للتفتيش ومن ثم تحمل من جديد في براد أردني، ليقوم بدوره بنقلها إلى مصر أو إحدى دول الخليج، وثمرة التفاح شديدة الحساسية فأي ضغط عليها يتلفها”.
تاجر آخر أشار إلى مشكلة: “إعادة كميات من التفاح المصدّر، تحت بند عدم مطابقته للمواصفات العالمية، حيث تشير التحاليل إلى ارتفاع نسبة السُمّية داخله”.
و خلال الفترة الماضية تحدثت مصادر رسمية عن وجود مساع للتوصل إلى اتفاق مع الجانب العراقي كي يتم تصدير ما تبقى من محصول تفاح العام الماضي والذي يقدر ما بين /70-80/ ألف طن، وأنه تم إرسال العديد من الكتب الرسمية للحكومة بدمشق لإيجاد سبل لتسويق آلاف أطنان التفاح بأقرب وقت وإلّا ستسبب بخسائر اقتصادية كبيرة للمحافظة.
وكان رئيس غرفة زراعة السويداء (التابعة لحكومة دمشق)، حاتم أبو راس، قد قال في تصريحات صحفية سابقة إن “الإنتاج الغزير لمحصول التفاح في السويداء وما قابله من استجرار قليل للسوق الداخلية في المحافظات، الذي اقتصر على محافظتي دمشق وحلب، وعدم وجود سوق خارجية؛ أبقى آلاف الأطنان من التفاح غير المسوق ضمن البرادات الخاصة على مستوى المحافظة”، وأشار أبو راس إلى حالة القلق من الكم الموجود من التفاح في البرادات والذي يتجاوز الـ/18/ ألف طن.
وتعتمد آلاف العائلات على عائدات موسم التفاح الرئيسي في المحافظة، حيث من المرجح أن يترك عدم تصريف الموسم الحالي بظلال ثقيلة على دخولها، في وقت يعاني غالبية أهالي المحافظة من الفقر وارتفاع نسبة البطالة.