تعدد الجهات المطلوب موافقتها يربك عمليات الترميم في دمشق القديمة
دمشق ـ نورث برس
حارات دمشق القديمة تعرضت لأكثر من حريق كبير التهم الكثير من محلاتها، فخلال سنوات الحرب احترقت عشرات المحلات التجارية والمستودعات في أسواق دمشق القديمة، فما الذي يحول دون إيجاد حل لمنع تكرار هذه الحوادث، وما هي أسباب تلك الحرائق؟.
تاجر وصاحب محل مواد غذائية في سوق باب الجابية في دمشق القديمة، فضل عدم ذكر اسمه، قال لنورث برس إن موضوع الحرائق مرتبط بموضوع قدم المحلات.
وشدد على أن الكثير من تلك المحلات مصنوعة من خشب أصبح “مسوساً”.
كما أشار التاجر إلى سبب آخر وهو “الأهم”، بحسب وصفه، والذي يتمثل بعدم إعطاء الرخص للترميم بإزالة الخشب المسوس في بعض الأحيان. وعدم إجراء صيانة أو تقييم وضع راهن للمحل.
وكذلك بسبب البطاريات واسترخاص التجهيزات من ليدات وسواها. “كل تلك الأمور تتسبب في حصول الحرائق في كثير من الأحيان”.
ورأى أن الحل يكمن في وجود شهادة تثبت جودة التوصيلات والتجهيزات تقوم بها جهة محايدة ويكون ثمنها مدفوعاً من المحافظة، أما الإصلاح يكون على نفقة صاحب المحل.
وعن مشاكل الترميم التي تعيق أصحاب المحلات عن القيام بذلك، قال صاحب محل بزورية في سوق مدحت باشا لنورث برس، إن الأمر يحتاج إلى الكثير من الإجراءات التي تتوزع بين جهات كثيرة منها السياحة والمحافظة والآثار والمتاحف، ومديرية دمشق القديمة.
وإضافة للإجراءات يكلف الترميم مبالغ مالية كبيرة يضاعفها ضرورة الالتزام بمواد من مواصفات محددة تكاليفها أعلى بكثير، بحسب التاجر.
وأضاف صاحب محل آخر في سوق مدحت باشا غير مكانه إلى محل آخر، أن المحل الذي تركه يريد صاحبه أن يرممه، وبعد الانتهاء من الترميم لن يتمكن من العودة إليه لأن سعر أجاره سيتجاوز المليون ليرة.
وعن أسباب الحرائق التي حصلت في البزورية، قال صاحب محل عصرونية يتوسط سوق البزورية، إن الذي حصل هنالك كان سببه احتراق محرك براد في إحدى المحلات المتوسطة للسوق، وامتدت النيران بسرعة لتلتهم كل ما حولها.
وأضاف أن الحريق الذي أصاب سوق العصرونية كان بسبب انفجار جملة من القداحات الصينية المستوردة التي انفجر بعضها بسبب سوء نوعيتها.
وعما يشاع عن وجود أيد إيرانية خفية وراء الحرائق التي تحصل بهدف الاستيلاء على تلك المحلات أو عقب رفض أصحابها لفكرة بيعها إلى جهات إيرانية، نفى عضو في غرفة تجارة دمشق هذا الرأي بشدة،
وشدد على أن هذا “لا يمكن أن يحصل نهائياً”.

سوق باب الجابية في دمشق ـ نورث برس
من هنا
وفي نيسان/ أبريل 2016 احترق أكثر من 83 محلاً تجارياً في سوق العصرونية بدمشق، حيث تختص تلك المحلات ببيع مواد يغلب على أنواعها المواد البلاستيكية شديد الاشتعال.
وقدرت الخسائر حينها بمبالغ فاقت الملياري ليرة، وذكر مصدر في فوج إطفاء دمشق لوسائل إعلام محلية أن 12 سيارة إطفاء شاركت في إخماد هذا الحريق الكبير.
وأشار إلى أن عملية إخماد الحريق تطلبت “جهوداً كبيرة لاحتوائه والسيطرة عليه لأن المحلات من طينة البيوت”، كما صرح هذا المصدر.
وبعد ثمانية أشهر على هذا الحريق وفي العام ذاته احترق في سوق الحميدية بدمشق 13 محلاً تجارياً، ليتبعه في العام التالي منتصف أيلول/ سبتمبر من 2017 حريق في سوقي الهال القديم والمناخلية المجاورين لسوق العصرونية، التهم عشرات المحال والبسطات.
وفي 2019 حصل حريق في منزل بمنطقة العمارة في دمشق تسبب بموت 7 أطفال أشقاء تتراوح أعمارهم بين 3- 13 عاماً.
وذكرت المصادر المطلعة، حينها، أن سبب الحريق ناجم عن مدفأة كهربائية تسببت باحتراق المنزل كاملاً، ساعد على ذلك قدم المنزل وعدم ترميمه.
وبعد أربع سنوات وقع حريق في سوق البزورية في 2020 وامتد إلى بعض المحلات التجارية ومستودعات للسكاكر والمواد الأولية الخاصة بصناعة السكاكر وتسبب بأضرار كبيرة.
وفي 2021 حصل حريق في منطقة السمانة بدمشق القديمة بمنزل قديم طال معه معملاً ومستودعاً للمنظفات.
وفي العام ذاته، أيضاً، نشب حريقاً في مستودع أقمشة ضمن سوق “زقاق المحكمة” في منطقة الحريقة قرب مدخل سوق مدحت باشا وسط مدينة دمشق.
وتسبب إخماد هذا الحريق بوفاة شخص من عناصر الإطفاء، واختناق شخصين آخرين إضافة إلى احتراق 6 محلات تجارية مجاورة وانهيار محال أخرى كما قال مدير “الدفاع المدني” بدمشق أحمد عباس لوكالة الأنباء “سانا” التي تديرها الحكومة السورية.

سوق مدحت باشا في دمشق القديمة ـ نورث برس
أسباب
وعن أسباب حدوث هذه الحرائق التي تتسبب بكل تلك الخسائر المادية والمعنوية كانت كل التصريحات تشير إلى حدوث ماس كهربائي.
وفي اتصال هاتفي مع أحد كوادر الإطفاء في مديرية إطفاء دمشق ذكر سامر حسن وهو اسم مستعار لنورث برس، أن مهمات إطفاء الحرائق في دمشق القديمة من أصعب المهمات التي تواجههم في أعمالهم.
وأعاد السبب إلى البناء الطيني القديم المسقوف بالخشب غالباً إضافة لكثرة المواد القابلة للاشتعال، “تجعل النار تنتشر بشكل سريع، ويجعلهم في حالة سباق مع النيران تضاف إلى حالة الخطر التي يتعرضون لها من جهة وصعوبة السيطرة على النيران من جهة ثانية”.
وأضاف “حسن” أن الكثير من الحرائق حصلت في محلات ضيقة ومزدحمة وهذا يعيق ويؤخر وصول سيارات الإطفاء بالسرعة المطلوبة.
وأشار إلى أنه في الحريق الأخير “زقاق المحكمة” تأخرت السيارات حتى وصلت إلى مكان النيران بسبب ضيق الحارات، الأمر الذي دفعهم إلى مد الخراطيم على مسافات طويلة احتاجت منهم الجهد والوقت.
وفي وقت سابق، صرح مدير الدفاع المدني أحمد عباس لوسائل إعلام محلية، أن طبيعة المواد التي تتعرض لحريق هي من يساهم في انتشاره إلى مسافات بعيدة كالنسيج والقطنيات والبولستر والنايلون.
وأضاف: “كل هذه تساهم في توسع الحريق وانتشاره، يضاف إلى هذا طبيعة الأبنية الطينية القديمة للمنطقة والمسقوفة بالخشب”.