عشرات القرى في شمال الحسكة بلا كهرباء والسبب القصف التركي

تل تمر – نورث برس

يحتاج الميكانيكي عبدالرحمن العزو للكهرباء كي يتمكن من صيانة جرار زراعي في محله بريف تل تمر شمال الحسكة، شمال شرقي سوريا، لكنها مفقودة منذ أشهر ما يمنعه من تشغيل معداته الكهربائية.

ويقول الرجل الواقف أمام محله في قرية عين العبد إن انقطاع الكهرباء أثر على عمله كثيراً، “فلا أعمل حالياً سوى الأعمال التي تعتمد على الجهد البدني”.

ويعاني سكان عشرات القرى في ريف تل تمر، منذ نحو خمسة أشهر من انقطاع تام للتيار الكهربائي بعد خروج شبكات الكهرباء على خطوط التماس عن الخدمة بعد أن طالتها قذائف عشوائية أطلقتها القوات التركية وفصائل المعارضة الموالية لها.

وتتعرض أرياف تل تمر الشمالية والغربية، منذ نحو عامين لقصف متكرر من قبل القوات التركية وفصائل المعارضة المسلحة المتمركزة على تخوم البلدة، ما أدى لإفراغ عشرات القرى ودمار في البنى التحتية وخروج العديد من المنشآت الحيوية والتعليمية عن الخدمة.

والثلاثاء الماضي، قصفت القوات التركية قرية الدردارة شمال تل تمر وذلك بعد أسبوع من الهدوء شهدته عموم خطوط التماس في المنطقة.

وقال مصدر في مجلس تل تمر العسكري، حينها لنورث برس، إن القوات التركية والفصائل الموالية لها استهدفت بوابل من القذائف الهاون والمدفعية القرية، وإن القصف أسفر عن أضرار مادية في منازل وممتلكات المدنيين.

وفي الخامس والعشرين من الشهر الماضي، استهدفت القوات التركية وفصائل المعارضة بالقذائف قرية تل شنان الآشورية شرق تل تمر.

وتزامن مع القصف التركي حينها تحليق لمروحيتين تابعتين للقوات الروسية في سماء المنطقة.

45 قرية بلا كهرباء

ورغم الأجواء الخريفية الباردة خلال النهار، إلا أن العرق يتصبب من جبين “العزو” وهو ينهمك في عمله الذي يحتاج لمجهود كبير في حال عدم توفر الكهرباء.

يقول الميكانيكي وهو يقف أمام محله الواقع بالقرب من الطريق السريع M4 المار ضمن القرية مرتدياً سترة العمل المتشحة بزيوت المحركات: “نحن منذ أشهر بلا كهرباء، وليست لدي مولدة كهرباء خاصة، لذا أضطر للذهاب إلى تل تمر لتسيير أعمال تعتمد على الكهرباء كاللحام”.

وأثر انقطاع الكهرباء المستمر بشكل مباشر على حياة السكان، فمع حلول المساء تغرق عشرات المنازل في أرياف تل تمر على خطوط التماس في ظلام دامس، معظمها لذوي دخل محدود لا يمتلكون مولدات منزلية.

وتتركز الأعطال التي لحقت بأبراج وخطوط التوتر العالي في القرى نتيجة القصف، فيما تقول مؤسسة الكهرباء التابعة للإدارة الذاتية في البلدة إن ورش الصيانة التابعة لهم، لا تستطيع القيام بأعمال الصيانة نظراً لاستمرار القصف التركي على المنطقة.

وقال فهد سمعيلة، الرئيس المشارك لكهرباء تل تمر، إن 45 قرية شمال وشرق تل تمر بلا كهرباء منذ التاسع والعشرين من تموز/ يوليو الفائت بسبب أَضرار في شبكات الكهرباء جراء القصف التركي على المنطقة.

وأشار إلى أنهم لا يستطيعون القيام بأعمال الصيانة إلا من خلال التنسيق مع القوات الروسية لدخول المنطقة معهم، نظراً لوقوع الأماكن المتضررة بالقرب من القرى الخاضعة لسيطرة القوات التركية وفصائل المعارضة المسلحة الموالية لها.

“تكاليف باهظة”

وبحسب الرئيس المشارك لمركز الكهرباء، فإن الأضرار في خطوط الكهرباء تتركز في قرى الدردارة وخربة الشعير والشيخ علي “وهناك انهيار في الشبكة وبحاجة لصيانة لعدة أيام”.

ومن أبرز الصعوبات التي يواجهها السكان في ظل انقطاع التيار الكهربائي، التكاليف الباهظة للأعطال المتكررة للمولدات والتي غالباً تفوق صيانتها القدرة المادية للكثير من العائلات.

وقال علي المحمد، وهو رجل ستيني من قرية عين العبد، إن مصروف المولدة التي يمتلكها كبير جداً، “وباتت تكلفة الصيانة باهظة أيضاً”.

ويشير إلى نقص في مادة المازوت التي يستلمها من لجنة المحروقات في تل تمر شهرياً، سبباً آخر في العيش بالعتمة.

ويستلم “المحمد” شهرياً 100 لتر من المازوت من اللجنة ، “وهذه الكمية قليلة في ظل انقطاع الكهرباء على مدار اليوم”.

لكن دلدار يوسف، وهو إداري في لجنة الاقتصاد في تل تمر، أرجع قلة كميات المحروقات إلى الضغط على محطات الوقود حالياً جراء توزيع مخصصات المازوت للتدفئة الشتوية على السكان والتزامن مع بدء موسم زراعة البذار.

وأشار إلى أنهم خفضوا كميات المازوت الموزعة على أصحاب المولدات الكهربائية الخاصة من 200 لتر إلى 100 لتر، معتبراً ،أن الأمور ستكون أفضل عقب الانتهاء من توزيع مستحقات مادة المازوت للتدفئة وزراعة البذار.

لكن عائلة “المحمد” ستمضي كثيراً من الليالي  في الظلام لتوفير الوقود أو تخفيف الأعطال في المولدة المنزلية لحين توفر حلول أخرى.

إعداد: دلسوز يوسف- تحرير: سوزدار محمد