درعا- نورث برس
على الرغم من إغلاق الأجهزة الأمنية التابعة للقوات الحكومية، الثلاثاء الماضي، آخر مراكز التسوية في محافظة درعا جنوبي سوريا، إلا أن تلك التسويات لم تشمل بلدات ومناطق عدة في أريافها.
ويعيد وجهاء وناشطون السبب في ذلك إلى الدور الذي لعبه اللواء الثامن والتواجد الروسي في المنطقة.
وتم تسوية أوضاع عدد من المطلوبين من مناطق مدينة بصرى الشام وبلدة معربة وريفيهما جنوبي درعا ومنطقة اللجاة شمال شرقها في مراكز تسوية بمناطق أخرى، بعد عدم افتتاح مراكز فيها.
كما أنشأت الأجهزة الأمنية مركزاً في قسم شرطة المحطة في مدينة درعا لتسوية أوضاع المطلوبين الذين وردت أسماؤهم في قوائم التسويات ولم يتم إجراء تسوية لهم في بلداتهم وقراهم.
ونهاية آب/أغسطس الماضي، بدأت التسويات في درعا البلد والأحياء المحيطة بها بعد الاتفاق الذي عُقد بين وجهاء درعا واللجنة الأمنية التابعة للقوات الحكومية برعاية الشرطة العسكرية الروسية.
وكانت الأجهزة الأمنية التابعة للقوات الحكومية قد أنشأت 23 مركزاً تمت فيها تسوية أوضاع ما يقارب 14 ألف من المطلوبين للحكومة، وتسليم عدد من الأسلحة وتحصيل مبالغ مالية كبيرة بدل الأسلحة المفقودة.
دور للواء الثامن
وتُعتبر بصرى الشام المعقل الرئيس للواء الثامن، الذي لعب دوراً كبيراً في استقرار المنطقة خلال السنوات الثلاثة الماضية.
ويتبع اللواء الثامن للفيلق الخامس، أحد تشكيلات الدفاع الوطني المستقلة عن النظام والتابعة بشكل مباشر لقيادة القوات الروسية في سوريا.
وتأسس هذا اللواء بشكل رئيس من مقاتلي لواء “شباب السنة” الذي كان يُقاتل في صفوف المعارضة بقيادة أحمد العودة حتى عام 2018.
كما لعب التشكيل العسكري دور الوسيط في الأحداث التي رافقت قيام القوات الحكومية وبعض الفصائل المدعومة من إيران بمحاولة اقتحام درعا البلد وحي طريق السد والمخيمات مطلع شهر تموز/يوليو الماضي.
واعتبرت كل من روسيا والحكومة المناطق التي تتواجد فيها المجموعات العسكرية التابعة للواء مناطق آمنة وغير معادية.
وعمل اللواء الثامن على ضمان عدم مهاجمة أي حواجز عسكرية تابعة للقوات الحكومية في منطقة اللجاة بريف درعا الشرقي.
وقال أحد وجهاء منطقة بصرى الشام، شرط عدم نشر اسمه، إن القوات الحكومية ومؤسسات الدولة السورية لم تتعرض لأي هجمات في هذه المنطقة، كما أن الأسلحة بقيت منضبطة بأيدي عناصر اللواء الثامن ولم يسمح باستخدامها حتى في المناسبات.
ولم يتم إنشاء أي مركز تسوية في منطقة اللجاة التي تضم ثلث مساحة محافظة درعا.
لكن التسوية أجريت لعشرات المطلوبين من منطقة اللجاة في بلدة مجحة وبصر الحرير ومدينة أزرع بريف درعا الشرقي، بحسب مصادر محلية.
وقال خليل الخليل، وهو اسم مستعار لوجيه آخر في اللجاة، إن التسويات لأبناء المنطقة اقتصرت على مراجعة مراكز التسوية وتسليم ما يقارب 30 قطعة سلاح خفيفة.
وأضاف أن القوات الحكومية لم تدخل إلى قرى وبلدات بصرى للتفتيش على غرار باقي بلدات درعا.
واعتبر أن السبب وراء ذلك هو “الأمان النسبي الذي تعيشه اللجاة، حيث لم تُسجل على مدى ثلاثة أعوام ماضية أي هجمات ضد القوات الحكومية أو حواجزها العسكرية”.
دور روسي
ويولي الجانب الروسي أهمية كبيرة لهذه المنطقة، وقد لعب دوراً رئيساً في عودة السيطرة الحكومية عليها، لتكون موطئ قدم لهم في الجنوب السوري.
ويقول مراقبون إن هذه التسويات التي جرت في درعا برعاية روسية “سحبت البساط من تحت القوات الحكومية لتبسط روسيا سيطرتها على الجنوب السوري المحاذي لحدود إسرائيل الشمالية”.
وفي الرابع والعشرين من الشهر الماضي قال رئيس الوزراء الإسرائيلي: إن “الروس هم جيراننا في الشمال إلى حد ما”.
وقال الصحفي والباحث السوري حسام البرم، لنورث برس، إن ما حصل خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة هو تنفيذ لوجهة النظر الروسية.
وأضاف أن موسكو تسعى للتهدئة وتسريع عملية إعادة السيطرة الحكومية والبدء بإعادة الإعمار.