عامان من النزوح ولا ظروف آمنة لعودة نازحي تل أبيض
كوباني- نورث برس
يتذكر نازحون مسنون من ريف تل أبيض يعيشون في كوباني، شمالي سوريا، ما عانوه منذ نزوحهم من منازلهم قبل عامين، وذلك مع اعتداءات تركية على مناطق نزوحهم وتهديدات بأعمال عسكرية أخرى ضد مناطق شمال وشرق سوريا.
ويروي عدنان حج مسلم (67 عاماً)، وهو نازح من قرية تل فندر، 7 كم غرب تل أبيض، تفاصيل نزوحه قبل عامين، وكيف شردت تركيا والفصائل الموالية لها سكان قريته بعد سيطرتهم على المنطقة.
يقول إنه رأى كيف هاجمت الدبابات من الجهة الشرقية والشمالية، وكيف بدأت الطائرات بقصف السكان المدنيين.
ويضيف أن عدة قذائف مدفعية سقطت في قريته، أولاها في منزل جيرانه والثانية في منزل شقيقه، ليبدأ السكان بالنزوح.
وكان عدد سكان قرية تل فندر أكثر من 50 عائلة تنحدر من جد واحد، وفرق النزوح كل أفرادها في مدن منبج والرقة وديريك وكوباني وأريافها، على حد قول “حج مسلم”.
يقول المزارع إن فصائل المعارضة الموالية لتركيا سيطرت على أرضه الزراعية و400 هكتار من أراضي أقاربه ومنازلهم، بينما يقيم أصحاب تلك الممتلكات في منازل مستأجرة.
لا أمان للعودة
وفي التاسع من شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، مرت الذكرى الثانية لاجتياح تركيا لمنطقتي سري كانيه (رأس العين) وتل أبيض، وهو ما تسبب بنزوح ما يقارب 300 ألف شخص من ديارهم.
وتشهد منطقة سيطرة تركيا انتهاكات ضد من تبقوا من السكان، وهو ما يجعل عودة النازحين غير آمنة، بحسب تقارير حقوقية.
يقول “حج مسلم” إن بعض سكان قرية تل أخضر المجاورة لقريته رجعوا إلى قريتهم ولكنهم سرعان ما هربوا من جديد بسبب اعتقالهم والاعتداء عليهم وأخذ فدى مالية كبيرة منهم من قبل عناصر الفصائل.
ويضيف أن الأعياد والمناسبات تمر ثقيلة عليه، إذ يكتفي بمراقبة الناس الذين يتبادلون الزيارات ويزورون قبور موتاهم، بينما هم عاجزون عن الوصول لمقابر آبائهم وإخوتهم.
تهديدات لمناطق النزوح
وقال محمد حج عمر (72 عاماً)، وهو نازح يعيش في كوباني، إن نزوحه قبل عامين من منزله في حي الجسر مع أبنائه الثمانية كان الثالث خلال سنوات الحرب في سوريا.
يستذكر الآن بالتزامن مع تهديدات تركية جديدة كيف قصفت طائرات الحكومة السورية مدينته ودخلها مسلحو أحرار الشام وجبهة النصرة مع بداية الأحداث في سوريا، ثم سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”.
لكن المخاطر لم تنته بعد نزوحه الأخير، ففي الثاني والعشرين من الشهر الفائت، قضى عاملان في مؤسسات الإدارة الذاتية وجرح آخرون في هجوم بطائرة مُسيرة تركية، بحسب بيان لقوى الأمن الداخلي (الأسايش).
وقبل يومين، قال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إن “تركيا قد تشن عملية عسكرية ضد شمال شرقي سوريا إذا اقتضى الأمر”.
وأضاف: “العملية قد تنفذ عند الضرورة ولا يمكن التراجع عنها”.
يقول “حج عمر” إنه يحلم بالعودة لمنزله اليوم قبل الغد.
لكنه يستدرك: “حالياً لا نستطيع العودة حتى لو فرشوا لنا الطريق ذهباً، لأننا رأينا ما فعلوه بسكان عفرين عندما عادوا لمناطقهم، حيث اعتدوا عليهم وسجنوهم وطلبوا فدى مالية منهم ونهبوهم”.
“تعبنا من حياة النزوح”
ويتذكر درويش خلف (80 عاماً)، والذي ينحدر من قرية تل فندر، كيف اضطروا للمبيت في العراء وبين الأراضي الزراعية لستة أيام أثناء نزوحهم من قريتهم وتوجههم نحو بلدة الجلبية.
يقول خلف: “بقينا ستة أيام، نبيت في العراء في القرى الجنوبية قرب الطريق الدولي، ثم عدنا إلى كوباني حيث تشاركت ثلاث عائلات منزلاً”.
وتسكن نحو 1200 عائلة أخرى في مخيم نازحين تل أبيض الذي أنشأته الإدارة الذاتية قبل ما يقارب ثلاثة أعوام في قرية تل السمن شمال الرقة، بينما تتوزع العائلات الأخرى على مدن وبلدات شمال وشرق سوريا.
وتقول خانم درويش (70 عاماً)، وهي نازحة من ريف تل أبيض، إن تركيا هي من مارست الظلم والإرهاب بحق المدنيين عندما قصفتهم بالقذائف، إذ اضطرت مع عائلتها للنزوح وترك منزلها وديارها ومقابر أجدادها.
وتضيف أنها تعبت من النزوح وتريد العودة إلى ديارها لتدفن في تراب أرضها وقريتها حيث يرقد أقربائها.