“الجلة” بديل سكان لم يطالوا المحروقات التي تحتكرها تحرير الشام في إدلب
إدلب- نورث برس
تجمع كريمة الرمضان (40 عاماً)ن وهي نازحة تعيش في مخيم الجامعة في مدينة الدانا بإدلب، شمال غربي سوريا، روث البقرة التي تربيها لصناعة أقراص “الجلة” التي تستخدمها كوقود لطهي الطعام على موقد طيني صنعته مؤخراً.
وحال “الرمضان” لا يختلف كثيراً عن حال غيرها من النازحين الذين باتوا يعجزون عن شراء أسطوانة الغاز التي وصل سعرها أكثر من مئة ليرة تركية.
وقبل أيام رفعت شركة “وتد للبترول” التابعة لهيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) سعر أسطوانة الغاز المنزلي من 109 إلى 114 ليرة تركية (نحو 42 ألف ليرة سورية).
بدائل غير متوقعة
ودفع غلاء سعر الغاز وفقدانه في أغلب الأحيان نازحين إلى تغيير أنماط حياتهم والبحث عن وسائل بديلة، في ظل الظروف المعيشية المتردية التي يعيشها ضمن مخيمات النزوح.
ولم تتوقع “الرمضان” يوماً أنها قد تلجأ إلى استخدام ” الجلة” في تدبر شؤونها وعائلتها.
“اضطررنا بسبب الغلاء والفقر والنزوح للعودة إلى استخدام روث الماشية للتدفئة وطهي الطعام ومنها روث الحيوانات”.
و”الجلّة” هي وقود بدائي يصنع بخلط روث الحيوانات بالماء وإضافة القش الجاف إليه، ويتم تشكيل الخليط بعد مزجه على نحو أقراص دائرية إما باستخدام قوالب خشبية أو بشكل يدوي. ليجفف بأشعة الشمس حتى يتماسك، ثم يتم تخزينه بعدها في مكان جاف منعاً لتعرضه للرطوبة.
وأضافت النازحة أن زوجها يتقاضى مبلغ 20 ليرة تركية يومياً من عمله في الورشات الزراعية، “وهو يحتاج لأجور ستة أيام لتبديل أسطوانة الغاز وحدها”.
لكنها تعتبر الاعتماد على الجلة “شاقاً ومتعباً”، حيث تضطر لإشعال الموقد باستمرار، كما أن تحضير الجلّة يحتاج إلى بذل الكثير من الجهد والوقت.
ولكن “ليس باليد حيلة، والغاز بات حكراً على الميسورين”، على حد وصفها.
وتحتكر شركة وتد، التي أنشأتها حكومة الإنقاذ الجناح السياسي لهيئة تحرير الشام قبل نحو عامين، إدخال المشتقات النفطية إلى إدلب.
وتزعم أن سبب رفعها الأسعار هو انخفاض سعر صرف الليرة التركية أمام الدولار الأميركي، حيث يتم تسويق المواد النفطية بالليرة التركية في مناطق شمال غربي سوريا.
مخاطر صحية
ومع اقتراب الشتاء، تبحث منيرة البدران (33 عاماً) من قرية طور لاها بريف إدلب الشمالي، لدى جيرانها وأقاربها وفي أرجاء القرية لشراء روث الماشية لاستخدامها في التدفئة .
تقول إنها “تستخدم الجلة كوقود بديل عن مادة المازوت (الديزل) الذي أصبح حلماً بالنسبة لها ولعائلتها، فقد وصل سعر الليتر الواحد منها إلى 7.87 ليرة تركية”.
وتضيف أنه “لم يعد بمقدرها شراء الحطب الذي ارتفع سعره حيث وصل الطن الواحد منه إلى أكثر من 170 دولاراً أميركياً”.
وبعد وفاة زوجها منذ نحو عامين، أصبحت ” البدران” المعيل لأطفالها الخمسة، وأصبح من الصعوبة عليها تأمين مستلزماتهم المعيشية.
لكن حسنية التيزري (44 عاماً)، وهي نازحة من ريف سراقب إلى مخيم كللي، تشكو من الرائحة الكريهة، والدخان المنبعث من المدفأة التي تعتمد في وقودها على ” الجلة”.
تقول إن “أبناءها يعانون من السعال وأمراض تنفسية طوال فصل الشتاء، بسبب الدخان المتصاعد والرائحة الكريهة من الموقد”.
لكنها تجد نفسها مضطرة لذلك شأنها شأن نسبة كبيرة من النازحين وسكان في إدلب، “ولنوفر بعض المال الذي نحتاجه لاحتياجات أخرى”.
ورأى منير المواس (34 عاماً)، وهو طبيب مختص في الأمراض الداخلية، أن هذا النوع من التدفئة يؤثر سلباً على الصحة العامة نتيجة انبعاث غاز أول أوكسيد الكربون عن عملية الاحتراق”.
وأضاف لنورث برس: ” كما تؤثر الغازات الناتجة عن الاحتراق على التنفس ولها أثر في التهاب القصبات، وخاصة لمن يعاني من ربو أو حساسية”.
ورأى الطبيب المختص أنه يمكن تفادي انبعاث غازات الاحتراق أثناء استخدام سكان الوقود البديل “الجلة” بجعلها تحترق بشكل كامل، إلى جانب الحفاظ على منافذ لتجديد الهواء في الغرفة باستمرار”.