مخلفات الحرب بريف حلب الشمالي مازالت تحصد أرواحاً وتهدد آخرين
ريف حلب الشمالي- نورث برس
كاد الطفل سرحد، وهو نازح من منطقة عفرين ويسكن مع عائلته في قرية تل سوسين بريف حلب الشمالي، وثلاثة أطفال آخرين أن يفقدوا حياتهم بعد إصابتهم بجروح بليغة إثر انفجار قنبلة من مخلفات الحرب بهم أثناء رعيهم للأغنام في أراض زراعية قريبة من مدرسة القرية.
وفي السابع عشر من هذا الشهر، أصيب سرحد وابن عمه وطفلان آخران من القرية لعبثهما بقنبلة غير منفجرة واعتقادهم أن بوسعهم إبعادها عن المرعى والأغنام، لكن انفجارها تسبب بإصابتهم جميعاً.
ونُقل أحد الأطفال المصابين إلى مشفى في مدينة حلب لخطورة إصابته في الرأس، فيما نُقل الآخران إلى مشفى “آفرين” بريف حلب الشمالي.
وقال محمد طاري (48 عاماً)، وهو والد الطفل سرحد، حين كان جالساً أمام سرير ابنه في مشفى “آفرين”، إن إصابة طفله “بليغة وحالته الصحية غير مستقرة”.
وأضاف: “خرجنا من عفرين بسبب الحرب ولنحافظ على حياة أطفالنا، ولكن انتشار الألغام في المنطقة تهدد حياتنا”.
ولا تزال الألغام الأرضية ومخلفات الحرب في مناطق بريف حلب الشمالي حيث يتوزع نازحو منطقة عفرين تهدد حياة السكان، إذ يتسبب عدم إزالتها بالرغم من مرور أعوام على سيطرة القوات الحكومية على المنطقة بإصابات دائمة بينما تكلف آخرين حياتهم.
ضحايا أطفال
وتسببت العملية العسكرية التركية رفقة فصائل المعارضة الموالية لأنقرة ضد عفرين في آذار/ مارس عام 2018 بنزوح 300 ألف شخص من المنطقة.
ولجأ قسم من النازحين للسكن لمخيمات تم إنشائها بعد الاجتياح وهي العودة وعفرين وبرخدان وسردم وشهبا، بينما توزع آخرون على 42 قرية وبلدة بريف حلب الشمالي، فيما نزح قسم آخر إلى مدن الجزيرة وكوباني ومناطق أخرى من سوريا.
وكانت معظم المنازل التي سكنها النازحون في القرى والبلدات شبه مدمرة وتضم ألغاماً وقنابل وذخائر غير متفجرة.
وتعاقبت سيطرة فصائل مسلحة مختلفة في ريف حلب الشمالي, ودارت معارك طاحنة بين قوات مسيطرة وأخرى تنازعها لفرض قبضتها.
وأدت المعارك إلى تدمير شبه كامل للبنى التحتية في تلك المناطق وزرع ألغام أرضية وترك ذخائر غير متفجرة، إذ تنفجر بين الحين والآخر، خاصة بعد قدوم نازحي عفرين إلى ريف حلب الشمالي.
وبلغ عدد المتوفين والجرحى من نازحي عفرين بسبب انفجار الألغام بريف حلب الشمالي 100 شخص منذ آذار/مارس عام ٢٠١٨، بحسب منظمة الهلال الأحمر الكردي.
وفي أيلول/ سبتمبر الماضي، فقدت طفلة لحياتها وأصيب ثلاثة أطفال آخرين نتيجة انفجار لغم أرضي في بلدة الأحداث بريف حلب الشمالي.
وفي تشرين الثاني/ نوفمبر العام الماضي، أصيب أربعة أطفال من عائلة نازحة من عفرين، بجروح إثر انفجار لغم من مخلفات حرب في قرية شيخ عيسى القريبة من مدينة تل رفعت بريف حلب الشمالي .
وبُترت حينها ساق طفلين يبلغان من العمر 13 عاماً و15 عاماً.
لا دعم
وقال روج كلكو، وهو مدير المكتب الإعلامي للهلال الأحمر الكردي، إن عدد الضحايا بسبب الألغام في ازدياد وغالبيتهم أطفال.
وأشار إلى أنهم في بداية نزوح سكان عفرين إلى ريف حلب الشمالي شكلوا لجنة دعم نفسي وكانت تقدم محاضرات وتقوم بحملات توعية للوقاية من الألغام والذخائر غير المتفجرة وتعريف الأطفال وكافة السكان بأشكالها وضرورة الابتعاد عنها.
لكن أعمال اللجنة توقفت “بسبب قلة الدعم المقدم والإمكانات الضعيفة للمنظمة”، وفقاً لما ذكره “كلكو” لنورث برس.
وفي السابع من شهر نيسان/ أبريل العام الماضي، أصيب طفل نازح من عفرين في قرية تل سوسين بريف حلب الشمالي إثر انفجار لغم.
ولم تتلقّ منطقة ريف حلب الشمالي بحسب “كلكو” أي دعم دولي من قبل المنظمات المعنية بفك الألغام وإزالة مخلفات الحروب، ” قمنا بالتواصل مع العديد من المنظمات الدولية والمحلية لإزالة الألغام وتنظيف المنطقة منها إلا أننا لم نتلق أي استجابة ودعم منهم”.
وفي العشرين من تشرين الأول/ أكتوبر العام الماضي، أصيب أربعة أطفال، تعرض اثنان منهم لبتر أطراف، نتيجة انفجار لغم في مدينة تل رفعت، بريف حلب الشمالي.
وقال قازقلي بكر، وهو والد طفلين بترت أطرافهما، إن الأطفال كانوا يلعبون بين الأراضي الزراعية حينما انفجر اللغم.
وأشار، “بكر” وهو من نازحي عفرين ويسكن مع عائلته في تل رفعت، إنه لم يعد يسمح لأطفاله للخروج إلى الأراضي أو الابتعاد عن المنزل.
ويواجه طفلا “بكر” اللذان بترت ساقه كل منهما صعوبة في التأقلم مع واقعهما، “فوضعهما النفسي سيء جداً وخاصة أنهما لم يعودا يستطيعان اللعب مجدداً أو الركض كما السابق”.