قراءات متباينة في تفجير دمشق و14 ضحية تضاف لعداد الموتى

دمشق ـ نورث برس

حمل خبر التفجير الذي وقع، الأربعاء، في دمشق حالة من القلق والخوف والإحباط، خاصة أن التفجير حصل في منطقة تعد الأكثر كثافة وحيوية عند جسر الرئيس في وسط دمشق.

وأعاد التفجير إلى الأذهان التفجيرات التي اعتمدتها جماعة الإخوان المسلمين في مرحلة الثمانينات.

المعلومات المؤكدة حتى الآن تقتصر على حصول تفجير حافلة مبيت لعمال مؤسسة الإسكان العسكري، بعبوتين ناسفتين، في حين تم تفكيك الثالثة ليكون عدد الضحايا 14 شخصاً، وجرحى كانوا في طريقهم إلى عملهم.

وتم تفكيك العبوة الثالثة التي كانت مزروعة، في الحافلة، والمعدة للانفجار في توقيت حرج، من قبل الجهات المختصة.

وقال وزير الداخلية السوري محمد الرحمون، الأربعاء، في تصريح لقناة السورية: “لن يتم التخلي عن ملاحقة الإرهاب.. وسنلاحق الإرهابيين الذين أقدموا على هذه الجريمة النكراء أينما كانوا”.

متهم واحد ورسائل متعددة

أما القراءات لهذا الحدث فهي كثيرة، وتختلف باختلاف الموقف السياسي، حيث نشر المعارض فراس طلاس ابن وزير الدفاع الأسبق مصطفى طلاس منشوراً يتهم فيه “الأذرع الأمنية لنظام الأسد بتفجير استخباراتي واضح في دمشق اليوم”.

وهنالك رأي لا يختلف عنه كثيراً من قبل المعارض أيضاً دريد الأسد ابن رفعت الأسد عم الرئيس السوري، الذي قال إن “تكلفة شراء مرآة لكشف العبوات اللاصقة لا تتجاوز 10 آلاف ليرة، ويجب أن تتواجد في كل السيارات العسكرية والحافلات العامة”.

في حين توجهت آراء الكثير من المحليين في سوريا إلى قراءة أسباب مختلفة لما حدث اليوم، حيث قال الإعلامي المختص بالشأن السياسي أسعد عبد الله لنورث برس، إن هنالك أكثر من رسالة في هذا التفجير.

وأضاف: “اختيار المكان له الكثير من الدلالات إذ أن التفجير حصل في العاصمة، وفي منطقة حيوية كجسر الرئيس، في تلك النقطة التي يكتظ فيها السكان من مختلف الطوائف والمناطق”.

وقرأ هذا الأمر بأنه يعني “إشغال البلد بالأولويات الأمنية، وذلك بالتزامن مع التطور الذي يحصل في اجتماعات لجنة صياغة الدستور”.

ولم يستبعد الإعلامي أن يكون “لفشل إشعال حرب أهلية في لبنان، عقب أحداث الطيونة، دور في حصول هذا التفجير، كرسالة واستهداف للحليفين حزب الله وسوريا، إضافة للتسويات التي تحصل في درعا والتحضير لمعركة إدلب”.

وأعرب عن اعتقاده في أن ذلك يوحي بـ”العودة إلى نقطة البداية لدى المواطن السوري، الذي أنهكته أخبار الموت والحروب والوضع الاقتصادي والصحي المتردي، ثم تأتي أخبار التفجيرات، لتطغى على أخبار تحسن الوضع الأمني والمصالحات التي تتم خاصة في درعا وخلق حالة من الهلع بين السكان”.

ويشدد “عبد الله” في معرض رده على تعليق دريد الأسد أنه “من المستحيل لدولة مهما بلغت قوتها أن تضبط كل شيء ولو كانت كلها كاميرات في كل الشوارع، و هذا لا يقتصر على سوريا فقط وإنما حصل في بريطانيا عملية طعن لعضو في البرلمان ولم يتمكنوا من كشفها”.

تفجير بأبعاد سياسية

أما حسام مقداد وهو اسم مستعار لمحلل سياسي، فقال لنورث برس إنه يرى أن هذا النوع من الأفعال يأتي بالتزامن مع أحداث بدأت تبدو مختلفة عن سياق الأحداث في السنوات العشر الماضية.

وتتمثل هذه الأحداث في الانفتاح على دمشق من قبل دول عربية ودول الجوار، انفتاحاً اقتصادياً وثقافياً، “وبالتأكيد هنالك الكثير من الأعداء الذين لا يريدون نهاية لهذه العزلة”.

ويعتقد “مقداد” أن “الإرهاب” حالة مستمرة طالما أن التسويات النهائية لم تنضج بعد حول سوريا، “لذلك دعا السوريين إلى الصبر لأن الإرهاب الاقتصادي والتفجيرات تستهدفهم كسوريين”.

وأشار المحلل السياسي إلى أن “مساعدتهم في تجفيف الإرهاب  هو السبيل للخروج مما نحن فيه”.

وقال “مقداد” إن “هنالك الكثير من الدول التي تعمل على بقاء الوضع الأمني في سوريا قلق مثل نظام أردوغان، والكيان الصهيوني اللذان يهددان الأمن في سوريا عبر عملائهما في الداخل، وعبر المنابر الإعلامية التي تروج لأعمال الإرهابيين وتبررها”.

وقال إن هذه التفجيرات “تقف خلفها دول وليس أفراداً، وأن السوريين لم ينسوا تصريحاً لأردوغان يقول فيه إنه يريد أن يصلي في الجامع الأموي”.

مزيد من الضغط

في حين رأى رافع صقر وهو اسم مستعار لمختص في الشؤون السياسية، أن “الإجرام قد يزيد كلما اقتربت النهايات، وذلك في إشارة إلى التسويات والمصالحات والانفتاح الذي يحصل”.

وأعرب عن اعتقاده في أن هذا التفجير “ما هو إلا تعبير للأعداء عن مواقفهم ورغبتهم في عدم الوصول إلى حل”.

وأشار “صقر” لنورث برس، إلى أن “هذا النوع من الجرائم يوحي  بدور للأصابع الإسرائيلية عن طريق عملائها في الداخل، وذلك لإنعاش الإرهابيين ورفع معنوياتهم من جهة، وكضغط على الدولة السورية من جهة ثانية، ليكون إلى جانب الوضع الاقتصادي الضاغط وضع أمني أيضاً، وهو الأخطر”.

إعداد: ريتا علي ـ تحرير: محمد القاضي