مخصصات بنزين تنفد فجأة تثير استغراب مالكي سيارات في حماة

حماة – نورث برس

لم يتوقع فادي النوير، وهو مالك سيارة من مدينة حماة وسط سوريا، أن ينتهي البنزين في سيارته بعد وقت قصير من تعبئته لها، على الرغم من أنه لم يسر بها مسافة تكفي لصرف كل تلك الكمية.

وظن الرجل بادئ الأمر أن لصوصاً قاموا بسروقة البنزين من خزان السيارة أثناء ركنها في الشارع.

ولكن بعد تعبئة البنزين لعدة مرات ومراقبته للسيارة، تبين أن السرقة تتم عند التعبئة من محطة الوقود.

سرقة مخصصات

ويشكو أصحاب سيارات في مدينة حماة، الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية، من سرقة الكازيات لمخصصاتهم من البنزين أثناء التعبئة، وسط غياب عناصر التموين والرقابة على سير عمل الكازيات (محطات الوقود).

وبحسب “النوير” تتراوح الكمية المسروقة من مخصصاته بحدود ليترين إلى خمسة ليترات عند كل تعبئة، بالرغم من أنه يدفع ثمن الكمية كاملة.

ويقول إنه استفسر من المسؤول عن تعبئة البنزين في المحطة التي يتزود منها عن النقص، فأجابه بأن مؤشر سيارته معطل، “ولم يعترف بسرقة البنزين”.

ورغم عدم تعبئة المخصصات بالكامل، يطالب موظف المحطة أيضاً، بمبلغ يتراوح بين ألف إلى ألفي ليرة، ما عدا ثمن البنزين، “ولا يقبل بالتعبئة إلا عند دفع المبلغ”، بحسب “النوير”.

ويوجد في مدينة حماة، حوالي عشر محطات وقود. وتبلغ مخصصات البنزين للسيارة الواحدة وفق نظام الرسائل النصية أسبوعياً 25 ليتراً، ولكن رسالة البنزين غالباً ما تتأخر لمدة عشرة أيام. فيكون المخصص الشهري، حوالي 75 ليتراً شهرياً.

وفي آذار/ مارس الماضي، خفضت اللجنة المركزية للمحروقات في حماة, كمية التعبئة للمركبات من 40 إلى 25 ليتراً أسبوعياً.

وأثار القرار حينها استياءً شديداً لدى أصحاب مركبات يضطرون لدفع مبالغ أكبر لتأمين البنزين من السوق السوداء.

جمع ثروات

ويقول براء سالوسي (37عاما)، وهو اسم مستعار لمالك سيارة من حيّ المخيم بمدينة حماة، إنه عند كل تعبئة بنزين يتم إنقاص ليترين إلى ثلاثة من مخصصاته، وذلك بحجة أن خزان البنزين الخاص بالسيارة لا يسع لكمية أكبر.

و”بالرغم من سرقة الليترات إلا أنهم يتقاضون سعر المخصصات كاملة”.

وتقوم معظم الكازيات “بسرقة” مخصصات السيارات، وبيعها في السوق السوداء بسعر مضاعف، بحسب “سالوسي”.

“فعند إنقاص كمية ليتر أو ليترين عند تعبئة كل سيارة، يحصل صاحب المحطة في نهاية اليوم على كميات كبيرة، تمكنه من جمع ثروة خلال مدة قصيرة”.

ويشير “سالوسي” إلى أن البنزين “المسروق” يُباع على الطرقات وفي الشوارع الرئيسية وعلى مرأى الدولة بأسعار متفاوتة.

ويبلغ سعر ليتر البنزين المدعوم 675 ليرة، بينما يباع في السوق السوداء بسعر يتراوح بين 3000-4000 ليرة.

تخوف من الحرمان

ويتخوف أصحاب السيارات من المطالبة بحقهم بإعادة الليترات المسروقة ورفض دفع مبالغ زائدة على التعبئة، وذلك خشية حرمانهم من مخصصاتهم، ورفض تعبئة سيارتهم من قبل أصحاب المحطات.

يقول ملهم الخليل (37عاما)، وهو اسم مستعار لأحد سكان حي المناخ، إنه في كل مرة يطالب بحقه من العامل على تعبئة البنزين ويعترض على إنقاص كميات من مخصصاته، يقوم العامل برفض تعبئة البنزين له. “فأبقي بدون بنزين لموعد المخصصات الثانية”.

ويضيف، أنه لم يعد يطالب بحقه، لأنه غير قادر على شراء البنزين الحرّ من السوق السوداء.

ضبط عمليات احتيال

وقال رياض زيود مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك في حماة، في تصريح لوكالة “سانا” التي تديرها الحكومة السورية، خلال شهر آب/أغسطس الماضي، إن دوريات تابعة للمديرية، تمكنت من ضبط محطة محروقات بمخالفة التصرف باحتياطي مادة البنزين بكمية 7200 ليتر.

وأشار إلى أن صاحب المحطة وضع “قميصاً” داخل البنزين معبأ بسائل لتضليل الجهات الرقابية.

وتبلغ قيمة البنزين المهرب والذي يتم بيعه في السوق السوداء بنحو ٢٢ مليون ليرة سورية.

ويلجأ أصحاب محطات الوقود إلى طرق عديدة لتهريب المادة من المحطة وبيعها في السوق السوداء بأسعار تصل لأكثر من أربعة أضعاف سعرها المدعوم.

تقاضي رشاوى

يقول عاصم القرواني، وهو اسم مستعار لموظف في مديرية التموين، إن عناصر التموين التي تُرسل لمراقبة محطات الوقود، يتقاضون مبالغ من أصحابها كل شهر، لكي لا يتدخلوا في شؤونها.

وبحسب الموظف، فإن “الكازية التي تم فرزه لمراقبتها تعطيه مبلغ مئتي ألف ليرة شهرياً، لكي يكف يده عنها”.

ولكنه يقوم بجولات أسبوعية على مرأى السكان، لكي لا يحاسب من قبل الدولة على تقصيره.

ويضيف، أن كافة عناصر التموين الموزعين على الكازيات يتقاضون الأموال شهريا، “أغلب الكازيات تقوم بسرقة مخصصات السيارات من البنزين والمازوت”.

إعداد: علا محمد – تحرير: ريبر جزيري