خبز الصاج في الرقة يتحرر من احتكار صناعته في الريف ويدخل المدينة

الرقة – نورث برس

يقول سكان من مدينة الرقة، شمالي سوريا، إن صناعة خبز الصاج انتقلت وعبر أعوام من الريف إلى المدينة لتصبح مهنة لبعض الأشخاص الذين افتتحوا محلات خاصة بصناعته وبيعه.

ومنذ ما يقارب ثمانية أعوام، افتتح علي القاسم وهو من سكان مدينة الرقة، محلاً صغيراً في شارع سيف الدولة لصناعة خبز الصاج، “وذلك لكثرة الطلب عليه من قبل السكان”، بحسب قوله.

ووسط تلويحه لأرغفة خبز الصاج على يديه يقول “القاسم” إن عملية الصناعة في المحلات والمطاعم تعتمد على الغاز لتسخين الصاج، بينما يعتمد على الحطب وغيره من الوسائل في الريف.

ويصنع خبز الصاج في المحلات إما على شكل أرغفة تباع للسكان أو على شكل فطائر متنوعة، حيث يوضع عليه محمرة أو جبنة أو زعتر أو مرتديلا وذلك بحسب طلب الزبون، أما في المطاعم فيتم صناعته لاستخدامه في الصندويشات.

وتضم مدينة الرقة حالياً ثمانية محلات خاصة بصناعة خبز الصاج وانتقل في وقت سابق محلان إلى مدينة الطبقة، وفقاً لما ذكره “القاسم” لنورث برس.

ويصل سعر الرغيف الواحد من خبز الصاج إلى ١٠٠ ليرة سورية.

ويشير “القاسم” إلى أن شعبية خبز الصاج أخرجته من احتكار العمل المنزلي، ليصبح له العديد من المشروعات المحلية الخاصة بصناعته حتى بات مهنة.

موروث شعبي

ويعتبر سكان الريف أن صناعة خبز الصاج تعد من أهم الصناعات التراثية القديمة والتي حافظت على نفسها رغم ظهور الأفران والمطاحن والاعتماد على المخابز.

ويدخل خبز الصاج في الكثير من الأكلات الشعبية ومناسف الأعراس الكبيرة، فهو وبحسب سكان من ريف الرقة تقليد وموروث عريق يعود تاريخه إلى مئات السنين، حيث يعدّ الطبق الرئيسي على الموائد وفي غذائهم اليومي، ويوضع تحت الأرز أو اللحم، “وذلك يدل على الكرم وطيب الضيافة في الأعراس”.

وتقول فضة العيسى (43عاماً) وهي من سكان بلدة الحمرات شرق الرقة، إن خبز الصاج له أهمية كبيرة لدى سكان المنطقة ويعد مساعداً للخبز اليومي الذي يجلب من الأفران بالنسبة للعائلات التي تتألف من عدد كبير من الأفراد وخاصة في الريف.

وتشير “العيسى” إلى أن صناعة خبز الصاج تتطلب خبرة في الصناعة مع الممارسة، “النساء في الريف يمتهن صناعة هذا الخبز ويمتلكن مهارة كبيرة وخبرة عالية وخاصة كبار السن”.

وتبدأ عملية صناعة خبز الصاج بغربال الطحين بشكل جيد، فالطحين الذي يستخدم لصناعته وبحسب نساء من ريف الرقة يجب أن يكون نقيّاً بشكل جيد، ليتم بعد ذلك إضافة كمية من الملح إلى الطحين حسب كميته.

ويعجن الطحين جيداً ويرشّ الماء عليه بين الحين والآخر وخلال فترات العجن، وهذه العملية تحتاج إلى ما يقارب النصف ساعة.

وبعد الانتهاء من عجنه، يتم تشكيل قطع من العجين على شكل دوائر صغيرة حتى يكون الخبز رقيقاً وترش بالطحين حتى لا تلتصق باليد عند تلويحه ليتم في المرحلة النهائية وضعه على الصاج وتقلب العجين على الوجهين لمدة دقيقتين ليكون جاهزاً للأكل.

حاضر في الولائم

وتذكر “العيسى” أنه يجب أن يكون بجانب الصاج كمية من الماء لنثره على الصاج كل فترة وذلك حتّى لا تزداد حرارتها بشكل زائد فيحترق الخبز، “والذي يجب أن يكون لونه أبيضاً ورقيقاً”.

وفي بعض المناسبات والولائم التي تحصل في منزلها، تأتي وحيدة السليمان (٣٧ عاماً)  وهي من سكان مدينة الرقة، إلى فرن خاص بصناعة خبز الصاج قبل يوم من إعداد الوليمة وتحجز الكمية التي تحتاجها للتحضير.

وترى “السليمان” خبز الصاج “جزء لا يتجزأ من مكونات البيت ويعتبر أحد محاور الضيافة العربية وهو والمنسف مرتبطان ببعضهما ولابد لهما من أن يلتقيا أمام الضيف وإكرامه”.

وتشير إلى أنها بين فترة وأخرى تتردد إلى فرن خبز الصاج للشراء منه، حيث يتناوله أطفالها بشكل مستحب، ويكررون الطلب على إحضاره لهم.

ويمكن وبحسب “السليمان” حفظ خبز الصاج لعدة أيام وفي كل الظروف عن طريق رشه بالماء ووضعه في وعاء وتغطيته بقطعة قماشية، “على العكس من خبز الفرن الذي لا يمكن حفظه إلا في ثلاجة”.

وتضيف السيدة الثلاينية: “يبقى خبز الصاج رمزاً من رموز المدينة ومنتجاً أصيلاً من منتجات وتقاليد سكان الرقة يأبى الزوال أمام كل ما ينتج من تقدم وتطور”.

إعداد: عمار حيدر – تحرير: عمر علوش