معاملات استخراج وتعديل البطاقة الذكية في حلب تتطلب ساعات وربما أياماً
حلب- نورث برس
منذ السادسة فجراً، حضرت عليا زينو (45عاماً) وهي من سكان حي هنانو شرق مدينة حلب، شمالي سوريا، إلى مديرية الزراعة في حي الميدان حيث يتواجد مركز خدمات للبطاقة الذكية، وذلك لتفعيل بطاقتها والتي توقفت عن العمل منذ عدة أيام.
وبينما كانت تنتظر دورها على درج مبنى المديرية، قالت “زينو” وهي والدة لأربعة أطفال إنها منذ يومين تأتي إلى المركز وتقف لساعات دون أن تتمكن من إعادة تفعيل بطاقتها.
ويشتكي سكان في حلب من ازدحام مراكز خدمات البطاقة الذكية وطول فترة انتظارهم والذي يستمر لساعات أو أيام متتالية دون تمكنهم من تيسير أمورهم.
ويقصد سكان المراكز الخاصة بخدمات البطاقة الذكية لإصدار بطاقة آلية للحصول على مخصصاتها من المازوت أو البنزين، فيما يقصدها آخرون وخاصة المتزوجون حديثاً لاستصدار بطاقة أسرية والتي تتيح لهم الحصول على الخبز والغاز ومازوت التدفئة ومواد تموينية.
بينما يلجأ آخرون لتعديل بيانات البطاقة في حال وجود مولود جديد أو تفعيلها بسبب التوقف المفاجئ للبطاقة.
ومطلع العام 2019، أطلقت الحكومة السورية العمل بمشروع البطاقة الذكية، بهدف “إنهاء حالات الاحتكار، وإيصال الدعم لمستحقيه، والتوزيع العادل للمواد على الجميع”، بحسب ما أعلنته آنذاك.
وهو مشروع “أتمتة” توزيع المشتقات النفطية وغيرها من المواد والخدمات على العائلات في سوريا، تقوده “وزارة النفط والثروة المعدنية” وتنفّذه شركة “تكامل” المحلية.
وتعتبر البطاقة الذكية العائلية، اليوم، أساسية للعائلات في مناطق سيطرة الحكومة السورية، فمن خلالها قد تستطيع الحصول على مخصصاتٍ “شحيحة” من مازوت التدفئة والغاز المنزلي والخبز ومواد التموين المختلفة من سكر وأرز وغيرها.
“رشاوى ومحسوبيات”
وأشارت “زينو”، بينما كان عشرات الأشخاص يقفون حولها، إلى أنها قدمت في اليوم الأول في الساعة السابعة صباحاً إلى مركز خدمات البطاقة الذكية في مديرية الزراعة، “كان هناك أعداداً كبيرة، فقررت المجيء اليوم في وقت أبكر، لكن الحال ذاته”.
وذكرت السيدة أن الموظفين لم يباشروا بالعمل إلى ما بعد الساعة التاسعة والنصف، “كما أنهم يتأخرون في تيسير أمور السكان”.
وأشارت “زينو”، والتي كانت لا تزال تنتظر دورها، إلى أن “هناك أناس يدخلون مباشرة دون تسجيل اسم فقط لأن لديهم صلات مع موظفي المركز”.
ولا يختلف حال محسن القزاز (53عاماً) عن حال سابقيه، فالرجل وصل لمدينة حلب باكراً برفقة ابنته المتزوجة حديثاً من عنصر يخدم احتياطاً في صفوف القوات الحكومية، لكي يستحصل لها بطاقة ذكية أسرية.
لكنه لم يحصل سوى على ساعات انتظار طويلة أمام إحدى مراكز خدمات البطاقة، فمسافة 40 كم التي قطعها من قريته الوضيحي في ريف حلب الجنوبي الغربي لم تجدِ نفعاً وسيعود لقريته على أن يأتي في اليوم التالي.
يقول “القزاز” وبينما الساعة كانت تشير إلى الثانية عشر ظهراً، إنه قدم باكراً وسجل اسمه “لكن لم يصلني الدور إلى الآن”.
ويضيف: “بكل المراكز عندما نسأل عن سبب الازدحام تكون الحجة إما عدم وجود شبكة إنترنت أو انقطاع الكهرباء ونفاذ طاقة المدخرات (البطاريات) التي تغذي الحواسيب، ولكن الموضوع كله ابتزاز”.
ويشير إلى أن “الدخول متاح لمن يدفع 15 أو 20 ألف ليرة سورية للشرطة المتواجدة على مدخل مركز البطاقة الذكية وهذا ينطبق على كافة المراكز”.
مراكز قليلة
وتضم مدينة حلب خمسة مراكز لخدمات البطاقة الذكية ولكن ليس لها أبنية خاصة وإنما تتخذ من المدارس والدوائر الحكومية مقاراً مؤقتة لها.
ويتواجد أحد المراكز في مبنى مديرية الزراعة في حي الميدان، وآخر في مؤسسة النقل الداخلي بحي الجميلية، فيما يتواجد مركز في مدرسة “الكندي” بحي الموكامبو ومركز في مدرسة “ابن سينا” بحي حلب الجديدة.
ومنذ بداية الشهر الجاري، توقف مركز في حي الحمدانية عن العمل، دون معرفة الأسباب.
ومنذ أكثر من أسبوع، يحاول رشيد محمود (30عاماً) وهو من سكان حي المشهد في حلب استصدار بطاقة ذكية لتاكسي الأجرة التي اشتراها مؤخراً، “ولكن دون جدوى”.
ويقول “محمود”: “كل المراكز مزدحمة ولا يمكن الدخول إليها وفي حال دخلتها ينقطع التيار الكهربائي أو تنقطع الشبكة أو ينتهي الدوام الرسمي”.
ويبدأ الدوام الرسمي في تلك المراكز من الساعة التاسعة صباحاً وحتى الساعة الواحدة ظهراً.
ويجد “محمود” أن قلة المراكز المخصصة لخدمات البطاقة الذكية وقلة عدد الحواسيب وأجهزة الباركود والموظفين هي أحد أسباب الازدحام، “هل يعقل أن تخصص لمدينة حلب وأريافها فقط خمس مراكز؟”.
ويشتكي سكان في مناطق سيطرة الحكومة السورية من عدم استلام المواد التموينية الموزعة على البطاقة الذكية منذ عدة أشهر، إضافة إلى تخفيض كميتها وإلغاء توزيع بعض المواد عبر البطاقة.
وتضطر عائلات لشراء احتياجاتها من الأرز والسكر من الأسواق بأسعار تراها “مرتفعة ولا تتناسب مع وضعها المادي”.
ويضيف “محمود”: “هذه المراكز القليلة لا يمكن لها أن تصدر بطاقات لآلاف الأسر وآلاف السيارات العامة والخاصة وكأن الحكومة تتقصد تأخير إصدار البطاقات لكي تداري عجزها عن تأمين المواد الأساسية للسكان”.