أسعار المحروقات والحصار الحكومي يشلان الحياة بريف حلب الشمالي

ريف حلب الشمالي- نورث برس

في موقف سيارات بالقرب من مخيم سردم بريف حلب الشمالي، ركن محمد أوسو (47عاماً) وهو نازح من منطقة عفرين، شمال غربي سوريا، سيارته وقام بتغطيتها ببطانية كان قد حصل عليها خلال الأعوام الماضية كمساعدات قدمت له.

حال “أوسو” الذي يسكن في المخيم، هو حال معظم أصحاب السيارات من نازحي عفرين وسكان بريف حلب الشمالي، إذ أوقف هؤلاء سياراتهم عن الاستخدام، بسبب عدم توفر المحروقات في المنطقة وغلاء أسعارها في السوق السوداء. 

وعلى أبواب منازل وأطراف شوارع وساحات، وبالقرب من محطات الوقود، تلاحظ سيارات غطيت جميعها بغطاء وتوقفت عن العمل.

يقول “أوسو” وهو يقف أمام سيارته، إنه بات لا يستخدمها إلا للحالات الضرورية جداً، “فلا قدرة لي على شراء لتر المازوت بـ3500 ليرة سورية، في ظل عدم توفر فرص العمل”.

وفي العام 2018 عقب الاجتياح التركي رفقة فصائل معارضة مسلحة، لجأ نحو 300 ألف شخص من نازحي منطقة عفرين للسكن في مخيمات العودة وعفرين وبرخدان وسردم وشهبا، بينما توزع آخرون على 42 قرية وبلدة بريف حلب الشمالي.

وبحسب إحصائية لهيئة الشؤون الاجتماعية والعمل لإقليم عفرين والعاملة حالياً بريف حلب الشمالي، فإن 2000 عائلة نازحة من عفرين تتوزع في المخيمات الخمسة، وحوالي 140 ألف شخص يسكنون في القرى والبلدات.

حصار مستمر

ومنذ تشرين الثاني/ نوفمبر العام الماضي، تمنع حكومة دمشق دخول الكميات اللازمة والكافية من محروقات وغاز ومواد استهلاكية والأدوية والطحين إلى مناطق ريف حلب الشمالي.

والشتاء الماضي، لم تسمح الحواجز الحكومية بالقرب من مدينة منبج بعبور المحروقات من مناطق الجزيرة إلى ريف حلب الشمالي، سوى مخصصات الدفعة الأولى التي لم تكفِ العائلات النازحة.

وتزداد مخاوف نازحي عفرين بريف حلب الشمالي مع اقتراب فصل الشتاء بسبب عدم تمكنهم من تأمين مادة المازوت ووسائل التدفئة نتيجة الحصار المفروض من قبل حواجز حكومة دمشق على المنطقة.

وفي السوق السوداء، يتجاوز سعر لتر المازوت في مناطق ريف حلب الشمالي الـ3500 ليرة سورية، في حين يتراوح سعر لتر البنزين بين أربعة وخمسة آلاف ليرة، وهو ما يصفه النازحون والسكان بأنه “سعر باهض وخيالي”.

ويشير النازح الأربعيني إلى أن يضطر لتأجيل جميع أموره من مراجعات الطبيب وشراء المستلزمات وغيرها، ليقضيها في دفعة واحدة مستخدماً سيارته، أو يضطر للوقوف لساعات طويلة على الطرقات ليجد وسيلة نقل تقلُّه لوجهته.

لكن ذلك يكلف “أوسو” أيضاً مبالغ يجدها “كبيرة”، فأقصر مسافة تكلفه أكثر من ألفي ليرة سورية كأجرة طريق.

وبحسب تصريح سابق للإداري في اللجنة مصطفى محمد، لنورث برس، فإن “كمية المحروقات التي تدخل إلى المنطقة لا تلبي سوى 30% فقط من احتياجات المنطقة، وسط استمرار حالة الحصار”.

إيقاف التوزيع

وترفضالحواجز الحكومية بالقرب من مدينة منبجوبحسببانكين عبدو وهو إداري في شركة “دجلة” للمحروقات التابعة للإدارة الذاتية بريف حلب الشمالي دخول المازوت ذو نوعية جيدة وكاز وبنزين “بشكل قطعي” إلى المنطقة، وتسمح فقط بدخول الغاز ومازوت التدفئة.

ومؤخراً، أوقفت الشركة والتي تتبع لها عدة محطات تتواجد في بلدات فافيين وتل رفعت وأحرص لإيقاف توزيع المازوت على السيارات والمحال التجارية، “فالأولوية هي للمدارس والمستشفى ومولدات الأمبيرات”، وفقاً لما ذكره “عبدو” لنورث برس.

ويشير الإداري إلى أنهم يخزنون حالياً كميات المازوت التي تدخل للمنطقة ليتم توزيعها على السكان في فصل الشتاء، إذ تحتاج المنطقة وبحسب قوله إلى 70 ألف برميل من مازوت التدفئة لتغطية احتياجات النازحين في المخيمات والسكان في القرى والبلدات.

ويرى “عبدو” أن التجار يستغلون النقص الحاد للمحروقات في المنطقة، “فيقومون برفع أسعارها”.

وشتاء العام الماضي، قضى نازحو عفرين وسكان ريف حلب الشمالي الأصليين أسابيع دون تمكنهم من إشعال المدافئ  بسبب قلة المازوت.

وفي محل لبيع اللحوم ببلدة فافين بريف حلب الشمالي، يجهد عزيز بركات (72عاماً) وهو نازح من عفرين، بقطع اللحوم التي يشتكي من تكدسها لديه.

يقول “بركات” إنه بات يبيع الكيلوغرام من اللحم بـ22 ألف ليرة سورية، بسبب اعتماده على شراء المازوت من السوق السوداء لتشغيل مولدته وحفظ اللحوم واستخدام آلة الفرم.

وقبل نحو شهرين، كان بائع اللحوم يبيع الكيلوغرام من اللحم بـ17 ألف ليرة سورية، “أضطر حالياً إلى تكديس اللحوم فوق بعضها في براد حتى الصباح فلا أتمكن من بيعها كاملة في اليوم”.

إعداد: دجلة خليل- تحرير: سوزدار محمد