دمشق ـ نورث برس
انتشرت أغنية “عفرين هاتو..” على صفحات التواصل الاجتماعي، فلاقت الكثير من الإعجاب والاستحسان، كما لاقت أيضاً بعض الاستهجان والتوجسات الغريبة، مثل “لماذا نغني بغير اللغة العربية؟.
وذهب آخرون إلى أنها دعوة للتقسيم! متجاوزين بذلك رسالة الفن، كوجدان عالمي مشترك، ومتناسين أن اللغة الكردية هي لغة مكون سوري أصيل.
وأغنية “عفرين هاتو..”، للفنان الكردي الراحل “عدنان دلبرين”، تنادى لها ثلاثة فنانين، سوريان، وعازف تشيلي، من خلال دعوة لهم من قبل الموسيقي وعازف البزق الكردي” أسامة دادا”.
ويرى أحد الفنانين أن الموسيقى هي “المدخل الحسي إلى عالم المعرفة الأعلى الذي يدركه الإنسان، ولكن الإنسان لا يدركه. فهل تكمن هذه المشكلة في عزف بدون شغفٍ حتى لا يُغتفر، أم أن هناك أسباب أخرى!؟ وعليه، فإن الموسيقى تفصح عن تلك الأشياء التي لا نستطيع الحديث عنها، ولا نقدر السكوت عليها”.
ويقول: “الأغاني، هي أجزاء من الموسيقى، تترافق مع صوت الإنسان. هي تلك الأراجيح لأرواحٍ متعبة، ونفوسٍ توَّاقة إلى الحب والجمال والعذوبة. نستعذبها بكل اللغات، والتي لا نفهم منها شيئاً (أحياناً) سوى عذوبتها، فكيف إذا كانت الأغنية، تحكي وجعَ وشجنَ وجمال مدينةٍ سوريةٍ منكوبةٍ، وما أكثر المدن المنكوبة، والأغاني الشجيَّة!؟”.
ولأداء أغنية “عفرين هاتو..”، تحمّس الشباب للمشروع، وتدربت الفنانة السورية الشابة إيلاف نصيرات وهي من مدينة درعا، على اللغة الكردية التي لم تتكلم بها من قبل، فأجادت وأتقنت، وانغمس العازفان، السوري “عبود عودة”، والتشيلي “خوسية”، في قرارة اللحن، ليقدما عملاً مشتركاً واعداً.
تقول الفنانة السورية “إيلاف نصيرات”: “تمت دعوتي من قبل الأستاذ أسامة دادا، لأداء أغنية عفرين هاتو للفنان الراحل عدنان دلبرين من مدينة عفرين، فلم أتردد أبداً، وبدأت بتعلم اللغة الكردية، التي لم يكن لي سابق عهدٍ بها أبداً، لكن الموسيقا كلغة عالمية شدتني على هذا العمل، إضافة على تعاطفي مع عفرين كمدينة منكوبة”.

وأشارت إلى أن تجربتها مع الأصدقاء المشاركين بهذا العمل، “كانت تجربة رائعة وإنسانية بحتة، ورسالة حب لكل أصدقائنا وأهلنا من وفي عفرين خاصة، والشعب الكردي بكل العالم عامةً”.
من جهته قال المخرج والكاتب المسرحي والسينمائي “محي الدين أرسلان”: “أن تغني بغير لغتك فهو محل تقديرٍ واحترامٍ. أما أن تغني لمدينة هجر سكانها قسراً ومكرهين، وأنت تقف في الجانب المحتل للمدينة فهذا يدعو إلى الريبة والشك في حسن النوايا. وأراها تكريساً للتغير الديمغرافي في مدينتي.. أن نتعايش معاً كل بحسب ثقافته ومعتقداته فهو مصدر رُقيٍ لبلدنا، أما أن تذوب ثقافة لتنمو أخرى، بالغصب، فهذا النقيض..”.
ويقول أحد المعلقين على صفحات التواصل الاجتماعي: “لقد بحثت عن التقسيم في هذا الكلام فلم أعثر عليه، لم أجد إلا الجمال والمحبة وبالعكس تماماً، وجدت التواصل ومد الجسور، وتساءلت يا ترى: هل العازف التشيلي الذي غرق في اللحن وكأنه ابن البيئة التي أنتجته، هل فكر في شيء من هذا القبيل؟”.
بدوره، قال “خوسية” التشيلي”: “بصفتي موسيقياً من قارة بعيدة مثل أميركا الجنوبية، فإن إتاحة الفرصة لمشاركة لغة الموسيقى مع أشخاص من مختلف أنحاء العالم كانت تجربة تعليمية لا حصر لها، ودرساً في الإنسانية الكاملة”.
وأضاف: “تسمح لنا الموسيقى بالحوار والتعبير والتعرف على قصصنا، والتي على الرغم من تباعدها الجغرافي، فإنها تتحد في رسالة حب عالمي”.
وقال، أيضاً: “ليس لدي كلمات للتعبير عن المشاعر التي أشعر بها عند عزف موسيقى من الثقافة الكردية الجميلة، مع موسيقيين من سوريا. تتبادل بلداننا وثقافتنا قصص المعاناة والحزن، لكنهم يكافحون كل يوم من خلال أغنية أمل ووحدة ومحبة”.
وخلُص “خوسية” إلى أنه “سعيد جداً” أن تتاح له الفرصة لإظهار الثقافة الكردية الجميلة وجعلها معروفة لأناس من بلده من خلال هذا الاحتضان الموسيقي”.
وتعزيزاً لرسالة الفن والموسيقى الخالدة، يقول عازف البزق السوري الحمصي عبود عودة: “هدفنا موسيقي بحت.. الموسيقى هي روح المحبة والأخلاق التي وجدناها في أغنية عفرين هاتو الجميلة جداً للراحل عدنان دلبرين، وقمنا بتقديمها بعد تدريبات مع الأستاذ الكبير أسامة دادا”.

ولاقى العمل رواجاً على مواقع التواصل الاجتماعي بين مؤيد ومعارض، منهم من كان راضياً جداً عن هذا العمل، وشكروا هذه الشراكة الجميلة، ولعفرين ودرعا وحمص وتشيلي, ومنهم من علق بـ: “أجل، هي سوريا التي نُحب ونريد”. كما عنون الكثير من المتابعين مشاركاتهم لهذه الأغنية على صفحاتهم.