اعتقالات ومداهمات لشركات في حماة وفرض مبالغ كبيرة

حماة- نورث برس

اضطر غيث الموسى (62 عاماً)، وهو اسم مستعار لصاحب معمل رخام في حماة وسط سوريا لدفع مبلغ ثلاثة مليارات ليرة سورية من أجل كف يد الجمارك وفروع الأمن الحكومية عن شركة الرخام التي يمتلكها.

يقول لنورث برس إن دورية للجمارك عثرت في معمله على رخام أجنبي، لكنها لم تكتفِ بمصادرة البضاعة، بل اعتقلت ابنه وعمالاً له.

ويمتلك “الموسى” معملاً للرخام على طريق حماة- حمص، ويقوم أيضاً بقص أصناف مستوردة بحسب طلبات زبائنه.

ويصف تجار وأصحاب منشآت صناعية في حماة حملة المداهمات التي أسفرت عن غرامات واعتقالات مؤخراً “بالأكبر من نوعها في المدينة”، إذ طالت شركات وتجاراً وأصحاب رؤوس أموال.

ويسود التوتر والخوف بين التجار والصناعيين الذين اكتفى بعضهم بإغلاق منشآتهم، بينما فضّل آخرون التواري عن الأنظار.

مبالغ بمليارات الليرات

ويضيف صاحب معمل الرخام إنه أجرى مفاوضات مع “عناصر النظام” من الجمارك والأفرع الأمنية، من أجل عدم إحالة الملف إلى دمشق بداية.

لكن تلك الجهات طالبته بدفع سبعة مليارات ليرة عندما طلب إطلاق سراح ابنه وعماله وفك الحجز عن أمواله.

 وتمكن التاجر “بعد وساطات” من تخفيض المبلغ لثلاثة مليارات ليرة دفعها في فرع أمن الدولة بحماة، “وتم الإفراج عن المعتقلين ووعدوني بفك الحجز عن المعمل والأموال”.

وقال فايز الطباع (39 عاماً)، وهو مقرب من غرفة تجارة حماة، إن عشرات الشركات والمحال التجارية والمستودعات تم مداهمتها الأسبوع الماضي بحثاً عن بضائع أجنبية.

وأضاف أن الحكومة فرضت أموالاً بمليارات الليرات على أصحاب شركات كبرى، بالإضافة لاعتقال أصحابها وبعض العاملين فيها.

ونقل “طباع” عن مسؤول حكومي (لم يذكر اسمه) أشرف مؤخراً على اجتماع لمديرية التجارة قوله إن من حق الدولة ملء خزينتها عبر التجار وأصحاب الشركات الكبرى.

وأشار إلى أن هذا ما أسفرت عنه المداهمات الأخيرة في مدينة حماة. 

شركات أغلقت أبوابها

ويقول تجار محليون إن المداهمات الحالية تشمل للمرة الأولى “شركات كبرى” بينما كانت تتركز سابقاً على المنشآت الصغيرة.

وصرف أصحاب شركات، لم تطل الحملة بعضها بعد، العاملين لديهم وأغلقوا أبواب منشآتهم لحين توقف المداهمات والاعتقالات التي يخشونها.

وقال مازن رواس (43 عاماً)، وهو عامل في شركة أحذية بريف حماة، إن صاحب الشركة صرف العمال وأوقف العمل في الشركة “حتى إشعار آخر”.

وأضاف أنه تمت مداهمة الشركة التي يعمل بها في منتصف ليلة التاسع- العاشر من هذا الشهر، وتمت مصادرة كافة الأموال التي كانت موجودة فيها بسبب وجود مواد أجنبية المنشأ داخل المعمل.

وعلل وجود تلك المواد بأنها “تستخدم في صناعة الأحذية”.

“وتم اعتقال مسؤولين للشركة وفرض مبلغ 50 مليار ليرة سورية (وهو مبلغ كبير) من أجل عدم اعتقال رئيس الشركة وعدم الحجز على ممتلكاته”.

لكن أصحاب منشآت أخرى قاموا بنقل بضائعهم لتخبئتها وقاموا بدورهم بالاختباء في منازل أقربائهم خوفاً من الاعتقالات.

وقالت سعاد النمرة (24 عاماً)، وهو اسم مستعار لفتاة في حي غرب المشتل، إن شقيقها التاجر اضطر للمغادرة مع عائلته لمزرعة بعيدة، “بعد اعتقال شريكه الذي يعمل في صناعة الألبسة ومصادرة أمواله”.

وأضافت أن التهمة كانت وجود مواد أولية أجنبية في المنشأة، رغم أن تلك المواد تستخدم في صناعة الألبسة.

وحتى الآن، لا يعلم شركاء التاجر مصيره، إذ مازالوا يتواصلون عبر وسطاء مع أفرع الأمن لإطلاق سراحه مقابل المال”.

“الشبيحة يدخلونها”

ويتهم تجار الحكومة السورية بالتضييق عليهم ومقاسمتهم أرزاقهم والسعي لتعبئة خزينتها المنهارة على حساب خسارتهم.

وقال صبحي المدني (58 عاماً)، وهو اسم مستعار لصاحب معمل للسيراميك في حماة، إن المداهمات التي لم تهدأ الأسبوع الماضي تهدد معاملاً تقوم بتوريد البضائع لباقي المحافظات.

ولدى عناصر الدوريات صلاحيات بكسر وخلع المستودعات وأبواب المعامل دون اللجوء لصاحبها او أخد إذن منه، بحسب “المدني”.

 ورأى أن مهمة الجمارك تكمن على الحدود وليس داخل البلد، “فهذه البضائع دخلت إلينا من الطرق النظامية والتي تحوي عشرات الحواجز وعناصر الجمارك”.

وقام “المدني” بإفراغ منشأته من البضائع المستوردة “وذلك بعد مداهمة عدد من الشركات الملاصقة لمعملي”.

وأشار إلى أن “الأنكى من ذلك هو أن موالين للحكومة هم من يوصلون البضائع القادمة من الحدود للتجار، فسيارات الشبيحة تعبر الحدود أمام أعين الجمارك، لكنهم يصادرونها بعد شراء تجار لها”.

إعداد: علا محمد- حكيم أحمد