“مات تحت التعذيب”.. مقتل شخص في سجن بسري كانيه

الحسكة – نورث برس

جثة هامدة، تدرجت الألوان في أنحائها بين الأحمر والأزرق، دم جفَّ بعد أن سال على الوجه، ويتساءل أحدهم “هاي شنو هاي؟” ليرد آخر “تعذيب”، ليكمل الأول “مات تحت التعذيب يا حجي، حتى السكر ماله علاقة به”.

حكمت خليل الدعّار المنحدر من دير الزور بات جثة، بعد توقيفه من قبل فصائل المعارضة الموالية لتركيا، في مدينة سري كانيه/ رأس العين، شمال شرقي سوريا.

وتداول رواد التواصل الاجتماعي، مقاطع مرئية وصوراً التقطت بطريقة بدائية وعبر كاميرات هواتف نقالة، تُظهر “الدعار ” ممداً داخل كيس أسود، وعلى جسمه ما يقول المرافقون الواقفون بجانب الجثة إنها “آثار تعذيب”.

وتحققت نورث برس من صحة الفيديو عبر مصادرها بداخل المدينة، التي شددت على صحة الفيديو.

وقال أورهان كمال، وهو صحفي من مدينة سري كانيه، لنورث برس، إن الحادثة وقعت الثلاثاء الفائت، “وقتل الدعار جراء تعذيبه من قبل فصائل المعارضة المسيطرة على المدينة”.

وقال يوسف الحمود، الناطق باسم “الجيش الوطني” (فصائل عسكرية موالية لتركيا)، في تصريح لنورث برس، إن “الدعار” توفي خلال فترة احتجازه في أحدى سجونهم، “نتيجة ارتفاع نسبة السكر في الدم”.

وحول وجود آثار تعذيب على جسد المقتول، قال الحمود إن “القضية حوّلت للتحقيق لدى الشرطة العسكرية”.

وأضاف أن “الدعار ألقي القبض عليه مع مجموعة أخرى تعمل كخلية إرهابية بالتنسيق مع قيادات من PYD ومسؤولة عن عدة تفجيرات أثبتت عليها بالاعتراف وبالأدلة القطعية”، بحسب قوله.

ولكن “كمال” أشار إلى أن هناك “تهمتين جاهزتين للمعتقلين، وهي التعامل مع قوات سوريا الديمقراطية، وتنفيذ تفجيرات في المدينة”.

“تعذيب طبيعي”

في الثامن والعشرين من تموز/يوليو، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية، عن حزمة عقوبات استهدفت كيانات تابعة لأجهزة المخابرات السورية وفصيل “أحرار الشرقية” الموالي لتركيا.

وجاء في بيان الخزانة الأميركية: “قررنا معاقبة فصيل أحرار الشرقية الناشط في شمال سوريا، بسبب انتهاكاته لحقوق المدنيين، بما في ذلك القيام بأعمال الخطف والتهجير والتعذيب.”

واعتبر “كمال” أن التعذيب “أمر طبيعي” في سجون فصائل المعارضة، وقال إن “6 أشخاص قتلوا في سري كانيه وتل أبيض جراء التعذيب، منذ سيطرة الفصائل على المدينتين”.

وتسيطر القوات التركية وفصائل المعارضة المسلحة المولية لها، على المدينتين منذ تشرين الأول/أكتوبر من العام 2019، عقب عملية عسكرية.

وأضاف كمال أن نحو عشرين شخصاً اعتقلوا منذ بداية الشهر الجاري في كل من سري كانيه وتل أبيض، بحسب قوله.

وفي السادس من آذار/مارس الفائت، قالت مصادر لموقع “عفرين بوست” المحلي، إن “المسن الكُردي شيخموس قاسم (73 عاماً)، من سكان بلدة ميدان أكبس التابعة لناحية راجو، قتل تحت التعذيب في سجن تابع لفيلق الشام، الذي أبلغ ذويه صباح اليوم السبت لاستلام جثمانه.”

إلا أن الناطق باسم” الجيش الوطني” رفض تسمية التعذيب بـ”الظاهرة، حيث لم يثبت أن الوفاة تحت التعذيب”.

وقبل أسبوعين، تداول رواد التواصل الاجتماعي مقاطع مرئية يظهر فيها عنصرين، وهم يعذبون شاباً بالضرب على كامل أنحاء جسده وشتمه بعد تعريته بشكل كامل، وحلق شعره بطريقة مبعثرة.

وقال ناشطون إن عناصر فصيل “صقور السنة” الذي يقوده “أبو نور حسان”، عذبوا الشاب “كونه غلط بحق أهالي دير الزور”.

“لا محاسبة”

ووثقت منظمة سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، وهي منظمة سورية حقوقية، اعتقال 17 شخصاً في منطقتي سري كانيه وتل أبيض وقتل أحدهم تحت التعذيب، واعتقال 91 آخرين في عفرين بينهم نساء وأطفال، خلال شهر آب/ أغسطس الفائت.

وقالت المنظمة في تقريرها إن علي الأحمد (35 عاماً)، اعتقل في الأول آب/أغسطس من قبل جهاز “الشرطة المدنية” أثناء محاولته العبور إلى تركيا بطريقة غير شرعية، وتعرض خلال الاعتقال للتعذيب على يد عنصرين في الشرطة المدنية ليتم نقله يوم الثاني من آب/ أغسطس إلى “مشفى رأس العين العام” بعد تدهور حالته الصحية، وتوفي فيها فجر يوم الثالث من آب/أغسطس.

المدير التنفيذي للمنظمة، بسام أحمد، قال في تصريح صوتي لنورث برس، إن التعذيب والاعتقال التعسفي “منتشر بشكل كبير في سجون الفصائل، لكننا لا نعلم أعداد المقتولين”.

وتأسف لعدم وجود رادع لهذه الانتهاكات لأن هناك “شعور عميق بالإفلات من العقاب وهناك حماية تركية كاملة لهم”.

ولم يستبعد أن تلعب العقوبات دوراً إيجابياً في ردع هذه الانتهاكات، عندما يتم “فرض عقوبات على الأفراد والهيئات التي يثبت تورطها في القيام بانتهاكات حقوق الإنسان”.

إعداد: هوشنك حسن – تحرير: معاذ الحمد