سكان في حلب تضررت ممتلكاتهم في الحرب لم يحصلوا على تعويض

حلب- نورث برس

لم يحصل محمد منصور (65عاماً) وهو من سكان حي الحميدية بمدينة حلب، شمالي سوريا، على أي مساعدات مالية من لجنة إعادة الإعمار لترميم منزله المتضرر بسبب الحرب رغم تقديمه الطلب منذ ثلاثة أعوام.

وبعد نحو عام من انفجار الحرب في سوريا وتحديداَ في الثالث والعشرين من أيلول/ سبتمبر 2012 وبقرار من رئيس مجلس الوزراء تشكلت لجنة إعادة الإعمار في سوريا.

ومطلع 2014، أصدر مجلس مدينة حلب قراراً يحث فيه الذين تضررت منازلهم على تقديم الثبوتيات والأوراق المطلوبة للحصول على مساعدات مالية للترميم.

وبعد الانتخابات الرئاسية التي جرت خلال عام 2014 وتشكيل حكومة جديدة، وتحديداً في الواحد والثلاثين من كانون الأول/ ديسمبر من ذات العام، عادت رئاسة مجلس الوزراء وأصدرت قراراً رقم 51 يقضي بتشكيل اللجنة مع توكيل المهام للوزراء الجدد.

وبعد عدة اجتماعات دورية لها، قررت اللجنة “الموافقة على صرف قيمة التعويضات المستحقة عن الأضرار التي لحقت بالممتلكات الخاصة، للسكان، غير المؤمن عليها في المحافظات نتيجة الأعمال الإرهابية وذلك وفق جداول معدة ومدروسة من قبل اللجان الفرعية في جميع المحافظات وفق الأسس والنسب المعتمدة للتعويض من قبل لجنة إعادة الإعمار”.

لكن سكاناً في حلب ممن تضررت وتدمرت منازلهم وممتلكاتهم خلال المعارك التي دارت بين القوات الحكومية وفصائل المعارضة المسلحة منذ 2012 إلى 2016 والتقت بهم نورث برس، قالوا إن اللجنة ومنذ تأسيسها لم تقدم لهم أي أموال رغم تقديمهم طلبات على ذلك، معتبرين أن تأسيسها كان “إعلامياً لا أكثر”.

ومنتصف آذار/ مارس 2019 واستناداً إلى صور الأقمار الصناعية، نشر معهد الأمم المتحدة للبحث والتدريب أطلساً أشار إلى أن محافظة حلب شهدت أكبر نسبة دمار في سوريا، وذلك بوجود 35722 مبنى متضرر بشكل جزئي وكلي.

“إجراءات معقدة”

وفي 2013، تضرر جزء من منزل “منصور”، نتيجة المعارك التي دارت في الحي، فتقدم بطلب إلى اللجنة أرفقه بجميع الأوراق المطلوبة “ولكني لم أستلم شيئاً إلى الآن”.

ورغم أن منزله كان واقعاً في الجزء الخاضع لسيطرة مسلحي المعارضة المسلحة، فقد أقحم في إفادته للشرطة “أن الذين تسببوا في الأضرار بالمنزل هم مسلحي المعارضة”، وفقاً لما ذكره لنورث برس.

وأثناء المعارك في حلب ، كان حي الحميدية مُقسم إلى قسمين، أحدهم خاضع لسيطرة مسلحي المعارضة والآخر خاضع لسيطرة القوات الحكومية والفصائل الموالية لها.

ويذكر “منصور” أن رقم إضبارته في المحكمة 2145، “عندما أقوم بمراجعتهم لا أحصل إلاّ على إجابة: لا تأتي الميزانية من مجلس الوزراء”.

ويتم تقديم الطلب من خلال كشف إطلاع من السجل العقاري موضح فيه السكن والمساحة ورقم المنطقة السكنية والمقسم وفرز العقار.

كما يضاف إليه طلب إلى المحامي العام الأول بحلب، وثم يحول إلى قسم الشرطة لتنظيم ضبط في الحادثة التي حلت بالمنزل لبيان يوم وشهر وعام وقوع القصف على المنزل وبيان صاحب الضبط بالتسجيل بأن السبب في تضرر منزله هو نتيجة قصف من مسلحي المعارضة المسلحة.

وبعدها يتم تحويل الأوراق إلى قطاع البلدية الذي يقع ضمنه البناء لتنظيم لجنة السلامة العامة لتتطلع على الأضرار وتُقدر المبلغ اللازم لإصلاحها ليتم إرسالها فيما بعد إلى وزارة الإدارة المحلية والبيئة.

ويرى سكان أن تلك الإجراءات “معقدة” ويطلب تنفيذها محامٍ أو مسير معاملات، “دون فائدة”.

وبحسب مصدر من لجنة إعادة الإعمار في حلب فقط بلغ عدد المتقدمين للحصول على تعويضات عن ممتلكاتهم المدمرة إلى الآن 15 ألف شخص، ولم يستلم منهم سوى ما يقارب 1900 شخص.

“منح وهمية”

وعام 2018، تقدم وليد سلامة (69عاماً) وهو من سكان حي صلاح الدين بحلب إلى مجلس المدينة للحصول عن تعويض لترميم منزل، “ولكن الجواب كان بأن منزلي ليس مفروز لدى المحكمة وليس ضمن الطابو الأخضر”.

ويشير “سلامة” إلى أن تكلفة إصلاح المنزل لا تقل عن 100 مليون ليرة سورية.

لكن محمود المحمود، وهو اسم مستعار لموظف في لجنة تقييم الأضرار في مجلس مدينة حلب، قال إن موقع عقار وليد سلامة المتضرر ضمن حصيرة، (مجموعة أبنية تقع جانب بعضها البعض وتحمل نفس رقم العقار)، تعود إلى عقار واحد وهو بناء مخالف، لأنه لا يعود بالملكية إلى طابو أخضر”.

ويشير إلى أن “سلامة” قد استملك العقار بموجب قرار محكمة وأنه ليس مدون في السجل العقاري، “لذلك ليس من صلاحيات المجلس دفع أي تعويضات له”.

ويرى الموظف الحكومي أن الحل الوحيد للحصول مستقبلاً على تعويض هو قيام صاب المنزل بإصلاحه على نفقته الخاصة “وبشكل سري بعد دفعه مبالغ مالية إلى مراقبي القطاع التابعين للبلدية كي لا يتم منعه باعتبار أن منزله مخالف أساساً”.

لكن “سلامة” قال إن البلدية “لن تسكت على الترميم إن تم بشكل سري وقد أتكلف في دفع رشاوي تصل قيمتها إلى ما يزيد عن إعادة الترميم“.

وفي 2016، حصل عماد شلحاوي (55عاماً) وهو من سكان أحياء حلب الشرقية على تعويض مالي قدره 250 ألف ليرة عن منزله المدمر.

ولكن أثناء بدئه بترميم المنزل، انصدم بدورية من بلدية قطاع الأنصاري، تطلب منه ترخيصاً جديداً لإعادة الترميم والتي كلفته آنذاك 200 ألف ليرة سورية.

ويقول “شلحاوي” ساخراً، “الحكومة السورية تعطيك من جهة وتأخذ منك من جهة أخرى وكأن الأمر أشبه بمنح وهمية لا أكثر”.

ويضيف: “يا لها من حكومة تدفع في اليمين وتأخذ في اليسار، واعمر يا بلد لتعمر”.

إعداد: آردو حداد- تحرير: سوزدار محمد