سنة دراسية رابعة وطلاب نازحون من عفرين بلا كتب مدرسية

ريف حلب الشمالي- نورث برس

 منذ نزوحها من مسقط رأسها منطقة عفرين لريف حلب الشمالي، شمالي سوريا، تواجه رانيا الحسين وهي طالبة في الصف العاشر في مدرسة قرية تل قراح صعوبات في سير دروسها بسبب عدم توفر الكتب المدرسية، أبرزها حاجتها لمزيد من الدفاتر وتمضية الوقت في نقل الدرس إلى الدفتر بدل مناقشة محتواه واستيعابه. 

ومنذ أكثر من ثلاث سنوات، تمنع الحواجز الأمنية التابعة للحكومة السورية بالقرب من مدينة منبج، عبور الكتب التي تعتمدها الإدارة الذاتية ومستلزمات تعليم كالمقاعد والألواح والخرائط الجغرافية والأدوات التي تستخدم في المواد العلمية، إلى مناطق تواجد نازحي عفرين بريف حلب الشمالي.

وبعد سيطرة تركيا على عفرين في آذار/ مارس 2018، نزح ما يقارب 300 ألف شخص إلى ريف حلب الشمالي، بحسب إحصائيات الإدارة الذاتية في عفرين.

ويتوزع قسم من النازحين في خمس مخيمات هي برخدان والعودة وعفرين والشهباء وسردم، بينما يتوزع آخرون على 42 قرية وبلدة في محيطها.

وتقول الطالبة رانيا إن عدم توفر الكتب يؤثر سلباً على استيعابهم، “نقضي معظم الحصة الدراسية بكتابة الدرس على الدفاتر التي تحولت لكتب، الأمر الذي لا يتيح لنا للمناقشة والاستفسار”.

وتشير إلى أن الحاجة لشراء المزيد من الدفاتر بات عبئاَ مادياً إضافياً على عائلاتهم، “سابقاً كنا نشتري عدة دفاتر لكتابة الملاحظات الهامة، لكن اليوم بعدد المواد نشتري دفاتر”.

والأحد الماضي، بدأ العام الدراسي الجديد 2021 ـ 2022 في مدارس الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا ومنطقة تواجد نازحي عفرين شمال حلب.

“النظام يرفض مناهجنا”

وقالت بريفان خليل، وهي الرئيسة المشاركة لهيئة التربية والتعليم في إقليم عفرين، إن كل محاولاتهم وعلى مدار ثلاث سنوات لتأمين الكتاب المدرسي من مناطق الجزيرة، “باءت بالفشل، حيث تمنع الحكومة كلياً مناهجنا الدراسية من العبور إلى المنطقة”.

وتشير إلى أن الهيئة تواصلت مع منظمة “اليونسيف” ومنظمات حقوق الإنسان للتدخل والسماح بدخول الكتب إلى ريف حلب الشمالي، “لكننا لم نتلقَّ مساعدة”.

وبعد خروج مناطق عفرين وكوباني والجزيرة عن السيطرة الحكومية عام 2011، اعتمدت الإدارة الذاتية منهاجاً تعليمياً يستند لمبدأ بدء التعلم باللغة الأم في مناطق سيطرتها، بدلاً من التعليم باللغة العربية فقط.

وبداية العام الدراسي 2014- 2015، بدأت الإدارة الذاتية في عفرين بتدريس مناهجها لثلاثة صفوف أولى، زادتها تباعاً حتى شملت كافة المراحل الدراسية، تلتها كوباني والجزيرة بتطبيق ذلك في العام الدراسي 2015-2016.

وأنجزت الإدارة الذاتية وعلى مراحل المناهج الدراسية باللغات المحلية الثلاث العربية والكردية والسريانية إلى جانب مادة للغة الإنكليزية.

عفرين - طلاب اثناء االدوام المدرسي - نورث برس

وهذا العام، استقبلت مدارس هيئة التربية في الإدارة الذاتية لإقليم عفرين والعاملة حالياً بمناطق بريف حلب الشمالي، 16 ألف تلميذاَ وطالباً للمراحل التعليمية الثلاث، بحسب الرئاسة المشتركة للهيئة.

وقبل بدء العام الدراسي، جهزت الهيئة خمس مدارس في قرى بريف حلب الشمالي، كانت قد خرجت عن الخدمة خلال السنوات الماضية بسبب المعارك، ليصبح مجموعها80 مدرسة، إضافة إلى خمس مدارس في المخيمات، بكادر تدريسي بلغ 850 معلماً ومعلمة.

إمكانات مادية ضعيفة

ولاتمتلك الهيئة، بحسب “خليل”، إمكانات مادية لشراء مطبعة كتب، فعمدت لنسخ “عدد قليل” من الكتب بالطابعات الصغيرة المتوفرة، “وهي غير كافية للطلاب”.

ولا تلقى  تلك الكتب استحسان طلاب وخاصة تلاميذ المرحلة الابتدائية “لأنها منسوخة باللونين الأبيض والأسود”، بحسب “خليل”.

وفي هذه الاثناء، يقوم المعلمون وبعد تحضير الدروس في المنازل واختصارها، بكتابتها على السبورة، ليقوم الطلاب بدورهم بكتابتها على دفاترهم، وهو ما يستهلك وقتاً أطول.

 ويقول معلمون في المنطقة إنهم يضطرون لتخصيص حصة لكتابة الدرس وأخرى للشرح وهو ما يؤثر على عدد الدروس خلال الفصل الدراسي الواحد، لا سيما مع مخاطر التوقف إذا ما فُرضت فترات إغلاق من الجهات الصحية بسبب جائحة كورونا.

 ويقول حنّان عثمان، وهو معلم مادة تاريخ في إحدى مدارس ريف حلب الشمالي، إن عدم توفر الكتب يؤثر على استيعاب الطلاب، “وخاصة أن بعض الدروس تحتاج للصور والخرائط وأدوات لإيصال الفكرة للطالب”.

ويرى أن اتباع هذه الوسيلة في التعليم “لا تفي بالغرض، لأن الطالب قد ينقل معلومة بشكل خاطئ من السبورة، كما أنه يفتقد للتعمق لعدم تلقيه جميع المعلومات المحيطة بموضوع الدرس”.

قصف تركي متكرر

ويشير المعلم إلى أن ظروف النزوح والسكن في المخيمات مع تعرض المنطقة للقصف من قبل القوات التركية وفصائل المعارضة المسلحة الموالية لها بشكل متكرر، يشكل تحدياً آخر للطلاب.

وفي الثاني من كانون الاول/ ديسمبر 2019،  نفّذت القوات التركية وفصائل المعارضة المسلحة قصفاً صاروخياً مكثفاً على بلدة تل رفعت بريف حلب الشمالي حيث يسكن نازحون من عفرين.

وأدى القصف الصاروخي حينها إلى فقدان عشرة أشخاص لحياتهم منهم ثمانية أطفال، وإصابة ثمانية أشخاص آخرين.

وفي كانون الثاني/ يناير الماضي، قضى أربعة مدنيين وأصيب أكثر من عشرة آخرين، في قصف تركي استهدف مدينة تل رفعت بريف حلب الشمالي.

وفي الحادي عشر من تموز/ يوليو الماضي، أصيب أربعة أشخاص، بينهم طفل، في هجوم تركي بطائرة مسيرة استهدف مركز مدينة تل رفعت.

يقول المعلم “عثمان”: “القصف المتكرر يؤثر على الحالة النفسية للتلاميذ، وخاصة أنهم عاشوا سابقاً وعلى مدار 58 يوماً القصف التركي على عفرين.”

إعداد: دجلة خليل- تحرير: سوزدار محمد