طفلة في القامشلي تربط اسمها بمشروع لكتب الأطفال

القامشلي- نورث برس

افتتحت رونا عكيد (13 عاماً)، بداية هذا الشهر، مكتبة خاصة بكتب الأطفال هي الأولى من نوعها في القامشلي شمال شرقي سوريا.

ورغم تدهور الأوضاع المعيشية وتراجع الاهتمام بالقراءة وحتى مستوى التعليم بعد عشرة أعوام من الحرب وأزماتها، أصرت الطفلة على تحقيق حلم راودها منذ أعوام، وذلك بدعم وتشجيع من عائلتها.

 ومساء الرابع من أيلول/سبتمبر الحالي، وقفت الطفلة وسط الكتب في مكتبتها بشارع منير حبيب في مدينة القامشلي معلنة السير نحو هدفها “دفع الأطفال للقراءة لا سيما بلغتهم الأم الكردية”.

شغف ودعم

تقول رونا، لنورث برس، إن فكرة افتتاح مكتبة خطرت لها قبل سنوات وسط اهتمام عائلتها بالشأن الثقافي والأدبي، وخاصة والدها الكاتب، فالوسط الثقافي وكثرة جلسات الكتاب في منزل العائلة، أشعل شغفها بالقراءة.

وتضيف أنها لم تكن لتحقق حلمها دون دعم والدها الذي ساعدها في جمع الكتب من مكتبات محلية ومن مدينة ديرك وإقليم كردستان العراق والمدن الكردية في تركيا.

ورونا هي الابنة الصغرى للعائلة التي تضم أخاً وأختاً يكبرانها سناً.

تقول إنها كانت تتمنى افتتاح مكتبتها في “حديقة القراءة” وسط مدينة القامشلي، لكن هيئة الثقافة في الإدارة الذاتية لم تسمح بافتتاح مكتبة خاصة في حديقة عامة.

ورغم أن المكتبة ضمت في الأيام اللاحقة لافتتاحها حقائب مدرسية وقرطاسية تزامناً مع افتتاح المدارس، إلا أن صاحبتها تصر على أنها ليست “مشروعاً تجارياً، الهدف هو تشجيع الأطفال على القراءة، خاصة بلغتهم الكردية”.

180 عنوان

وتضم المكتبة ما يقارب 180 عنواناً، أكثر من نصفها باللغة الكردية ونحو 50 أخرى بالعربية، بالإضافة إلى 35 كتاباً باللغة الإنكليزية.

ومنذ دخولها المدرسة عام 2014، تدرس رونا وأطفال آخرون في مدن شمال وشرقي سوريا مناهج الإدارة الذاتية التي تعتمد على مبدأ اللغة الأم في الصفوف الأولى، لتضاف إليها مادة لغة محلية (العربية أو الكردية) ولغة أجنبية (الإنكليزية) لاحقاً.

وقبل إقرار تلك المناهج، لم يكن بالإمكان توقع وجود زبائن أطفال يقرؤون باللغة الكردية الممنوعة في المدارس، وحتى أن الكتب الكردية في مكتبات الأسواق كانت محظورة إلا ما ندر منها.

أما الآن، فإلى جانب المركز الثقافي العربي وسط المربع الأمني (منطقة تحت سيطرة الحكومة) في المدينة والمكتبات الخاصة التي تبيع كتباً في مركزها، توجد مكتبة “آمارا” العامة التي تضم كتباً كردية ومكتبة “بنداروك” الخاصة التي تبيع مؤلفات للكثير من الكتاب الكرد إلى جانب الكتب الأخرى.

وتختص مكتبة رونا بكتب الأطفال دون غيرها، لأن صاحبتها تعتقد أن الاهتمام باللغة الكردية سيؤثر على تقدم الثقافة والفلكلور وكل ما يتعلق بحياة الكرد ومجتمعهم.

نشاطات ومشاريع

وللطفلة نشاطات سابقة في الوسط الثقافي والفني بمدينتها، فقد بدأت تعلم العزف على آلة العود أواخر العام 2018، ولها خمس أغان مصورة “فيديو كليب” بمشاركة الفنانين المحليين جوان كنعو وعامر رمو وإييو جان.

كما أنها أشرفت لعامين على التوالي على قسم لكتب الأطفال في معرض “هركول” للكتاب في القامشلي، والذي تقيمه هيئة الثقافة في الإدارة الذاتية.

وتصف رونا مكتبتها الآن “بالمعرض الدائم لكتب الأطفال”، وتعتقد أن إطلاق اسمها، الذي يعني “النور” باللغة الكردية، على المكتبة يوضح الهدف التنويري الذي تهدف لتحقيقه بين الأطفال.

وتنفي رونا أن يكون لنشاطاتها تأثير سلبي على دراستها، فهي تدرس الصف السابع هذا العام، وتجلس في مكتبتها في ساعات بعد الظهر.

وتبدو صديقتها هيفي عثمان (11 عاماً)، التي حضرت لمساعدتها في ترتيب الكتب، معجبة بالمشروع الذي سيساهم في توفير كتب الأطفال في حيها.

ويقول والدها قادر عكيد إنه يعمل مع ابنته على مشروع مجلة للأطفال باللغة الكردية، سيساهم فيها كتاب بارزون في المنطقة.

كما تسعى الفتاة لعقد جلسات قراءة جماعية ومناقشة كتب مع مؤلفيها، وترى أن هذه المشاريع كلها تصب في خدمة الهدف ذاته، إشاعة القراءة وزيادة الاهتمام باللغة الكردية.

إعداد: جودي يوسف- تحرير: حكيم أحمد