ظروف صعبة لنازحي سري كانيه في مراكز إيواء بالحسكة
الحسكة– نورث برس
يطالب نازحون من منطقة سري كانيه (رأس العين)، يعيشون في مدارس بمدينة الحسكة شمال شرقي سوريا، بنقلهم للمخيمات أو إيصال المساعدات الإغاثية لهم أسوة بمن يقيمون فيها، لكن مسؤولين في الإدارة الذاتية رفضوا التعليق مجدداً على المسألة.
ويتهم النازحون منظمات عاملة في المدينة ومكتب شؤون المنظمات في الإدارة الذاتية بعدم الالتفات للأحوال المعيشية الصعبة لعائلات رفض بعضها سابقاً مغادرة مراكز الإيواء المؤقتة نحو المخيمات.
وتبدو النازحة المسنة عائشة محمد (77 عاماً) مجهدة أثناء حديثها عن معاناتها في شعبة صفيّة بمدرسة “عبلحد موسى” في حي العمران بالحسكة والتي تسكنها منذ عامين.
تقول إن حالها كحال 63 عائلة في المدرسة، “لا مساعدات غذائية وطبية وإغاثية هنا”.
وعام 2019، تسبب غزو تركيا بمشاركة فصائل المعارضة المسلّحة الموالية لها على منطقتي سري كانيه وتل أبيض، بنزوح نحو 300 ألف شخص، وفق بيانات الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، استقر معظم نازحي تل أبيض في مدينة الرقة وأريافها ومخيم تل السمن، 40 كم شمالها.
بينما استقر قسم من نازحي سري كانيه في مخيم “واشو كاني” الذي أنشأته الإدارة الذاتية، 13 كم غرب الحسكة، و80 مدرسة بمدينة الحسكة وريفها بالإضافة لمدارس في مدن أخرى، بينما سكن من يستطيعون تحمل تكاليف المعيشة في المدن والبلدات.
وفي أيلول/ سبتمبر العام الماضي، أعلنت الإدارة الذاتية عن بدء “نقل كافة النازحين الموجودين في مختلف المدارس في الجزيرة” للمخيم الجديد “سري كانيه” الذي أنشأته شرق الحسكة، لكن بعض العائلات رفضت الانتقال، كما أن المخيم لم يستوعب الأعداد الكبيرة.
“إلى أين نذهب؟”
وتجد “محمد” التي تعاني من أمراض القلب والفشل الكلوي والضغط وضعف شديد في البصر، صعوبة “بالغة” في شراء أدويتها في ظل غياب تام للمساعدات من قبل المنظمات الدولية والمحلية.
وتتمنى النازحة المسنة لو تتمكن من العودة إلى منزلها لإنهاء معاناتها هذه، وتقول: “نضطر حتى لشرب المياه المرة، نعاني كثيراً، ماذا نفعل؟ إلى أين نذهب؟”
وقبل نحو شهرين، تم توسيع مخيم سري كانيه بـ 1016 خيمة جديدة في مساحة 185 دونماً, لتصبح مساحته الكلية 785 دونماً تضم 3656 خيمة، بحسب يوسف شيخموس, الرئيس المشارك لإدارة المخيم.
لكن نازحين ما زالوا في مراكز الإيواء قالوا إنهم حاولوا بعد انقطاع المساعدات عنهم الانتقال إلى المخيمين، “إلا أن جميع المحاولات باءت بالفشل لعدم وجود أماكن لنازحين آخرين في المخيمين”.
ولا يجد محمد سالم (36 عاماً)، وهو نازح يسكن في مدرسة “عبلحد موسى”، خياراً سوى تحمل الظروف السيئة في المدرسة، “فلم أحصل على دور للانتقال للمخيم ولا قدرة لي على استئجار منازل”.
وناشد النازح مكتب شؤون المنظمات في الإدارة الذاتية للضغط على المنظمات العاملة في المخيمات كي تقدم لنازحي مراكز الإيواء ولو سلة غذائية شهرياً، “هؤلاء أيضاً نازحون من رأس العين”.
لكن مسؤول مكتب الشؤون الانسانية في الإدارة الذاتية رفض الإدلاء بأي تصريح حول أسباب قلة الدعم المقدم للنازحين في مراكز الإيواء من جهة المنظمات الدولية والجمعيات المحلية العاملة في المنطقة.
كلام النازحين عن عدم استقبالهم حالياً في المخيم، أكدته إدارة مخيم سري كانيه التي قالت، لنورث برس، إنهم لا يستطيعون حالياً استقبال أعداد أكبر من النازحين.
وأشارت إدارة المخيم إلى خطة لإنشاء 700 خيمة إضافية في الفترة القادمة لاستقبال العائلات الموجودة في المدارس، والتي يقول مسؤولون محليون إن بقاءهم هناك يحرمهم من احتياجاتهم ويتسبب بازدحام تلاميذ في مدارس قريبة مع بدء العام الدراسي هذا الشهر.
شتاء ومرضى
وتقول الإدارة الذاتية إنها أنشأت المخيمات لنازحي سري كانيه وتل أبيض رغم استمرار إغلاق معبر اليعربية الإنساني وتحكم حكومة دمشق في المساعدات الأممية.
وفي التاسع عشر من آب/أغسطس الفائت، قالت الإدارة الذاتية إن وكالات الأمم المتحدة عبر مكتبيها الرسميين في دمشق والقامشلي تتبع سياسة وأهواء الحكومة السورية من خلال انتقاء مشاريع وفرض شروط للشراكة مع جهات محلية مُرتبطة بالأجهزة الأمنية السورية.
وفي هذه الأثناء، تتفاقم معاناة رجاء أحمد (33 عاماً)، وهي نازحة من ريف سري كانيه تسكن مع عائلتها في المدرسة نفسها، مع احتياج أحد أطفالها الذي يعاني من ثقب في القلب وخلع ولادة للعلاج بشكل دائم.
تقول إنها لا تملك إمكانات شراء الحليب ومعالجته.
ويتطلب وضع الطفل ووفقاً لطبيب مختص ترتاد النازحة عيادته، لمتابعة شهرية، لكن “لا أموال لدي لمتابعة وضعه الصحي ولا مساعدات طبية من أي جهة”.
كما يشتكي النازحون في مراكز الإيواء من عدم قدرتهم على شراء الاحتياجات الأساسية من خضراوات وأدوية وملابس ومستلزمات الشتاء الذي بات على الأبواب.
وتتخوف “أحمد” من اقتراب فصل الشتاء في ظل افتقار عائلتها لمدافئ وملابس شتوية وعدم قدرتها على شراء مازوت التدفئة، إضافة إلى اهتراء البطانيات والإسفنجات التي استلمتها العام الماضي من المنظمات.
تقول النازحة إن المساعدات انقطعت في مراكز الإيواء، في حين “لدي أقارب ومعارف في المخيمات يستلمون مساعدات شهرية”.
ورغم أن بيريفان عبدالحميد (31 عاماً)، وهي نازحة من سري كانيه ووالدة أربعة أطفال، تجد أن الحياة في الخيام أصعب من مراكز الإيواء في المدن، إلا أنها تفضل الانتقال إليها وسط تفاقم أحوال عائلتها المعيشية، “فهناك على الأقل نحصل على سلة غذائية”.
وتضيف: “قضينا الصيف الماضي في المدرسة بلا كهرباء ولا مساعدات غذائية، لو توفرت خيمة في المخيم مقابل مبلغ مالي أستطيع تدبره لانتقلت إليها”.