متابعون: بيان الحكومة السورية فضفاض تغلب عليه الشعارات ويخلو من الأرقام

دمشق ـ نورث برس

وصف معظم المتابعين للبيان الحكومي الذي عرضته الحكومة السورية أمام مجلس الشعب مؤخراً “بالكلام الإنشائي” إذ يخلو من أي أرقام، ويكاد جديده يقتصر على تبديل مصطلحات كاستخدام مصطلح برنامج بدل سياسات، ربما للإيحاء بمدة محددة  للتنفيذ بما لا يتجاوز ثلاث سنوات كما جاء في البيان، وليس كأمر استراتيجي يطرح دون تنفيذ.

وعدِّ البعض أن استمرار الحكومة ذاتها، يعني نقل البيان الوزاري ذاته، لأن “الكلام ما عليه جمرك” كما عقب البعض على بيان الحكومة.

ووضعت الوزارة القديمة ـ الجديدة على جدول أعمالها 28 برنامجاً يخص الواقع الاقتصادي الذي يشكل ضغطاً كبيراً على حياة السوريين.

ولكن هذه العناوين تتكرر بشكل روتيني في بيانات الحكومة، كتحسين مستوى المعيشة الذي قالت الحكومة إنه “يشكل الهاجس الأهم للعمل الحكومي والسياسية الاقتصادية” وذلك من خلال زيادة الأجور والحد من الغلاء.

وعلى هذا البند علق  أيمن حداد وهو اسم مستعار لخبير اقتصادي، أن “أي حديث عن تحسين الوضع الاقتصادي لا يبدأ من الخطوة الأولى الأساسية وهي الزيادة الحقيقة للرواتب والأجور، سيبقى مجرد كلام، وستبقى كل الخطط والبيانات والبرامج عبارة عن كلام نظري غير قابل للتطبيق وسيتم نقله من عام لآخر”.

ومن القضايا التي طرحها البيان الوزاري أيضاً تحسين  قطاع الطاقة والذي يشكل أحد أهم عوامل الضغط اليومي على حياة السوريين دون أن يوضح البيان خطته لتحقيق هذا البرنامج.

تفنيد شعارات

ومن القضايا التي أثارت الكثير من التعليقات، موضوع تطوير القطاع الزراعي وتحقيق الأمن الغذائي الذي طرحته الحكومة.

وطرحت شعارات نظرية مثل: “الارتقاء بأداء سلاسل القيمة للمنتجات الزراعية، وتحقيق التكامل بين القطاع الزراعي وباقي القطاعات في تأمين مستلزمات الإنتاج الزراعي وتسويق المنتجات الزراعية”.

كما تضمن الطرح “تعزيز جهود التنمية المتكاملة مع الاستمرار في تقديم الخدمات المساعدة وتطوير أساليب الدعم للقطاع الزراعي في حدود الإمكانات المتاحة، بما  يضمن رفع معدلات نموه واستقراره وتحقيق أهداف التنمية المستدامة”.

يقول محمد الصالح وهو اسم مستعار لمهندس زراعي ومدير وحدة إرشادية في محافظة طرطوس لنورث برس عبر الهاتف، إن البيان الوزاري “وعود وكلام فقط، بينما العاملين في القطاع الزراعي يريدون حلولاً واقعية”.

ويضيف: “عندما ترفع الحكومة مستلزمات الإنتاج كلها، كيف لنا تفسير بيانها الوزاري، فسعر كيس السماد أصبح 70 ألف ليرة، وهنالك نقض في كل أدوات الطاقة من مازوت وكهرباء وغيرها”.

لا يمكن قياسه

وكما كان سابقه، جاء البيان الوزاري بصيغ عامة فضفاضة غير قابلة للقياس وبالتالي لإصدار حكم مستقبلي على حسن الأداء، كما قال أحد الاقتصاديين في دمشق فضل عدم ذكر اسمه.

وأضاف أن البيان الحكومي ينبغي أن يعرض أمام مجلس الشعب بشكل يمكن قياسه، “فمثلاً، حين تقول الحكومة إن تحسين مستوى المعيشة سيكون الهاجس الأكبر لها، ثم تمر أربع سنوات ولا يتحسن ذلك المستوى، كيف يمكن لمجلس الشعب أن يمارس دوره المفترض ويسأل الحكومة؟! وهو إن فعل ستقول الحكومة إن تحسين المستوى المعيشي كان فعلاً هاجسها الأكبر”.

ويشير اقتصادي في جامعة دمشق لم يرغب في ذكر اسمه لنورث برس، إلى أن المطلوب في البيان الوزاري اعتماد الأرقام، أو المؤشرات التي يمكن قياس نجاح الأداء الحكومي وفقاً لها.

“كأن تقول الحكومة إنها ستسعى لخفض البطالة أو رفع الأجور والرواتب بنسب يجب أن تضعها في البيان، إذ أن تلك النسب ولو بشكل تقريبي يمكن أن تعتمد مؤشراً مستقبلياً لتقويم الأداء، وهو الأكثر جدوى من المعاني الفضفاضة، والشعارات”، بحسب الاقتصادي.

وتساءل: “كيف يمكن لمجلس الشعب أو لأي أحد أن يقيم مستوى تحقيق أهداف صاغتها الحكومة في بيانها على شكل أنها ستستمر بالعمل على تحسين المستوى المعيشي من خلال: الزيادات المدروسة للرواتب والأجور أو متمماتها، وتخفيض تكاليف المعيشة، وتعزيز القوة الشرائية للعملة الوطنية، وضبط الأسواق والأسعار، وعقلنة الدعم وإيصاله إلى مستحقيه، بما يضمن تأمين أفضل شروط ممكنة للعدالة الاجتماعي”.

ويضيف الاقتصادي: “على البيان الوزاري أن يذكر خطوات محددة لكل وعد تطلقه الحكومة، فعندما تقول الحكومة في بيانها إنها ملتزمة بخدمة الشعب، وصون موارد الدولة واقتصادها، والحفاظ على حقوق المواطنين وأمنهم وكرامتهم وحريتهم الشخصية” يجب أن تحدد أساليب تحقيق ذلك”.

ويتوجب على الحكومة، بحسب المصدر، أن تقول مثلاً إنها تتعهد بعدم التعرض لمن يمارس حقه الدستوري في النقد، أو أن تتعهد على الأقل بعدم احتجاز أحد إلا وفق محاكمة عادلة، وعلنية.

ماذا تحقق؟

وتساءلت رشا سيروب وهي دكتورة في الاقتصاد عبر صفحتها عما نفذته “الحكومة المجددة بأمر الواقع” من بيانها الوزاري السابق؟!”.

وورد في البيان الحكومي تحت عنوان (التحديات العاجلة وأولويات العمل الحكومي): السعي لتحسين الوضع المعيشي، توفير السلع الأساسية واستقرار الأسعار، توفير المشتقات النفطية والغاز والكهرباء، معالجة مشكلة مياه الشرب، توفر الدواء.

واختتم البيان بالنص الآتي: “في سبيل تنفيذ السياسات والبرامج الواردة في هذا البيان الحكومي، وتسريع الإنجاز، سيجري وضع مسارات زمنية، ومؤشرات أداء قطاعية، تسمح بتتبع التنفيذ، وقياس جودة المخرجات، وأثرها على التنمية الشاملة وتحسين معيشة المواطن والخدمات المقدمة له، مع التأكيد على أن المواطن يبقى على الدوام منطلق التنمية وغايتها، لإعادة بناء سوريا، دولة مؤسسات حديثة، بالتكامل والحوار بين السلطتين التشريعية والتنفيذية”.

وتساءلت “سيروب” تعليقاً على البيان: “هل بإمكان الحكومة المجددة، بأمر الواقع، عرض تتبع تنفيذ وقياس مخرجات وأثر سياساتها على التنمية الشاملة أمام مجلس الشعب؟”.

إعداد: ريتا علي ـ تحرير: محمد القاضي