مواقع أثرية شمال الحسكة تتعرض لقصف تركي وظروف أمنية تمنع عمليات ترميم
تل تمر – نورث برس
على بعد نحو 10 كم غرب بلدة تل تمر شمالي الحسكة، شمال شرقي سوريا، يعاين صالح سلو وهو حارس معتمد لدى دائرة الآثار في الحسكة، موقعاً أثرياً يقع على خط التماس بين القوات الحكومية والقوات التركية وفصائل المعارضة المسلحة الموالية لها.
ويقول “سلو” إن موقع تل سكر الأحيمر الأثري طرأ عليه العديد من المتغيرات وتعرض للكثير من التخريب نتيجة التقلبات المناخية وسقوط عدة قذائف أطلقتها القوات التركية وسقطت بالقرب منه منذ سيطرة الأخيرة على منطقتي سري كانيه (رأس العين) وتل أبيض في 2019 وخلال تصعيد القصف الأخير.
وبحسب دائرة الآثار في الحسكة، فإن التل يعتبر من أقدم المواقع الأثرية المكتشفة في الجزيرة السورية، ويعود تاريخه إلى ثمانية آلاف عام قبل الميلاد وفق ما اكتشفته بعثة يابانية نقبت في الموقع قبل الحرب السورية.
وفي الآونة الأخيرة، صعّدت القوات التركية وفصائل موالية لها من وتيرة قصفها على بلدتي تل تمر وزركان (أبو راسين) شمال الحسكة، ومناطق في منبج مستهدفة قرى مأهولة ومرافق حيوية في المنطقة، إضافةً إلى قصف سيارات عسكرية في ريف مدينة القامشلي.
والاثنين الماضي، أصيب مدنيان بجروح طفيفة، في قصف للقوات التركية بالقذائف على قرية الدردارة، شمال تل تمر.
وقبله بيوم، استهدفت مسيرة تركية سيارة في قرية هيمو قرب القامشلي، ما تسبب بإصابة قيادي في الآسايش ومدنيين اثنين.
وفي السابع من الشهر الجاري، قتل طفل وامرأة وأصيب نحو 15 آخرون، جراء قصف تركي طال بلدة زركان وعدد من القرى المحيطة بها.
“ترميم شبه مستحيل”
وتضم منطقة تل تمر 55 موقعاً أثرياً، بينها ثلاثة مواقع تقع حالياً تحت سيطرة القوات التركية وفصائل المعارضة الموالية لها، وخمسة عشرة موقعاً تقع على خط التماس، بحسب دائرة الآثار في الحسكة.
وحالياً، يتفقد “سلو” المواقع الأثرية المكلفة بها مرة أو مرتين في الشهر، بسبب الصعوبات والتوترات الأمنية التي تشهدها المنطقة مؤخراً.
ويضيف في حديث لنورث برس: “يصعب علينا المجيء إلى هذه المواقع على الدوام. سابقاً كنت أزور هذه المواقع أكثر من خمس مرات في الشهر لمنع أعمال التخريب أو نقل الأتربة أو البناء فوقه، لكن حالياً نتخوف من الاستهداف”.
ومع مرور الوقت، يلاحظ فعلياً عمليات الجرف والتخريب في أكثر من موقع أثري تم التنقيب فيه سابقاً، بسبب التقلبات المناخية أو القصف التركي الذي طال المنطقة.
ويشير “سلو”، إلى أن هناك عوامل جوية على هذه المواقع نتيجة الأمطار والرياح، إذ أن معظمها تتعرض للتخريب وخاصة الواقعة على خط التماس.
لكن دائرة الآثار في الحسكة تقول إن عملية الترميم ومحاولة الحفاظ على شكل المواقع الأثرية الحالي، تكون شبه مستحيلة في الوقت الراهن، بسبب القصف المتكرر على المنطقة.
وفي التصعيد العسكري الأخير، تعرضت العديد من المواقع للقصف مثل موقع تل اللبن وتل طويلة الوكاع وتل كرابيت وتل جمعة بريف تل تمر، بالإضافة إلى نحو سبعة مواقع على خط تل تمر أبو راسين، وفقاً لما ذكره “سلو”.
ظروف أمنية
وبحسب الحارس، فإن هذه المواقع باتت مهددة بالاندثار مع مرور الوقت إذا لم يتم وضع خطط تحافظ على شكلها الحالي رغم عدم بروز كتل معمارية فيها، نتيجة توقف أعمال التنقيب فيها، على عكس بعض المواقع الأثرية الأخرى في الجزيرة السورية مثل موقعي تل بيدر في الحسكة وتل موزان في عامودا.
وتتمتع مناطق الجزيرة السورية بأهمية كبيرة لاحتوائها على 1043 موقعاً أثرياً، وفق إحصائيات رسمية لمديرية الآثار في الحسكة، معظمها مدرجة على قائمة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو)، وتعود التماثيل والمنحوتات التي عُثر عليها في هذه المواقع إلى حقب تاريخية متنوعة.
وقال عدنان بري، مدير دائرة الآثار التابعة للإدارة الذاتية في الحسكة إن لديهم خططاً للحفاظ على ما تم اكتشافه في هذه المواقع الأثرية “لكن بسبب الظروف الأمنية التي تمر بها المنطقة لا يستطيعون تنفيذها حالياً”.
ويضم إقليم الجزيرة 1043 موقعاً أثرياً، قامت البعثات الأجنبية بالتنقيب في 27 موقعاً أثرياً فقط، بحسب “بري”.
وأضاف في اتصال هاتفي مع نورث برس: “ما يمكننا فعله في هذه الفترة توعية المجتمع المحلي للحفاظ على هذه المواقع الأثرية”.