الذكرى السابعة لمجزرة الشعيطات.. جرحٌ غائر لا يفارق أبناء العشيرة في دير الزور

دير الزور – نورث برس

لا يزال عمر العويد (40 عاماً) يذكر تماماً ما رآه في سجن تابع لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في ريف دير الزور الشرقي.

“تعذيب السجناء كان أمراً اعتيادياً وقد يصل في بعض فصول إلى فصل الرأس عن الجسد لأحد الضحايا أمام بقية السجناء” يقول “العويد”.

وتعرض “العويد” للسجن في فترة سيطرة تنظيم “داعش” على ريف دير الزور.

وفقد “العويد” وآخرون كانوا معه في السجن، حينها، أي أمل بالنجاة بعد تواصل التعذيب بحقهم، حيث أن معظمهم من أبناء عشيرة الشعيطات التي عارضت وجود التنظيم في مناطقها في ريف دير الزور الشرقي.

ويروي “العويد” لنورث برس، قصصاً له ولسجناء آخرين: “من سجن لآخر حتى استقر بنا الحال في سجن الشعفة الأكثر دموية، كنا نشاهد الجثث المعلقة على الجدران والرؤوس التي فصلت عن الأجساد، إضافة للطعام الذي لا يسد الرمق”.

بداية القصة

بعد وصول التنظيم إلى مناطق دير الزور عام 2014، وعقده صفقة مع هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً)، التي انسحبت نحو القلمون ودرعا، سيطر التنظيم على الشحيل (شرقي دير الزور على الضفة الشرقية لنهر الفرات) وجرت المفاوضات بينه وبين عشيرة الشعيطات.

وتضمنت بنود الاتفاق، حينها، أن يدخل التنظيم ويقيم مقار له دون أي اعتقالات ومداهمات تطال السكان وأبناء عشيرة الشعيطات، وبناءً عليه دخل التنظيم في التاسع من تموز/ يوليو عام 2014 إلى بلدة الكشكية.

وطيلة أيام رمضان من عام 2014، كانت الأجواء هادئة، يشوبها الحذر من الطرفين. في حين كانت بعض مقار التنظيم تستهدف من جهات غير معروفة، بحسب ما صرح به قيادي عسكري في مجلس دير الزور، في وقت سابق لنورث برس.

وأضاف “كان هناك الكثيرين من أبناء الشعيطات منتسبين إلى التنظيم، وفي اليوم الثاني من عيد الفطر، الذي صادف أوائل شهر آب/أغسطس، قام التنظيم بجلب قوة كبيرة من حقل العمر وداهم المنازل في بلدة الكشكية، وقُتل أحد أبناء العشيرة في هذه المداهمة”.

وأعلن التنظيم عن أن عداءه مع عشيرة الشعيطات كان على أساس ديني، واتهم أبناء العشيرة بـ”الردة والكفر”.

صدور الحكم

لكن خلفيات هذا الخلاف تعود لرغبة التنظيم للسيطرة على آبار نفط كانت لا تزال بيد مسلحين من أبناء العشيرة. بحسب ما يرويه سكان المنطقة.

حاول التنظيم تعجيل السيطرة على آبار النفط واصطدم بشكل مباشر مع مسلحي عشيرة الشعيطات، وتركزت الاشتباكات في الريف الشرقي لدير الزور.

وفي صيف 2015، أصدر التنظيم المتشدد حكماً بالقتل على كل من يتجاوز عمره 14 عاماً من أبناء عشيرة الشعيطات إحدى عشائر دير الزور، مع مصادرة أراضيهم وبيوتهم وسبي نسائهم.

وارتكب التنظيم حينها، مجزرة راح ضحيتها المئات من أبناء العشيرة.

ورغم عدم وجود توثيقات وإحصاءات لعدد الضحايا حتى الآن، قدرت صحيفة الاندبندت البريطانية ومركز توثيق الانتهاكات في شمال سوريا ومطلعون على المقابر الجماعية العدد بنحو 700 شخص خلال يومي الثامن والتاسع من آب/ أغسطس.

لكن آخرين من العشيرة يقولون إن عدد ضحاياهم على يد التنظيم يفوق 1700 من الأطفال والنساء والرجال، إلى جانب نزوح نحو 150 ألفاً من المنطقة.

مآسي العودة

عودة أبناء المنطقة كانت كفيلة بالكشف عن عشرات الجثث التي دفنت على عجالة على وجه الأرض، والتي تروي بشاعة ما ارتكبه التنظيم بحق سكان المنطقة.

وتكبدت عشيرة الشعيطات خسائر مادية، بعد التهجير القسري الذي فرضه التنظيم عليهم، واستمر ثمانية أشهر، حيث سلبت المواشي والأموال والسيارات، ومحتويات المنازل تم إفراغها، كما دمر التنظيم مئات المنازل التي تعود ملكيتها “لعناصر في صفوف الجيش الحر” حينها، واستملك أكثر من 4 آلاف منزل. بحسب أبناء المنطقة.

وتعرض عبود المحمد (45 عاماً) من أبناء عشيرة الشعيطات لصدمة نفسية، إذ أنه لم يستطع النطق لمدة عشرة أيام متواصلة من هول ما رآه في سجن التنظيم.

واعتقل “المحمد” مع خمسين شخصاً من أبناء عشيرته خلال سيطرة التنظيم على المنطقة عند حاجز الجعابي في مدينة هجين بدير الزور.

وأقدم التنظيم حينها على قطع رؤوس معظم من تم اعتقالهم، “كل رأس يقطعونه يأمرونني بحمله ووضعه على جثة صاحبه”، يقول “المحمد”.

إعداد :أنور الميدان ـ تحرير: زانا العلي