حالات تسمم بسبب قوالب ثلج ملوثة في إدلب وغياب الرقابة على معاملها
إدلب- نورث برس
كاد خالد الفارس (32 عاماً)، وهو اسم مستعار لنازح في مخيمات دير حسان الحدودية شمال إدلب، شمال غربي سوريا، أن يفقد حياته الأسبوع الماضي بعد إصابته وجميع أفراد عائلته بحالة تسمم شديدة نتيجة شربهم مياه ملوثة.
يقول الشاب أنه عرف لاحقاً أن مصدرها قوالب الثلج التي أشتراها من أحد المعامل قريباً من المخيم الذي يسكنه، وذلك بعد سماعه عن حالات أخرى حدثت لأشخاص يعتمدون على مصدر الثلج نفسه.
وتكررت حالات التسمم وأمراض أخرى بين سكان إدلب منذ بداية الصيف، بسبب استعمال قوالب ثلج ملوثة لتبريد مياه الشرب.
ويبلغ سعر لوح الثلج في أسواق إدلب قرابة 14 ليرة تركية (ما يعادل 5.500 ليرة سورية)، غالباً ما تتقاسمه عائلتان للتشارك في دفع ثمنه.
رقابة غائبة
وخلال الشهرين الماضيين، سجّل الطبيب مصطفى بركات (43 عاماً)، وهو اسم مستعار لطبيب يعمل في مخيمات أطمة الحدودية، 146حالة تسمم سببها تلوث المياه.
وذلك في ظل غياب الرقابة الصحية على المعامل المنتجة للثلج، والتي تفتقر لأدنى المعايير الصحية، بحسب سكان وأطباء محليين.
وقال الطبيب “بركات” إن قوالب الثلج تحتوي على بكتيريا تكون بعضها قاتلة نتيجة الصدأ والمواد المنحلة والملحية التي تكون غير صالحة للاستهلاك البشري.
واعتبر يحيى الرشيد، وهو اسم مستعار لصاحب أحد معامل الثلج في مدينة إدلب، أن السبب هو “قيام معظم أصحاب معامل الثلج في إدلب بخلط المياه بمواد ملحية لتسريع عملية التجميد وزيادة الإنتاج بهدف تحقيق الكسب السريع”.
وأضاف أن تلك المعامل تستخدم المياه السطحية التي تُستعمل لري المزروعات، في صناعة قوالب الثلج، لأن تكلفتها أقل من المياه الجوفية العذبة والمياه المعقمة.
وأشار “الرشيد” إلى استهتار بعض المعامل والعمال في التعامل مع قوالب الثلج من خلال عدم ارتداء قفازات، فضلاً عن عدم اتباعهم معايير النظافة، وهو ما يفضي إلى تلوث قوالب الثلج التي أدت لحوادث تسمم كثيرة.
ويقول سكان، التقتهم نورث برس، إن هذه المعامل لا تخضع لأي رقابة تموينية أو صحية، وهو ما أدى لتسابق أصحابها على الربح، دون الاكتراث بحياة الناس.
وتعاني مناطق إدلب الخاضعة لسيطرة هيئة تحرير الشام(جبهة النصرة سابقاً)، وفصائل معارضة موالية لتركيا، من سوء الخدمات وغياب الرقابة الصحية على المنشآت التي تنتج المواد الغذائية.
أمراض متعددة
ويقبل السكان، خاصة في المخيمات، على شراء ألواح الثلج المجمدة بشكل كبير بالتزامن مع ارتقاع درجات الحرارة وانقطاع الكهرباء.
ويتردد رامي العواد (25 عاماً)، وهو اسم مستعار لأحد سكان مدينة سرمدا شمال إدلب، إلى العيادات الطبية منذ ثلاثة أشهر، بعد إصابته بمرض التهاب الكبد، سببه شرب مياه ملوثة، بحسب ما أخبره طبيب مختص.
يقول الشاب إنه يعتمد على المياه الصحية المفلترة والمعقمة للشرب، لكنه عرف أن قوالب الثلج التي يشتريها من المعامل هي من تلوث المياه الصحية أثناء إذابتها في الماء.
وبحسب الطبيب “بركات”، فإنه “يعقب تناول المياه الملوثة عادةً أعراض أبرزها التسمم والغثيان والتقيؤ والمغص والإسهال وآلام في البطن وقد يصل الأمر لجفاف الجسم”.
وتعد أمراض الكوليرا والتهاب الكبد والتهاب المعدة والأمعاء من أكثر الأمراض التي قد يسببها شرب الماء الملوث، وفقاً للطبيب.